حينما تشاهده، تشعر وكأنه أحد رجال العصابات في إيطاليا، أو قاطع طرق في شوارع إنجلترا، ولن تتخيل أبداً أنه لاعب كرة قدم قادم من بلاد المتعة، البرزيل. إنه دييجو كوستا، المجنون الذي فضل اللعب لإسبانيا، ورمى السامبا وراء ظهره، وحصل مع أتليتكو مدريد على عدد كبير من البطولات، على الرغم من عدم امتلاكه لمسة ميسي، أو موهبة فيا، أو شخصية فالكاو.
يلعب كوستا كرة القدم بدافع الانتقام لا التقارب، تشعر وكأنك ترى مقاتلاً في معركة حياة أو موت، وليست مباراة في لعبة يشاهدها الملايين. ومن يجمع كل تلك التناقضات في قالب واحد، سيكون بلا شك سلاح مورينيو الجديد، ويكفي تصريحه الشهير، الذي يلخص الكثير حول شخصيته وطباعه: "تعلمت أن ليَّ الذراع والشدّ على المرفق هو الشيء الطبيعي، النادي الخاص بي هو الشارع".
لاعب الشارع
لم يكن في منطقته، التي تربي فيها في البرازيل، نادٍ أو مركز شباب. بدأ في ممارسة اللعبة مع أقرانه في الشوارع. في السنة، التي شارك فيها فالكاو بكأس العالم للناشئين، ووقع روني أول عقد احتراف في الدوري الانجليزي، كان دييجو كوستا يلعب أيضاً في الشارع، ولم يحصل بعد على فرصة في أحد الأندية الكبرى أو حتى مراكز الهواة.
لم يتعلم النجم مبادئ أكاديميات الشبان ولا خبرات المدربين، لكنه حصل على دراسة خاصة في كيفية التعامل بذكاء مع أي موقف صعب يواجهه، والقدرة على التكيف مع أي ظرف طارئ. وبعد عدة جولات ومواجهات، التقطته أعين ممثلي نادي سبورتينج براجا وسرعان ما حصل على فرصته الحقيقية، وبدأ رحلته الاحترافية في ملاعب القارة العجوز.
ثلاثة لاعبين في صفقة واحدة
كوستا يعتبر Outlet Striker اي مهاجم يتمركز في العمق، لكن كل تحركاته وانطلاقاته تكون على الأطراف، مناسب جداً لأكثر من تكتيك خلال أية مباراة. ويمتاز بمجهود بدني غريب، أي أنه مهاجم صريح، وفي الوقت نفسه، جناح على الجانب الأيمن، ويجيد العودة إلى الوسط كلاعب ارتكاز هجومي، ومهاجم متأخر أثناء التحول إلى الدفاع واللعب بدفاع المنطقة في خطة لعب 4-5-1، التي يتقنها أتليتكو مدريد، وبالطبع تشيلسي مع مورينيو.
وعلى الرغم من إمكانياته الفردية الكبيرة، إلا أنه يلعب داخل بوتقة الفريق الجماعي، ويضيف الكثير إلى العمل التكتيكي لأي مدرب، هكذا يقول عنه أريجو ساكي أثناء مقارنته بين أتليتكو مدريد وميلان خلال مباراة العام الماضي بدوري الأبطال، حيث أكد المدير الفني القديم أن كوستا لاعب فردي يضيف لشكل الفريق الجماعي، وبالتالي يعتبر بمثابة العملة النادرة، التي يحتاجها أي ناد كبير خلال كرة القدم الحديثة.
لذلك باختصار، كوستا هو المهاجم الذي يبدأ الدفاع من الثلث الهجومي الأخير، وهو المدافع الذي يبدأ المرتدات حينما يتحول إلى مركز الجناح، ويضرب دفاع المنافس أسفل الأطراف.
صفقة البدايات
تألقت أسماء جديدة هذا الموسم حتى الآن، تشابي ألونسو مع بايرن، راكيتتش مع برشلونة، ودي ماريا مع مانشستر يونايتد، وسيسك مع تشيلسي، إلا أن دييجو كوستا يستحق بجدارة لقب "صفقة البدايات" حتى الآن، نظراً للعمل المحوري، الذي قام به مع تشيلسي مورينيو، والإضافة الهجومية غير العادية، التي جعلت الفريق اللندني متصدراً البطولة الإنجليزية دون منافس حقيقي بعد نهاية شهر سبتمبر/أيلول.
عانى تشيلسي كثيراً خلال الموسم الماضي أمام الفرق الدفاعية، التي تجيد إغلاق المنطقة، لذلك أضاع الفريق نقاطاً سهلة في مشوار البطولة، حتى خسر اللقب لصالح مانشستر سيتي. لكن هذا العام تبدو الأمور مختلفة، لأن تشيلسي يسجل أهدافاً عديدة، ويجيد التعامل مع الفرق التي تدافع من الخلف، بسبب وجود خط وسط قادر على صناعة الفارق، مع تمركز كوستا العبقري داخل وخارج منطقة الجزاء، ويكفي أهدافه الحاسمة خلال هذا الموسم.
سجل كوستا ثمانية أهداف في ست مباريات فقط، وسدد على مرمى المنافسين 18 مرة، وساهم بقوة في ضرب الدفاعات الإنجليزية. لذلك فإن تعاقده ليس متميزاً فقط قياساً بالأرقام والانتصارات، بل أيضاً لأنه مفتاح لعب رئيسي في تغيير استراتيجية.