أقيل لويس فيليبي سكولاري من تدريب نادي غريميو البرازيلي مع جهازه الفني، بسبب تواضع النتائج والتذبذب الكبير في مستوى الفريق خلال الفترة الماضية، باحتلال النادي الكبير مراكز متأخرة في الترتيب، ليغدو مهدداً بالهبوط.
رغم الإقالة أكد سكولاري صاحب الـ72 عاماً أنه سيبقى مشجعاً لغريميو، الذي درّبه لأربع فترات في 385 مباراة، وحقق معه لقب كأس ليبرتادوريس عام 1995 وكوبا سودأميركانا عام 1996 وكأس البرازيل 1994 والدوري البرازيلي 1996.
بعيداً عن غريميو، تطرح مسيرة سكولاري العديد من علامات التعجب حول ما إذا كان مدرباً عظيماً أم مدرب صدفة! حين تدخل إلى سيرته الذاتية سترى عدداً مهولاً من الأندية والمنتخبات التي أشرف عليها، فبحلول عام 2001 كان قد مرّ على 18 فريقا، فيما تجد مدربين آخرين بقوا في نادٍ واحد لعشرين عاماً وأكثر على غرار السير أليكس فيرغسون.
في عام 2001 وبينما كانت البرازيل تعاني في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لمونديال كوريا الجنوبية واليابان، وإثر إقالة المدير فاندرلي لوكسمبورغو وبعده إيمرسون لياو، تقرر وصول سكولاري الذي قام بالمهمة الصعبة والانتحارية، فقاد السيليساو للعرس الكبير، وحقق الصدمة بتتويجه في نهاية الأمر باللقب على حساب ألمانيا، بعدما اعتمد على العائد من الإصابة حينها الظاهرة رونالدو هداف تلك النسخة (8)، إضافة إلى طريقة لعبه بانتهاج خطة 3-5-2 على الورق التي فعلياً كانت تتحول إلى 3-6-1 باعتبار أن رونالدو رأس حربة وحده، وخلفه رونالدينيو وريفالدو.
بعد فوزه بكأس العالم تولى سكولاري منصب المدير الفني للبرتغال في 2003، وأشرف على استعداداتها كدولة مضيفة لكأس الأمم الأوروبية 2004. في النهائيات، تجاوزت البرتغال دور المجموعات، وتغلّبت على إنكلترا في ربع النهائي بركلات الترجيح قبل الفوز ثم هولندا في نصف النهائي، لكن الصدمة لسكولاري كانت بفشله في تحقيق اللقب عقب الخسارة أمام اليونان بهدف دون مقابل.
جاءت بعدها مهمة خوض غمار مونديال 2006، ووصل منتخب البرتغال مع سكولاري لنصف النهائي عقب الفوز على إنكلترا في ربع النهائي أيضاً، ثم الخسارة أمام فرنسا التي حلّت وصيفة بعدها إثر الهزيمة أمام إيطاليا بركلات الترجيح.
عند تلك اللحظة كان بإمكان سكولاري القيام بخطوة مغايرة في مسيرته والاتجاه إلى العاصمة لندن لتدريب منتخب الأسود الثلاثة، لكنه آثر في نهاية الأمر البقاء مع برازيل أوروبا، ربما بحكم اللغة وسهولة التواصل مع اللاعبين.
مرّت بطولة يورو 2008 وكانت البرتغال طوال تلك الفترة تمتلك لاعبين مميزين، بداية من روي كوستا ولويس فيغو وبعدها كريستيانو رونالدو وناني، ليعلن سكولاري نيّته خوض تجربة جديدة لكن على مستوى الأندية.
وصل سكولاري إلى عاصمة الضباب لندن من بوابة تشلسي، كانت سمعته أنه شخص قاسٍ وفظّ، حتى عندما سئل عما إذا كان قراره بالانضمام لتشلسي لم يتردد "نعم هذا أحد الأسباب" ثم أضاف "أنا بعمر الـ59 ولا أريد العمل كمدرب حتى أبلغ الـ70، أريد الاعتزال بعد أربع أو خمس سنوات، يمكنني أن أعرض على ابني فرصة للدراسة في مكان آخر، لا تحصل على هذه الفرصة إلا مرة واحدة وعليك استغلالها أو تركها".
تلك السنوات الأربع تحولت بعدها لعشر وأكثر، فهو اليوم تجاوز الـ70 من عمره!
حاول سكولاري أن يبدأ بشكلٍ جيد من خلال استقدام ديكو من برشلونة، الذي أشرف عليه في منتخب البرتغال، لكنه وجد نفسه خارج البلوز يوم 9 فبراير 2009، أي بعد فترة قصيرة للغاية بعد سلسلة من الأداء السيئ بلغت ذروته بهزيمة أمام ليفربول 2-0 وتبعها تعادل محبط أمام هال سيتي.
في 2009 وقع لنادي أف سي بونيودكور، جعله العقد الجديد صاحب أعلى مدخول في العالم بين المدربين، حيث كان يكسب 13 مليون يورو سنويًا. ولكنه غادر بالتراضي في 29 مايو 2010 بعد فشله في قيادة بونيودكور أبعد من دور الستة عشر في دوري أبطال آسيا.
درب بعدها بالميراس وتركه في 2012 بسبب سوء النتائج بعد اتفاق بين الطرفين، ليشرف على منتخب البرازيل مجدداً، فحقق لقب كأس القارات على حساب إسبانيا 3-0، لكن الصدمة لم تكن فقط في الخروج من نصف نهائي مونديال 2014، بل الخسارة الثقيلة والتاريخية على يد ألمانيا بنتيجة 1-7، حينها خرج قائلاً "أصعب ليلة في حياتي".
كلّ التجارب التي خاضها سكولاري لاحقاً شهدت رحيله بسبب المستوى غير المستقرّ للأندية، وهنا يختلف حقيقة البعض في عملية تقييمه، فكثرة التغيير والإقالات قد تدفعك للتشكيك في قدرته، لكن الألقاب التي حققها والظروف التي عاشها في أوقات أخرى تحتم عليك القول إنه كان مدرباً مميزاً، لكن قبل ذلك علينا الغوص أكثر في فلسفته.
كان سكولاري لاعباً يشغل مركز الدفاع في السبعينيات، اتسم بالجدية والقوة المفرطة أكثر من مهارته بالكرة، كان لا يرحم خصومه البتة.
فلسفة سكولاري المبكرة، ركزت على كرة القدم البراغماتية العدوانية، التي قادته إلى أول بطولة له في التسعينيات، كان أسلوبه خلال تلك الفترة فريداً بالنسبة للبرازيل، كان الهدف الوحيد بالنسبة له الفوز بعيداً عن الكرة الجميلة، حتى الفرق التي أدارها في فترة التسعينيات امتلكت خصائص مشتركة: دفاع صلب وهجمات مرتدة وروح عالية.
في تشلسي اصطدم بالصحافة، ومع أسلوبه القاسي ورغبته في السيطرة على الشخصيات الكبرى، اشتبك مع مايكل بالاك ونيكولاس أنيلكا وديدييه دروغبا، حتى أنه حاول مبادلة الأخير على أدريانو من إنتر ميلانو لكن الصفقة انهارت.
بسبب ضعف اللغة الإنكليزية وسوء التواصل، ناهيك عن الأسلوب البراغماتي الذي لم يفتن به أحد في ستامفورد بريدج، أقيل من تشلسي، لنقل طرد، وتعرّضت صورته في أوروبا للكسر، ولم يتعاف منها أبداً مع قلق الأندية الكبيرة من أساليبه الاستبدادية أو حتى الطريقة التي سيلعب بها.