شاتري سيتيودتونغ يروي قصة كفاحه ونجاح بطولة "ون"

شاتري سيتيودتونغ يروي قصة كفاحه ونجاح بطولة "ون" ويكشف أهمية التعاون مع قطر

05 يونيو 2022
شاتري سيتيودتونغ مؤسس بطولة "ون" التي تلقى نجاحاً كبيراً بالعالم (شركة ون/ العربي الجديد)
+ الخط -

حلّ شاتري سيتيودتونغ، مؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبطولة "ون" الخاصة بالفنون القتالية، التي تعدّ واحدة من أنجح المنافسات وأكثرها متابعة على الصعيد العالمي، ضيفاً على "العربي الجديد" في مقابلة مطولة، تحدّث فيها عن كفاحه منذ الصغر وتعلّقه بفنون الدفاع عن النفس وأهميتها في الحياة، والقيم التي تعطيها للإنسان.

وتطرق سيتيودتونغ إلى الشراكة مع جهاز قطر للاستثمار، وكذلك بطولة "ون" وتطورها في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى تعاونها مع "أمازون"، مما يثبت أنّها تسير على الطريق الصحيح لتبقى في القمة.

لديك مقولة شهيرة أن المعاناة تجعلنا عظماء فيما بعد، كيف تفسر ذلك؟ ولماذا؟

لأنني أشعر بأن كلّ واحد منا، كلّ إنسان على هذا الكوكب، لديه مزايا ومواهب خفية بداخله، وهي تتطلب الشدائد والصعاب لتخرج. في الشرق الأوسط مثلاً الله يعطيك، ومن خلال المعاناة نكتشف عظمتنا، حتى لو نظرت إلى مفهوم بسيط جداً، مثل صيام رمضان، تبقى صائماً حتى المغرب لمدّة شهر كامل، وهذا مثالٌ. حين تعاني يكون لديك تعاطف وتسامح مع الآخرين، وكذلك المزيد من الوحدة مع الناس. إذاً مثال بسيط عن رمضان، يثبت أنّه أمر لا يصدق، حين درست عنه، كان مفهوماً جميلاً بالنسبة لي، وهذا يوضح حقاً أن المعاناة (يقصد الصبر في سبيل الشيء) هي طريقنا إلى العظمة، حتى لو كنّا لا ندركها.

ما الذي أشعل حب رياضة الفنون القتالية في نفسك؟ هل هناك حادثة معينة في طفولتك؟

نعم لقد نشأت في تايلاند، ومن المعروف أن تايلاند هي مسقط رأس "المواي تاي"، وعندما كنت في التاسعة من عمري شاهدتها على شاشة التلفزيون، ووقعت على الفور في حبّ هذه اللعبة، وكنت أريد أن أمارسها ولم يسمح لي والداي بذلك، حتى وصل عمري إلى 13 عاماً قبل أن يسمح لي. منذ اليوم الأول الذي وقعت فيه بحبّ الألعاب القتالية، أصبحت شغفي الأكبر في الحياة.

كيف أثّرت الأزمة المالية الآسيوية عليك، أقصد على شخصيتك تحديداً، حين انهار كل شيء من حولك؟

لهذا السبب أؤمن بأن المعاناة هي الطريق إلى عظمتنا في الحياة بالنسبة لنا جميعاً، أعتقد أن الشدائد هي أم العظمة، نشأت في بيت بظروفٍ جيدة، لاحقاً مع الأزمة المالية فقدنا كلّ شيء من المنزل إلى السيارة ثم فارقنا والدي، انتقلت حينها من الحياة الجديدة، إلى حال أنّه ليس لدينا شيء حرفياً، ولا حتى سقف فوق رأسنا. حين كنت أمرّ بفترة المعاناة، رأيت والدتي تبكي، وهذا الأمر كان صعباً للغاية، لكن عندما أنظر إلى الخلف الآن، أشعر بالامتنان لذلك الوقت، لأنّه علمني كيف أقاتل في الحياة، تعلّمت كيف أتغلّب على مخاوفي، وكيفية التركيز على تطوير نفسي، ويمكنني حينها فعل أي شيء في حياتي، أعطتني أيضاً مزيداً من النار في داخلي (يقصد الحماس).

