ديربي ميلانو.. لا مثيل له

ديربي ميلانو.. لا مثيل له

17 أكتوبر 2020
ديربي ميلانو يعتبر واحداً من أشهر المواجهات في عالم كرة القدم (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

قبل سنوات خلت، لنقل في 2015، شعرنا جميعاً أن ديربي ميلانو كان نهاية حقبة تاريخية من فصول القصص الرائعة في إيطاليا، أو حتى لنقل كان كسقوط نظامٍ عالميٍ بأكمله، نعم كان هذا اللقاء يومها يثير حيرة الجميع بسبب الأسماء التي حضرت في الملعب.

شعر الجميع أن دوامة رمادية قد حامت حول سان سيرو، وكأن تلك الأحداث كانت من مآسي المدينة وما شهدته من عذاب طوال سنوات، بعدما كانت مركزاً للصراعات من العصور القديمة إلى الوسطى، بفضل مركزها التجاري وموقعها القيادي على سهول وادي بو، والطرق التي كانت تستخدم للوصول إلى جبال الألب.

نرى الديربي اليوم يصرخ بصوتٍ عالٍ رغم غياب الجماهير المتعطشة دائماً للاحتفال في المدرجات بسبب كورونا، صوتٌ واحد يُمكن سماعه في سان سيرو حتى مع غياب العشاق "لم أمت بعد"، كيف له أن يموت وهو أفضل حالاً مما كان عليه في 2015 و2016.

كمحبٍ للعبة للجميلة هناك مباريات تشعر أنه يجب عليك تجربتها، أو لنقل إنها فريضة كالحج والطقوس الدينية، سنحت لي فرصة متابعة ميلان وإنتر في سان سيرو العام الماضي قبل الجائحة، وهي مباراة ضمن قائمة لا بد لمن يهوى كرة القدم مشاهدتها، إلى جانب ريال مدريد برشلونة وريفر بليت وبوكا جونيورز وليفربول ومانشستر يونايتد، وأضف قائمتك الخاصة.

يُطلق على الديربي اسم "الغضب"، لكن بالعودة إلى أصوله قد ترى أن الخلاف بين الطرفين يعود لأسباب الانفصال والتأسيس، وحتى الفرق بين طبقات المجتمع في تلك الفترة، وهو بطبيعة الحال أقلّ ضراوة مما عليه في ديربي روما، الذي تعود فيه أسباب الصراع بين الطرفين إلى فترة الحكم الفاشي، أي أن تأسيس نادي روما جاء لينهي لاتسيو في فترة ما لولا تدخل الجنرال جورجيو فاكارو، الذي حافظ على النسور بما أنه كان مشجعاً مولعاً ومحباً لهم.

حسناً رغم ذلك لا يزال ديربي ميلانو يحافظ على نفس القدر من الشغف، اليوم بسبب كورونا لن نشهد تجمّع الجماهير أمام الكاتدرائية ولا حتى أمام غاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني كما كان يحصل في بعض الأوقات، وهو الممر الذي ستجد داخله واحداً من أهم الأسواق التجارية في أوروبا والعالم.

تحدّث إلى أي شخصٍ في مدينة ميلانو قبل شهر من الديربي، الشعور واضح ثابت غير متبدل أو متحول، هو مهمٌ للجميع، الأمر المثير هو نظرة الناس لهذه المباراة، يمكننا القول إنهم لا يتحدثون بالقدر عينه عن اللقاء كما في ديربيات ومدن أخرى.

في نهاية الأسبوع وبعد صافرة الحكم، اخرج إلى الشارع وتحدث لأي نادلٍ أو صاحب متجر أو سائق سيارة أجرى، أو حتى مصمم أزياء، ستحصل على نفس القصة، لن تكون هناك كراهية بينهم، ستسمع بعض التحليل عن فريق رائع وآخر لم يكن موفقاً أو في الموعد، ربما كنت ستشاهد الاحتفالات من الأجانب القادمين من خارج إيطاليا، الذين لا يشبهون بطبعهم أسلوب الحياة هناك، نحن منهم بطبيعة الحال، ستجد بعد الديربي مدينة منشغلة بحياتها اليومية، ليست مهووسة بترتيب فريقها في سلّم الكالتشيو.

التقدّم نحو الأمام ضروري، انظر إلى المدينة وستخبرك بقصتها الخاصة، اجتاحها الهون عام 452 ودمّرها القوط الشرقيون لاحقاً، ثم عادت وبنيت ودُمرت عشرات المرات، هي أيقونة حديثة وجميلة غارقة في التاريخ، هذه المباني التي يمكن أن تكون في متحف، مُنغمسة في الشعارات الحديثة والعلامات التجارية مع تلك النوافذ الزجاجية اللامعة والبضائع الفخمة بالداخل.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

سنرى في هذا الديربي كلاماً مطولاً عن عودة زلاتان إبراهيموفيتش من الإصابة، إضافة للكثير من الأحلام والطموح بعودة المنافسة إلى ما كانت عليه في الماضي، لنقل إنها لمسة حنين.

مشجعو الفريقين كما جرت العادة في قمة التوتر، إنتر دفع أموالاً طائلة ودعم صفوفه بأسماء عديدة من أجل لقب السكوديتو الذي طال انتظاره بعد هيمنة طويلة ليوفنتوس، الضغوطات كبيرة من قبل سونينيغ على ماروتا وأنطونيو كونتي، إنتر يريد هذا الديربي ونقاطه، هو بحاجته، لكن الفوز على زلاتان ودوناروما لن يكون بهذه السهولة.

يقف هاكان مع زملائه في منتصف الطريق، أمام عيني باولو مالديني، والجميع يريد الفوز، حصد النقاط مهم، ربما ليس لتحقيق الدوري لكن مقعداً في دوري الأبطال سيكون أمراً مرضياً للجميع. 

لكورونا أيضاً رأي خاص بعدما أطاح بالعديد من لاعبي إنتر تحديداً، الذي سيعول على دكة بدلائه القوية ووفرة الأسماء لديه، هذه هي قصة ديربي ديلا مادونينا اليوم السبت، 17 أكتوبر 2020.

كلّ ديربي في ميلانو مميز، لن يكون الروتين نفسه هذه المرة، قلب سان سيرو لن يهتزّ، لن نرى الأولتراس، لا الكورفا سود ولا حتى الكورفا نورد، دائماً ما تعودوا على ربط قصصهم وأغانيهم وحتى "التيفو" الخاص بهم، بالتاريخ الذي يعطونه أهمية كبيرة، نعم التاريخ، لأنه ديربي ديلا مادونينا، وهذه هي ميلانو.

المساهمون