عن زيدان العبقري

عن زيدان العبقري

15 ابريل 2021
زيدان يتأقلم مع كل الظروف ولا يسقط (Getty)
+ الخط -

الحُكم على المدرب يكون من خلال النتائج. هذا ما يردده المدربون عادةً، وهم على حق. الحكم على المدرب يكون من خلال قدرته على إيجاد أسلوب لافت للفريق وتطويره للاعبيه، وبالتأكيد يحتاج إلى وقت لتحقيق ذلك. وهذا ما يردده المحللون، وهم على حق أيضاً.

هي مقدمة للحديث عن تقييم المدربين في عالم كرة القدم. وللدقة أكثر في زمن "السوشيل ميديا" وتطور الإعلام بشكل كبير وقدرته غير المسبوقة على التأثير في الآراء والأذواق، الإعلام الذي يحب مدرباً أحياناً، فيبحث له دائماً عن الأعذار إن أخطأ، ويُحب بدرجة أقل بكثير مدرباً آخر، فيبحث له دائماً عن الثغرات إن تألق.

في السنوات الأخيرة ظهرت عدة مدارس من التدريب وطبقت بشكل مختلف من الكثير من مدربي الأندية العالمية، يمكن تلخيصها بثلاث: المدرب الذي يبحث عن أسلوب يسيطر فيه على المباراة و يستحوذ لأطول فترة ممكنة، وهذا الأمر الذي أبدع فيه غوارديولا، المدرب الذي يلعب بناءً على معطيات المنافسين، ولا همّ إن كان الأسلوب هجومياً أو دفاعياً، ما دام يوصل إلى الهدف، وهذا ما أبدع فيه مورينيو تحديداً.

 ومدرب يحاول قدر المستطاع أن لا يقيد لاعبيه، بمعنى أن يحدث أقل تدخل ممكن بالحدود المعقولة طبعاً، ويتصدر هذا الفكر مدرب مثل اليغري، مع وجود أنشلوتي بين أساتذة هذه المدرسة، طبعاً مع هؤلاء كان كلوب علامة فارقة في السنوات الماضية، وصل فيها إلى أعلى المستويات في سنتين. أسماء عديدة لم تُذكَر، لكنها بأغلبها تقع ضمن هذا التصنيف، حتى لو اختلفت وتميزت قليلاً بأسلوبها الخاص.

وبما أنه زمن السوشيال ميديا والإعلام الذي يصنع الرأي العام، كما لم يفعل سابقاً، ساهمت أيضاً شخصيات المدربين في التعامل مع الإعلام وإبقاء النقاش حولهم بوجودهم دائماً في القمة. غوارديولا ومورينيو هما المثال المميز على قدرة المدربين في جذب الإعلام وفتح نقاش دائم في ما يفعلانه، وهذه نقطة تحسب لهما كثيراً.

الإعلام، بشكل أو بآخر، قسم المدربين الى قسمين: غوارديولا الأسلوب، ومورينيو المعاكس له، وانقسم بالتالي الرأي العام حول من هم مناصرو هذه النظرية أو تلك، إلى أن ظهر مدرب اسمه زيدان.

عبقرية زيدان الكبيرة هي بكل بساطة في تفرده، في أنه لا ينتمي إلى أيٍّ من هذه المدارس وينتمي إليها كلها في ذات الوقت، في قدرته على قراءة المباريات والتكيف معها كما لم يفعل أحد تقريباً في السابق، في عدم ارتكابه للأخطاء إلا نادراً، في هدوئه المميز رغم كل الضغوط، في جعل النقاد والمراقبين يحتارون في توصيف أسلوبه، ومع هذا كله هو يستمر في طريقه، طريق القمة دائماً.

المساهمون