أنقذ فان بيرسي الدوري الإنجليزي من مصير الطائر المغرد وحيداً، بعدما أوقف مسيرة تشيلسي وإن كان بالتعادل فقط، بعد أن توقف قطار "البلوز" في مسرح الأحلام، مُجبراً على تقاسم النقاط مع مضيفه مانشستر يونايتد في مباراة فوق المتوسطة لكن بدون متعة كبيرة، ولعلها لم تكن المباراة الأكثر إثارة في إنجلترا هذا الأسبوع، بل كان لقاء وستهام يونايتد ومانشستر سيتي الأبرز.
فان خال غير مستقر ومورينيو يبدأ بالمتاح
في كل مرة يخوض فيها مانشستر يونايتد مباراة يتضح وأن مدربه الهولندي لم يستقر بعد على التشكيلة، ويبدو فان خال اقتنع وأن 4/4/2 لن تخدمه، وأن طريقة "الماسة" ستجعل الفريق يسقط في كارثة أمام "البلوز" لذا قام باستبدال نهجه التكتيكي بـ 4/2/3/1 مع نقل أنخيل دي ماريا للجانب الأيمن للمرة الأولى مع اليونايتد، كما أشرك عدنان يانوزاي ليلعب الفريق الأحمر بـ 7 لاعبين كلهم يلعبون بالقدم اليسرى.
مورينيو كعادته خاض المباراة بالتشكيل المتوقع، ثنائي وسط جيد في الأدوار الدفاعية، ينضم إليهما ويليان حين تستدعي الحاجة، بينما يتمركز هازارد وأوسكار أملاً في اقتناص هجمة مرتدة، لكن تشيلسي تأثر بغياب البرازيلي دييجو كوستا؛ فديديه دروجبا غير قادر على فتح مساحات للثلاثي القادم من الخلف، لعوامل السن وافتقاده القدرة على الركض نحو الأجنحة واكتفائه بدور رأس الحربة المتمركز المنتظر للخدمات من الآخرين.
وكان لقاء القمة الأفضل لروبين فان بيرسي فقد كان يلعب بأريحية وبدون ضغوط، وبدا الهولندي متأثراً بالمنافسة الشديدة بينه وبين فالكاو وروني، لكنه لم يعِ أن النجاح الحقيقي يكمن في خدمة الفريق، فظهر فبدا أنانياً يسعى للتسجيل في كل لحظة لذلك فشل وفقد الثقة، وتجلت لحظة فقدان الثقة عندما واجه تيبو كورتوا فلم يفكر حتى في النظر إليه، وسدد في جسده وكأن في تلك التسديدة الخلاص أياً كانت النتائج.
كيف أوقف فان خال حركة ويليان الشهيرة؟
يعشق جوزيه مورينيو طريقة 4/2/3/1، فالرجل البرتغالي يريد أن يمتلك كل أساليب الهجوم لفريقه، وليس هناك أفضل من تلك الطريقة لمنحه ما يريد، "سبيشال وان" يفضّل دائماً اللعب بأجنحة "interior" وهي التي تنص على تسلم الكرة أو حتى التحرك بدونها إلى داخل الملعب وتشكيل زيادة عددية على حدود منطقة الجزاء، وفي هذا يستخدم البرازيلي ويليان بشكل ذكي دائماً وبتبادل للأدوار أحياناً مع أوسكار لإحداث خلخلة للدفاعات.
فان خال كان يعلم هذا جيداً، لذلك لجأ لحل ذكي وممتاز -وقد لاحظه الزميل نواف التمياط أيضاً في تحليله على قناة بي إن سبورتس- ما فائدة بقاء لوك شو بعيداً في اليسار بينما من يُنتظر أن يراقبه يعبث في الوسط؟
في كل مرة يدخل فيها ويليان لمنتصف الملعب، يتحول لوك شاو إلى لاعب وسط مدافع بجانب دالي بليند على أن يراقب عدنان يانوزاي أي تحركات من جانب برانيسلاف إيفانوفيتش، لذلك بات اليونايتد يلعب بطريقة أشبه بـ 4/3/2/1 في الحالة الدفاعية، فهي طريقة أتت ثمارها في أوقات كثيرة، والخطورة التي اشتهر بها ويليان بهذا التحرك لم تكن حاضرة بل إن كل خطورته كانت من الهجمة المرتدة التي أضاعها دروجبا، بعد أن توغل ويليان هذه المرة من الجانب الأيمن.
