فرنسا تُعاني من لعنة مُستمرة: خيبة ركلات الترجيح تتواصل بعد 40 عاماً
استمع إلى الملخص
- محاولات كسر العقدة: رغم جهود المدرب ديدييه ديشان وبرامج التدريب الخاصة، لم تتمكن فرنسا من تحسين أدائها في ركلات الترجيح، حيث تعاني المنتخبات الفرنسية من نسبة نجاح متدنية تبلغ 37% فقط.
- الضغط النفسي المستمر: تعكس الخسارات المتكررة هشاشة نفسية واضحة أمام الضغط، حيث تواصل الأجيال الجديدة السقوط في الامتحان ذاته، مما يجعل "النقطة البيضاء" جرحاً مفتوحاً في تاريخ الكرة الفرنسية.
سقطت فرنسا مجدداً أمام "لعنة نقطة الجزاء" التي لاحقتها جيلاً بعد جيل، بعدما خسر منتخبها لأقل من 20 عاماً أمام المغرب في نصف نهائي كأس العالم للشباب بركلات الترجيح (4-5)، بعد انتهاء المباراة بالتعادل (1-1)، ولم يكن السقوط مفاجئاً، بل تكراراً لسيناريو مألوف جعل ركلات الترجيح تتحول إلى كابوس دائم للكرة الفرنسية منذ أكثر من أربعة عقود.
وتتعمق الجراح كلما عاد المشهد نفسه إلى الواجهة، فبين ركلات زيدان الضائعة في نهائي مونديال 2006 أمام إيطاليا، وانهيار كيليان مبابي في يورو 2021 أمام سويسرا، ظلّ الفرنسيون عاجزين عن ترويض هذا الامتحان الذهني الصعب. وحتى الجيل الحالي، بقي أسير الرهبة ذاتها، يكرّر الأخطاء نفسها، وكأن اللعنة باتت جزءاً من هوية "الديوك"، حسب الأرقام التي نشرتها مجلة ليكيب الفرنسية، الجمعة.
ويتذكّر المشجعون نهائي مونديال قطر 2022 حين خسر المنتخب الفرنسي أمام الأرجنتين بركلات الترجيح (2-4)، بعد ملحمة كروية قدّم فيها مبابي ثلاثية تاريخية دون أن تتوج فرنسا باللقب العالمي (اللقاء انتهى 3-3)، ليفشل المنتخب الأول في تلك الليلة ويعيد إلى الأذهان إخفاقات الماضي، من مونديال 1982 إلى يورو 2004، مروراً بمحطات مريرة في كأس العالم وأمم أوروبا.
ويحاول المدرب ديدييه ديشان كسر هذه العقدة، لكنه واجه انتقادات حادة بعد اتهامه بإهمال التحضير النفسي والتكتيكي لركلات الترجيح. وقد أعلن المدير الفني الفرنسي هوبرت فورنييه في وقت سابق عن برنامج تدريبي خاص لمعالجة هذا الضعف، إلا أنّ النتائج على أرض الواقع لم تتغير، وكأنّ العقدة أقوى من أي خطة. وتعيش الكرة النسائية في منتخب فرنسا هي الأخرى القصة ذاتها، فمنذ مونديال 2011، لم تنجح السيدات في الفوز بأي مواجهة حاسمة عبر ركلات الترجيح، بعدما ودّعن بطولتي العالم 2015 و2023 وبطولة أمم أوروبا 2013 و2025 من النقطة ذاتها.
وتبقى تلك الخسارات المتكررة مرآة تعكس هشاشة نفسية واضحة أمام الضغط. وتُظهر الإحصاءات واقعاً صادماً: 27 مواجهة ترجيحية خاضتها المنتخبات الفرنسية في مختلف الفئات منذ عام 1982، انتهت بعشرة انتصارات فقط مقابل 17 خسارة، بنسبة نجاح لا تتجاوز 37% مقارنة بالأرجنتين التي تفوز بنسبة 68%، وألمانيا التي تتفوّق بنسبة 87%، ليبدو الفارق شاسعاً ويكشف حجم الأزمة. وتبحث فرنسا اليوم عن مخرج من هذه اللعنة الممتدة، وبينما تواصل أجيالها الجديدة السقوط في الامتحان ذاته، تتراكم الخيبات جيلاً بعد جيل. فحتى مع النجوم الكبار والتجهيزات الحديثة، تبقى "النقطة البيضاء" الجرح المفتوح الذي يعيد فرنسا إلى بدايتها كل مرة.