انتهت بطولة كأس العالم 2022 في قطر، وكانت باعتراف الجميع استثنائية بجميع المقاييس، وذلك بعدما ضربت العديد من الأرقام القياسية، لكننا أغلقنا معها صفحة ستبقى في ذاكرة هذه اللعبة، باعتبار أنّ هذه النسخة كانت الأخيرة التي يشارك فيها 32 منتخباً، إذ سيتبدل الوضع في مونديال 2026 الذي سيقام في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك وكندا، لأول مرة في 3 بلدان، وسيشهد مشاركة 48 منتخباً، أي بزيادة 16 فريقاً.
هذه الزيادة ستعني أننا قد نرى منتخبات جديدة في المونديال، كانت تمنّي النفس لسنوات طويلة بحضور هذا العرس العالمي الكبير. سيكون هناك 16 منتخباً من قارة أوروبا التي كان في رصيدها بالسابق 13، فيما سيزيد عدد منتخبات أميركا الجنوبية من 4 أو 5 إلى 6، وسترتفع حصة أفريقيا من 5 إلى 9، وآسيا من 4 أو 5 إلى 8، والكونكاكاف من 3 أو 4 إلى 6 (ثلاثة بالإضافة إلى المضيفين في عام 2026)، وأوقيانوسيا سيكون لها منتخب ثابت، وسيحدد الاثنان الباقيان من خلال ملحق التصفيات. لكن لنبدأ بتوضيح الفكرة أكثر عن هذه البطولة التي ستشهد بطبيعة الحال إقبالاً جماهيرياً كبيراً، ولا سيما أنّها تقام في 3 بلدان مختلفة، مع العلم أنّه طوال تاريخ اللعبة شهدنا مرة واحدة إقامة المونديال في بلدين، أي كوريا الجنوبية واليابان في 2002.
القارة الأوروبية العجوز
حتى اللحظة لم يحدد بعد نظام التأهل الجديد إلى مونديال 2026 داخل أروقة القارة الأوروبية، لكن سيكشف عن ذلك في يناير/ كانون الثاني 2023، مع العلم أنّها من الناحية العملية تعتبر أقل المستفيدين، باعتبار أن زيادة عدد منتخباتها بلغ 3، لكن العدد الأول يعتبر كبيراً بطبيعة الحال.
هذه الزيادة ستساعد على تقليل غياب المنتخبات الكبرى عن البطولة، على غرار إيطاليا التي فشلت في التأهل بآخر نسختين للمونديال، أي 2018 في روسيا و2022 في قطر، وهذه الزيادة ستفتح الطريق أمام منتخبات كانت قاب قوسين أو أدنى في مناسبات سابقة من التأهل على غرار السويد وأوكرانيا والسويد والنمسا، إضافة إلى النرويج التي يقودها مهاجم مانشستر سيتي المميز إرلينغ هالاند، ولاعب أرسنال أوديغارد، ونذكر أيضاً المجر وأيسلندا.
وكانت أوروبا قد سيطرت على كأس العالم لسنوات، إذ حققت إيطاليا اللقب في 2006 وإسبانيا في 2010 وألمانيا في 2014 وفرنسا في 2018، قبل أن تنهي الأرجنتين هذه السلسلة بانتصارها على الديوك الأحد الماضي على استاد لوسيل في نسخة 2022 بقطر.
أميركا الجنوبية
شهدت منافسات كأس العالم 2022 غياب العديد من المنتخبات القوية والمميزة عن المنافسة بسبب القوة التي تتمتع بها الفرق هناك، فلم تنجح تشيلي في التأهل، وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى كولومبيا، والبيرو التي فشلت في التأهل بعد خسارتها أمام أستراليا بركلات الترجيح في الملحق العالمي.
في المونديال الأخير حضرت الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وإكوادور من قارة أميركا الجنوبية، لكن في مونديال 2026، ولو تكررت التصفيات مثلما كانت في 2022، فإننا كنّا سنرى بيرو وكولومبيا في كأس العالم مباشرة، كذلك ستحاول باراغواي العودة إلى الساحة بعد سنواتٍ من الغياب. أما بوليفيا، فستحلم بخوض البطولة مجدداً بعد مشاركة واحدة في تاريخها عام 1994، وقد تتطلع أيضاً حينها فنزويلا إلى حضور أول تاريخي.
القارة الأفريقية
قدّمت الكرة الأفريقية لسنوات مستويات مميزة في المونديال، ترجمت أخيراً ببلوغ منتخب المغرب نصف نهائي كأس العالم قبل الخسارة أمام فرنسا بصعوبة، وأكدت أنها قادرة على المنافسة على اللقب مستقبلاً وإنهاء هيمنة الأوروبيين واللاتينيين.
سيكون عدد منتخبات أفريقيا في نسخة 2026 أكبر دون شك، فقد غابت عن نسخة 2022 منتخبات كبيرة على غرار الجزائر بقيادة رياض محرز ومحمد صلاح نجم منتخب مصر، الذي شارك في المونديال تاريخياً 3 مرات فقط، بسبب طريقة التصفيات التي تكون ظالمة في بعض الأحيان، كذلك إن زيادة عدد المنتخبات ستفتح الطريق أمام عودة نيجيريا وساحل العاج وجنوب أفريقيا لخوض غمار البطولة الأهم، وتعطي أحلاماً لمنتخبات مثل مالي وبوركينا فاسو.
القارة الآسيوية
وضعت القارة الآسيوية خريطة طريق التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم المقبل، بما يصل إلى 5 جولات، على الرغم من أن المراكز الأولى ستحسم من الجولة الثالثة، وهذا يعني أن المنتخبات التي حضرت في 2022 ستكون حاضرة بنسبة كبيرة خلال الاستحقاق المقبل بعد 4 سنوات، ما يعني أن فرص قطر والعراق والإمارات ستصبح أكبر من قبل للتأهل بشكل دائم، وهناك أيضاً سلطنة عُمان وكذلك الصين وأوزباكستان.
أميركا الشمالية
الدول الثلاث التي ستستضيف مونديال 2026 ستكون من القارة الأميركية الشمالية، أي الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، وهي التي شاركت في قطر 2022 وستعاود الظهور في النسخة التي تستضيفها بشكل مشترك، ليدور التنافس على ثلاثة مقاعد أخرى، بالتالي ستكون حظوظ كوستاريكا عالية هي الأخرى، كما نذكر بنما التي حضرت في 2018 وشاركت في تصفيات ملحق 2022، إضافة إلى كلّ من جامايكا والسلفادور وهندوراس وترينيداد وتوباغو.
أوقيانوسيا
ستكون هذه المرة الأولى في التاريخ التي تحصل فيها أوقيانوسيا على مقعد ثابت، بعد أن كان وجودها على المحك دائماً مع مباراة فاصلة استعصت عليها في بعض الأحيان، ما دفع منتخباً مثل أستراليا إلى طلب اللعب في التصفيات الآسيوية.
ويبدو أن الطريق اليوم ممهدة أمام منتخب مثل نيوزيلندا، القوي نسبياً مقارنة بمنافسيه، إذ لم يخسر أي مباراة في مرحلة التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم في المنطقة منذ الهزيمة 0-2 أمام فيجي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008.