كأس البصرة والعراق

كأس البصرة والعراق

07 يناير 2023
شهدت المباراة الافتتاحية حضوراً جماهيرياً كبيراً (Getty)
+ الخط -

وأخيراً عادت كأس الخليج إلى أحضان العراق بعد أكثر من 40 سنة منذ نسخة عام 1979، التي استضافتها بغداد، وانطلقت أمس في مدينة البصرة التي كان من المفروض أن تحتضن نسخة عام 2013، لتعود البطولة إلى أرض الكرة، وأرض الحضارة والعروبة، بعد 3 أعوام منذ آخر نسخة احتضنتها قطر سنة 2019، إذ توقفت المسابقة بسبب تفشي فيروس كورونا.

وعادت عجلة كأس الخليج إلى الدوران، وعاد العراق الرياضي إلى الحضن الخليجي، بعد أن غيبته الحرب والأوضاع السياسية في العراق، وكذلك الحظر الذي فرضه الاتحاد الدولي لكرة القدم على العراق والكرة العراقية التي عادت إلى أجواء المشاركة في المسابقة من بوابة نسخة قطر عام 2004، وعادت من بوابة البصرة الفيحاء لتنظم النسخة الـ25 بحضور كل المنتخبات الثمانية في أجواء رائعة وحفاوة كبيرة.

"خليجي 25" هي البطولة الأولى التي يستضيفها العراق بعد سنوات طويلة من غياب المباريات الدولية عن البلاد، بسبب الأزمات السياسية التي غيبت البلد عن أجواء البطولة المحببة لدى أبناء المنطقة منذ سنة 1990، كما ألقت ظروف الحصار الاقتصادي بظلالها على العراق والرياضة العراقية، إذ كان منتخب بلاد الرافدين يخوض مبارياته الدولية خارج العراق، قبل أن يعود لأحضان كأس الخليج بعد غياب دام 14 سنة، ويعود إلى احتضان البطولة في مدينة البصرة التي لبست حلة جديدة الشكل، عريقة المحتوى، يعرفها العرب عن العراق وشعب العراق الذي كان من المقرر أن يحتضن بطولة 2013، ليتكرر التأجيل كل مرة لأسباب أمنية، وبعضها يتعلق بعدم الجاهزية لمدة عشر سنوات كاملة.    

حفل الافتتاح كان رائعاً ومتميزاً قيل عنه إنه الأحسن في تاريخ البطولة، أراد من خلاله المنظمون أن يكونوا في مستوى الثقة التي وضعت فيهم رغم الهاجس الأمني الذي كان حجة الحظر الرياضي الذي فرضه "الفيفا" على العراق لسنوات، قبل أن يرفع ويكتشف العالم مجدداً ذلك الشعب المضياف، والبلد العريق رمز الحضارات والعلوم والفنون والتقاليد الإنسانية الضاربة في التاريخ، التي حاول مصمم حفل الافتتاح تجسيدها في اللوحات التي رسمها، واستمتع بها الحضور والمتابعون على شاشات التلفزيون، مثلما استمتع الأنصار بمباراة افتتاحية قوية انتهت بالتعادل السلبي المنطقي بين العراق وعمان، في حين تفوق المنتخب السعودي في مباراته أمام اليمن رغم مشاركته بالمنتخب الأولمبي، كما المنتخب القطري، في حين تشارك باقي المنتخبات بفريقها الأول.

انتصر العراق قبل نهاية البطولة باستضافة الحدث، بعد أن نجح في إقناع الفيفا ودول الخليج بقدرته على الاستضافة مهما كانت الظروف، ورفع تحدي إقامة "خليجي 25" في مدينة البصرة رغم المشاكل السياسية والنزاعات العشائرية التي شهدتها المحافظة، وصعوبة تجهيز المنشآت والهياكل لاستقبال المنتخبات والمشجعين والضيوف الرسميين، إضافة إلى العراقيين من كل المحافظات الذين انتظروا طويلاً ليشهدوا يوماً كبيراً، كانوا متعطشين لمعايشته ورؤية منتخب بلادهم على أراضيه كما كان زمان، في انتظار تحقيق النقلة النوعية في كل مجالات الحياة الأخرى، بعد تجاوز كل الاختلالات والاختلافات، التي تشكل تنوعاً، يمكن الاستثمار فيه ليتحول إلى عامل وحدة وقوة لأهل العراق بكل أطيافهم.

كأس الخليج في بصرة العراق تشكل نجاحاً من كل الجوانب الأمنية والسياسية والاجتماعية، مهما كانت النتيجة الفنية للمنتخب العراقي الذي يعتبر أكبر المرشحين للفوز بالبطولة الرابعة في تاريخ العراق أمام جماهيره العاشقة للكرة وبلدها، في غياب المنتخب الأول لكل من السعودية وقطر، وتراجع مستويات الكويت والإمارات، لكن كل شيء يبقى وارداً في عالم الكرة.

المساهمون