بالطبع حتى يومنا هذا، لدي هذا الجوع الكبير (يقصد الحب للعمل)، لأنني أتيت من الفقر، في وقت لدي الكثير من التعاطف والتفهم لأولئك الأشخاص الذين يكافحون وسط الصعوبات، وجميعنا لدينا مِحن وليس فقط الفقر، لكن بعض الناس يتامى وآخرين في عائلات مفككة، وبعض الناس ليس لديهم منزل أو حتى حبّ، الأمر لا يتعلق فقط بالمال، فجميعنا نختبر مختلف الشدائد في حياتنا، وعلينا أن نستفيد من الدروس التي تعلّمناها خلال تلك الصعاب، أن نتعلّم من الفشل والعوائق، وفي خضم ذلك سنجد عظمتنا.

أخبرنا قليلاً عن الرقم 4 في حياتك. ما القصة؟

عشت خلال تلك الفترة على 4 دولارات في اليوم، عندما كنت في أميركا، كانت لدي حقيبة واحدة فيها كلّ متعلقات حياتي، كنت أعيش في غرفة النوم التي كانت والدتي تعيش معي أيضاً فيها في هارفارد. كنت أنام على الأرض في غرفة مفردة صغيرة جداً، لم أكن أستطيع تحمّل تكلفة مترو الأنفاق أو الحافلة، لم يكن بإمكاني تحمّل تكلفة سوى وجبة واحدة في اليوم.

لذلك كنت أسير كثيراً في كل مكان، كان لدي جدول يحتوي على كامل بيانات إنفاقي اليومي، في كل مكان. بحال أنفقت دولاراً و50 سنتاً سأسجلها، وبحال أنفقت 35 سنتاً سأقوم أيضاً بتسجيلها، كان متوسطي حوالي 4 دولارات، وبحال أنفقت أقلّ من ذلك كنت أشعر بالسعادة، أنا فقط ممتن جداً.

بعض الناس يستخدمون الفنون القتالية من أجل الشهرة، ربما من أجل المال أو لأغراض مختلفة، ماذا تعني لك هذه الرياضة؟

أكبر فكرة خاطئة عن الفنون القتالية أنّها تتعلق بالعنف، هي أبداً ليست كذلك. الفنون القتالية منتشرة في جميع أنحاء آسيا منذ آلاف السنين، وإذا نظرت إلى ملايين الآباء في جميع أنحاء العالم، وليس فقط آسيا، فهم يرسلون أطفالهم إلى دروس فنون الدفاع عن النفس، من أجل يتعلم الأطفال الشجاعة والاحترام وأخلاقيات العمل.

هناك العديد من القيم الجميلة في الفنون القتالية، هذا هو المعنى الحقيقي لهذه الرياضة، بعض الناس يشاهدون أفلام بروس لي ويظنون أنها متعلقة بالعنف، لكنها ليست كذلك، الأمر يتعلق بأساس المجتمع الآسيوي، بالثقافة الآسيوية، هذا جزء من تاريخنا كقارة. بالنسبة لي الفنون القتالية كنز ثقافي آسيوي عظيم، وعلينا الاستمرار في نشره، ونشر قيم النزاهة والتواضع والاحترام، هذا ما تعنيه.

أنت مخلص جداً للماضي، لطفولتك، للمعلمين اللذين كانا معك بي تو، والماستر سينانان، هذا أمر نادر أليس كذلك؟

أنا شخص فلسفي جداً، أنا أفكر يومياً بعمقٍ في الحياة، ومعنى الحياة. حين كنت طفلاً كنت دائماً أحاول التفكير بعمق في معنى وهدف كلّ شيء. أدركت أننا في نهاية يومٍ ما سنترك الأرض، وأفضل طريقة لاستغلال وقتنا، بالنسبة لي، هو الحبّ الذي نشاركه مع أحبائنا مع عائلتنا وأصدقائنا، والشيء الثاني هو التأثير الذي نُحدثه على بلدنا في العالم. وبطريقة ما يجب أن نبذل قصارى جهدنا لجعل العالم مكانًا أفضل خلال وقتنا الذي نقضيه على الأرض من خلال جهودنا، هذان هما الأمران الوحيدان المهمان.

أشعر بالامتنان الشديد لأنني وجدت شغفي وهدفي في الحياة، الفنون القتالية أعني، على الرغم من وجود اعتقاد خاطئ بأنها توحي بالعنف، إلا أنّها في الحقيقة تتعلق بنشر قيم النزاهة والتواضع والشرف والاحترام والشجاعة والانضباط والرحمة، وهذا بالنسبة لي هو ما تدور حوله فنون الدفاع عن النفس، ومعنى الحياة مشاركة أكبر قدر ممكن من الحبّ مع الناس، وثانياً إحداث تأثير إيجابي على العالم إذا استطعنا ذلك، المجتمعات وبلداننا، ونأمل العالم بأسره.

