يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني، رافائيل نادال.
أحب مونت كارلو، سواء الإمارة أو البطولة، كل الملاعب التي نلعب عليها تطل على البحر. الشوارع نظيفة للغاية، وتعطيني المدينة انطباعا بأنها منظمة ويعتني بها المسئولون عنها. هي واحدة من البطولات المفضلة بالنسبة لي، ليس فقط لأنني أشعر بحالة جيدة هناك، وإنما لعراقتها، فقبل أكثر من 100 عام كانت تقام البطولة على ملاعبها.
وصلت للنهائي في 2005 لكني لم أواجه روجيه فيدرير، كما كنت متحسبا، فقد خرج من نصف النهائي، وتغلبت في المباراة النهائية على الأرجنتيني جييرمو كوريا، لأتوج في مونت كارلو بأول ألقابي من بطولات الأساتذة، بعدها لم أخسر على الملاعب الترابية، حيث فزت في برشلونة وروما، لأخوض بعدها منافسات بطولة رولان جاروس.
لم ألعب في البطولة في 2004 للإصابة، ولكنني ذهبت لمتابعة جزء من منافساتها بناء على اقتراح وكيل أعمالي كارلوس كوستا، الذي اعتقد أن من المثير أن أعتاد على الأجواء لأنه كان يتوقع أنني سأفوز بها يوما ما، ورغم ذلك أصبت بالإحباط فلم أحتمل عدم المشاركة. كارلوس لا يزال يتذكر أنني قلت له "العام المقبل ستكون لي".
خارج المنافسة
ورغم ذلك، تفاجأت بأن الصحف الرياضية تعتبرني من المرشحين للقب، فقد لعبت فقط بطولتي جراند سلام حتى ذلك الوقت ولم أصل في أي منهما إلى ربع النهائي، كانت الشكوك تراودني بشأن قدرتي على المنافسة في هذا المستوى الكبير.
لم يراودني الشعور الإيجابي الذي أحتاجه للاقتناع بأن بإمكاني الفوز وزاد توتري عن المعتاد. كنت أشعر بأن تحركاتي بطيئة ولم أكن راضيا عن تسديداتي، وعندما يحدث هذا أشعر بالخوف من فقدان السيطرة، وتصبح الأمور معقدة بصورة أكبر، يصبح المنافسون الذين كان بإمكانك الفوز عليهم قبل أسابيع عمالقة.
كما أن طعامي لم يكن يساعدني، لم أكن حينها أعتني كثيرا بما أتناوله. عندما كنت في باريس، شعرت برغبة في تناول مخبوزات بالشوكولا، وعندما قال كارلوس كوستا لتوني "لا تسمح له بتناول هذا" فرد عمي "لا، لا. دعه يصب بالتخمة من الشوكولا، وهكذا سيتعلم عندما تؤلمه معدته"، تعلمت حينها أنني يجب أن أتجنب الأطعمة التي يصعب هضمها أثناء المشاركة في البطولات.
تفوق على الملاعب الترابية
يقول مدربي الثاني فرانسيس رويج إنني أحظى بأفضلية نفسية عندما ألعب بـ80% من مستواي، ربما يكون هذا صحيحا على الأراضي الترابية. عندما أكون في كامل لياقتي أتمكن من التحول سريعا من الدفاع إلى الهجوم لأفاجئ منافسي، والتغلب عليهم نفسيا، ولكن إذا لم أكن موفقا في الضربات الحاسمة، وعندما يتطلب الوضع أن أعيد أكبر عدد من الكرات، أتحول لحائط صد، فمن الأفضل أن يكون على الأراضي الترابية.
بهذه الطريقة تأهلت إلى نصف النهائي، باستنفاد طاقة المنافسين، لمواجهة فيدرير، في هذا اليوم أكملت عامي التاسع عشر، والاحتفال الأفضل كان الفوز. بعدها واجهت الأرجنتيني ماريانو بويرتا في النهائي، والأرجنتينيون مثلنا نحن الإسبان متخصصون في اللعب على الأراضي الترابية.
أول لقب جراند سلام
كان بويرتا يلعب أفضل مني خلال فترات طويلة من المباراة، لم أتمكن من إسكات الشكوك التي تدور في رأسي، ولكن ما لم يخذلني في هذا النهائي كانت الطاقة، فقد كنت أركض وأقاتل كما لو كنت قادرا على فعل ذلك طوال يومين، صمدت وحافظت على ثبات المستوى في النقاط الهامة وفزت بالمباراة.
بعد الفوز رأيت عائلتي سعيدة للغاية، تعانق والداي وكان أعمامي يصرخون. وأول ما فعلت بعد مصافحة بويرتا هو صعود المدرجات ومعانقة أسرتي، توني أولا.
شعرت بارتياح كبير، فقد أزال الفوز بالبطولة حملا كان على عاتقي، والآن كل ما ستقدمه الحياة سيكون تعويضا إضافيا. ولكن توني كعادته أكد لي أن بويرتا لعب على نحو أفضل وأنه دفعني للركض بصورة أكبر مما فعلت معه، وأنني فزت بالنقاط الهامة لأنني كنت محظوظا.
فزت كذلك ببطولة مدريد، وهو تحد صعب نظرا لأنها كانت تقام آنذاك على الأراضي الصلبة المغطاة. فزت في النهائي بعد تأخري بمجموعتين أمام إيفان ليوبيسيتش. توجت إجمالا بـ11 لقبا في 2005 مثل فيدرير، ليبدو 2006 واعدا، أو هكذا كنت أعتقد.