الفوارق ظهرت في شوط المدربين
مع إضاعة اليونايتد لفرصة التقدم في النتيجة في الشوط الأول، بدأت الفوارق بين عناصر الفريقين تظهر في الشوط الثاني، فخوان ماتا ما زال يعاني حالة انعدام التوازن، ولم يكن كعادته قادراً على إجادة دور صانع الألعاب، بينما عانى دالي بليند ومروان فيلايني كثيراً لإيقاف سرعة لاعبي تشيلسي وقدم ماركوس روخو مباراة سيئة.
هدف دروجبا كان مدعاة للسخرية من جانب اليونايتد؛ فللمرة الثانية في اللقاء يتولى القصير المسكين رفائيل رقابة عملاق ساحل العاج الذي لم يتبقَ له من زمنه الجميل سوى ضرباته الرأسية، فاستغلها أفضل استغلال بينما هو يمرح على القائم الأول بدون مضايقة من الظهير البرازيلي.
كعادته مورينيو يتحرك دائماً بعد التقدم ولا يدع للمنافس فرصاً كثيرة للعب على نفس الشكل القديم لفريقه، لذلك قام بتبديله الدفاعي المتوقع بإخراج أوسكار وإشراك جون أوبي ميكيل ليتحول لـ 4/3/2/1 ولم يخاطر أبداً بتقديم سيسك فابريجاس، ليحل مكان أوسكار فتمكن "البلوز" من إغلاق كل المنافذ أمام الشياطين.
تبديل غريب وفرج غير منتظر
كان غريباً أن يكون التحرك الوحيد للويس فان خال هو في التحول من 4/2/3/1 لـ4/4/2 بإخراج ماتا وإشراك الناشئ ويلسون، فقد كان يجدر به إشراك أندير هيريرا لمزيد من الضغط على هذا الحائط الدفاعي المتقدم المكون من ثلاثي وسط فريق العاصمة.
وفضل الهولندي الإبقاء على كاريك وهيريرا وفليتشر بجانبه، منتظراً لمحة فردية جاءت بالفعل في الوقت الذي لم يكن يُنتظر أبداً، إيفانوفيتش يُطرد ومورينيو يعترض وأخيراً يُستغل فيلايني في العرضيات لتصل قبلة الحياة إلى فان بيرسي الذي احتفل وبشدة.
فريقان عدوان..ولقاء أصدقاء
موقعة أولدترافورد كانت بين خصمين لدودين لكنها شهدت الكثير من العناق والابتسامات، فان بيرسي يعانق فابريجاس وبالتأكيد سيكون مورينيو سعيداً عندما قابل دي ماريا، في حين كان مشجعو أتلتيكو مدريد ينظرون بحسرة إلى حارسين عملاقين سابقين لهم، ويذودان عن مرمى فريقيهما في لقطات حاسمة.
كلمة أخيرة حول "القائد"
تعريف القائد هو الشخص الذي يكون قدوة لمن يقودهم، ويكون على مستوى المسؤولية دائماً سريع اتخاذ القرارات هادئ الأعصاب حتى وإن بدا غاضباً، واين روني هو "قائد" مانشستر يونايتد، وقد كان فريقه يحتاج إليه بشدة في لقاء كهذا ربما كان يجدر باليونايتد الفوز به لقلب كل معطيات موسمه، لكنه فضّل الاستمتاع بركل المنافسين ومشاهدة اللقاء متأنقاً في بذلة.