قررت مغادرة وول ستريت والتوجه إلى سنغافورة، وهناك بدأت قصة "ون". حدثنا عن خطوات النجاح والمجد؟

أجل، لقد أمضيت ما يقرب 10 سنوات في وول ستريت، بالنسبة لي أكبر فشل في الحياة هو النجاح بدون سعادة، كانت هذه حياتي عندما كنت هناك، كنت أكسب الكثير من المال. كنت بنظر المجتمع شخصاً لديه كلّ شيء، كان لدي نقود، لدي مكانة على الصعيد الوظيفي، كان لدي صندوق تحوط خاص بي (محفظة وقائية)، لكنني لم أكن من الداخل سعيداً، وأدركت أنني صعدت إلى قمة الجبل الخطأ.

وبالطبع إذا كنت تحب الاستثمار حقاً، والشركات وتحليل البيانات فهذه هي حياتك الحقيقية، ستكون رائعة، لكنها لم تكن ما أريده. أعتقد أنني حين كنت في السادسة والثلاثين من عمري تقريباً أبليت بلاءً حسناً من خلال صناديق التحوط الخاصة بي، واحتفلت بذلك، لكنني نزلت إلى مطعم السوشي القريب من مكتبي وجلست هناك لوحدي، وكنت أفكر فقط في معنى كلّ هذا، مثل لماذا أجني الكثير من المال وماذا أفعل في حياتي؟ وبدأت بالحديث عن مفهوم الحب وإحداث تأثير، شعرت بأكبر فشل حينها، لهذا السبب قلت إن النجاح بدون سعادة هو أعظم فشل في الحياة، لم أنم العديد من الليالي بعد ذلك، قررت بعدها ترك وول ستريت والانطلاق في "ون"، أي أن أفعل أمراً أحبه، الذي كان له طبعاً تأثير كبير في عالم الفنون القتالية حول العالم، من خلال نشر هذه القيم المذهلة، وذلك عبر إطلاق العنان لأولئك الأبطال، لإلهام العالم بالأمل، وهذا أصبح هدفي الرئيسي في الحياة.

ما قيمة انضمام "ون" إلى قائمة برامج فيديو برايم على أمازون، جنباً إلى جنب مع NBA وNFL؟

نعم إنّه أمرٌ ضخم، لأن أمازون تشارك فقط أفضل البطولات الرياضية حول العالم، حتى إن شركة نيلسن للأبحاث التسويقية المعروفة جاءت قبل شهرين تقريباً وصنّفت بطولة "ون" ضمن أكثر 5 رياضات مشاهدة ومشاركة حول العالم، ومن الواضح أن أمازون قامت بواجبها، وهي تؤمن حقاً بـ"وان"، ولذا لدينا شراكة لمدة 5 سنوات، جنباً إلى جنب مع أفضل البطولات في العالم، مثل دوري أبطال أوروبا والدوري الوطني لكرة القدم الأميركية.

لذا، إنه لشرف كبير، خاصة أن أمازون لديها 200 مليون مشترك، وأعداد مشاهديها على مستوى "NFL" تبدو أكبر من نسب مشاهدات "فوكس سبوت" في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يمنحك إحساساً بمدى قوة أمازون هناك.

كيف كانت زيارتك إلى الدوحة التي تستعد حالياً لاستضافة المونديال؟ ما رأيك في بنيتها التحتية الرياضية؟

حسناً، جهاز قطر للاستثمار استثمر في "وان" في شهر ديسمبر، وأنا ممتن حقاً وأقدر جداً جهاز قطر للاستثمار وكذلك حكومة قطر. أمير قطر (الشيخ تميم بن حمد آل ثاني) قائد يمتلك نظرة ويرى مستقبل بلاده. كما تعلمون، خاصة بعد سنوات من تراجع الغاز والنفط، يجب على اقتصاد قطر أن يُبنى على التمويل (ضمن إدارة الأعمال) والإعلام والتكنولوجيا والرياضة، وهذا شيء أعجبني جداً حقيقة.

تعلمون أن قطر نافست بعضاً من أكبر دول العالم، وفازت بشرف تنظيم كأس العالم، وأيضاً الألعاب الآسيوية، وإذا نظرت إلى ما هي قطر عليه الآن على المستوى الرياضي، فهي في الطليعة، وتقود العديد من الرياضات حول العالم. نعم أنا ممتنٌ حقاً لاستثمار قطر في "ون" وإيمانهم بذلك، إنّها شراكة حقيقية.

هل سنرى بعض النزالات في قطر؟

قمت بالعديد من الرحلات إلى الشرق الأوسط في السنوات الثلاث الماضية، وكما تعلم نحن نجري مناقشات مع أطراف متعددة في قطر، ولكن أيضاً في جميع أنحاء المنطقة، ويمكنني رؤية نمو الفنون القتالية بقوة في منطقة الشرق الأوسط، حيث هناك الكثير من المشجعين، وأعتقد أن "ون" لديها الصيغة الصحيحة لنشر الأمل الذي يلهم بدوره نشر قيم النزاهة، والتواضع، والاحتراف، والتعاطف.

عندما أنظر إلى قطر، لديها تاريخ لا يصدق، كما أن لديها أناساً لطفاء ومتواضعين ومن الأكثر ذكاءً، وآمل أن أتمكن من مشاركة أعظم كنز ثقافي مع قطر، والأبطال والقيم كذلك، وإزالة المفهوم الخاطئ بأن الفنون القتالية تدور حول العنف، هي عبارة عن قيم النزاهة والشرف والشجاعة.

كيف يمكن للاتفاق الذي عقد بين "ون" وجهاز قطر للاستثمار أن يطور البطولة مستقبلاً؟

أمير قطر كما قلت سابقاً لديه رؤية للرياضة القطرية. الألعاب القتالية، وفقاً لأرقام نيلسن، وتقييم المشاهدات، هي الرياضة الأكثر رواجاً بين جيل الألفية و"الجيل زد"، ونحن بطبيعة الحال في القمة بين أفضل 5 رياضات في العالم، ومع استثمار جهاز قطر للاستثمار نتطلع للمزيد، وتحقيق أشياء كبيرة مع حكومة قطر، ومرة أخرى لديهم نظرة مهمة جداً للرياضة، ونعتقد أننا جنباً إلى جنب سنكون قادرين على المساعدة في صناعة أبطال من الشرق الأوسط، ليصبحوا نجوماً تسلّط الأضواء عليهم لإلهام العالم بالأمل والأحلام.

ما الذي يميز ون عن الآخرين في هذا المجال؟ خاصة أن لديها عدداً كبيراً من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي، أعتقد أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث مشاهدات الفيديو على فيسبوك خلف NBA؟

أهم شيء في مهمة "وان" منذ اليوم الأول كانت إطلاق العنان لأبطال خارقين في الحياة الواقعية، ليشعلوا العالم بقوة الأمل والإلهام، لذلك لدينا أعظم أبطال العالم على هذا الكوكب نروي قصصهم عن التغلّب على المحن أو الفقر أو المأساة.

نحتفل بقيمهم المتمثلة في النزاهة والتواضع والاحترام والشغف ونهدف لإلهام العالم حقاً من خلال الإيمان بالأمل والأحلام، وهذا هو الشيء الأهم والأول بالنسبة لـ"ون"، الاحتفال بالقيم الجميلة للفنون القتالية ورواية القصص التي تلهم العالم.

رسالة أخيرة لمحبي الفنون القتالية، وللذين يتابعون نزالات ون، وكذلك أولئك الذين يكافحون في كلّ يوم للبقاء على قيد الحياة، من شخص مثلك يعرف كيفية القتال والصبر لتحقيق النجاح؟

الفنون القتالية تتمحور حول أن تصبح كلّ يوم إنساناً أفضل جسدياً وعقلياً وروحانياً، لا يتعلق الأمر بالمنافسة/ القتال فقط.

كنت أتدرب على فنون الدفاع عن النفس كلّ يوم، وأنا أمارس المواي تاي منذ 37 عاماً، كما أمارس الجوجوتسو منذ حوالي 12 عاماً. أنا أتدرب كلّ يوم لأنني أحب ذلك، ولأنه يعطيني كلّ هذه الدروس الرائعة عن الحياة حول المثابرة، حول أخلاقيات العمل والتواضع والشرف والاحترام، وهذه هي أهمية الفنون القتالية، التي من خلالها نصبح محاربين في الحياة، ونسعى خلف أحلامنا.

لا يتعلق الأمر بكونك مقاتلاً دائماً، يمكنك ممارسة فنون الدفاع عن النفس وتحلم بأن تكون ممرضاً، أو طبيباً، أو مديراً تنفيذياً، أو مدرساً، أو مهندساً، ويمكنك استخدام الدروس القيّمة من الفنون القتالية لتحقيق النجاح في الحياة.

المساهمون