لا يغيب موضوع اللاعب المحلي والمحترف عن أي نقاش حول واقع كرة القدم الجزائرية، حيث يطفو هذا الموضوع في كل مرة على السطح ويعود ليخلق الجدل مرة أخرى، بين من يرى أن المستوى الفني للاعبين مزدوجي الجنسية، ممن حصلوا على فرص للتكوين في المدارس الكروية الأوروبية أكثر جودة، وأن مكانتهم مع الخضر لا نقاش فيها، في حين يرى النصف الآخر أن اللاعب المكون محلياً يمتلك كل المؤهلات للمزاحمة، فقط أنه تعرض لتهميش ممنهج في فترة المكتب الفدرالي السابق.
وبين هذا وذاك، تمكن مدرب الخضر جمال بلماضي، من خلق توليفة متكاملة تمكن بواسطتها من الظفر بكأس أمم أفريقيا، حتى من باب الصدف أن هذا التوليفة، كانت متعادلة من حيث العدد، بتواجد 5 لاعبين خريجي الأندية الأوروبية و5 آخرين من خريجي المدرسة المحلية.
هذا الأمر أعاد الأمل للاعبي الأندية الجزائرية، بالحلم مرة أخرى لتقمص ألوان الخضر، بعد أن كان الأمر شبه مستحيل في وقت سابق، بل الأمر تجاوز ذلك إلى فتح آفاق جديدة، مكنت هؤلاء من طرق أبواب البطولات الأوروبية.
الساعات الأخيرة للميركاتو الصيفي هذا الموسم، حملت في طياتها أخباراً سعيدة لعشاق كرة القدم الجزائرية، حيث عرفت انتقال الدولي سعيد بن رحمة إلى نادي ويستهام، بعد مواسم تألق فيها مع نادي برينتفورد في البريمرشيب وضيع التأهل في آخر رمق.
لربما لا يعلم الكثيرون أن بن رحمة ولد في الجزائر، وحمل ألوان نادي بطيوة بغرب الجزائر، قبل أن تشد عائلته الرحال نحو فرنسا، وهناك تدرج عبر العديد من الأندية قبل أن يصل إلى نادي نيس بالقسم الأول، وهو ما فتح له أبواب المنتخب الوطني.
أما بخصوص جمال بلعمري، فإن في قصته العديد من المحطات التي يمكن أن يُؤلف من خلالها العديد من الكتب، فاللاعب وُضع اسمه في القائمة السوداء، وحُرم من اللعب للمنتخب الجزائري، رغم المستويات التي كان يظهرها مع نواديه السابقة، سواءً وفاق سطيف أو شبيبة القبائل، حتى أن جماهير هذا الأخير، علقت لافتة كتبت فيها أن بلعمري جزائري ويستحق الفرصة، في وقت كان يعاني فيه الخط الخلفي للخضر.
بلعمري الذي تم تشويه سمعته مع سبق الإصرار والترصد، وظهر في بعض البرامج متأثراً، بل تمكن منه اليأس لدرجة رغبته في اعتزاله دولياً، رغم أنه لم يستدع إلا مرتين، إحداهما منح كل اللاعبين فرصة للمشاركة إلا هو، ليجد في بلماضي الرجل الذي أنقذه من غياهب النسيان، وفتح له أبواب المجد على مصراعيها، فيصبح بين عشية وضحاها من اللاعب المنبوذ، إلى قائد دفاع الخضر، يعانقه الحارس مبولحي تقديراً بعد كل لقاء، ويلطخ قميصه بالدماء دفاعاً عن مرمى هذا الأخير.
في قصة بن رحمة وبلعمري، وكذلك بن سبعيني الذي حُرم من المنتخب في وقت سابق، أو عطّال الذي رفض الجميع استدعاءه من طرف ألكاراز، أو بلايلي الذي ظن الجميع أنه انتهى، أو حتى بوداوي الذي لم يتقبل البعض تواجده في قائمة الكان، في قصة هؤلاء أمل كبير لكل شاب وُلد في الجزائر وترعرع فيها، أنه لا فرق بينه و بين غيره إلا الثقة التي يجب أن يُمنح إياها، والدعم الذي يجب أن يلقاه، والعمل الذي يجب أن يواظب عليه، فالجينات التي يمتلكها كل نجوم المنتخب نفسها التي يمتلكها أي شاب في أي قرية، لذلك نجاح هؤلاء هو خير مثل لإسكات دعاة الفشل، من أرادوا زرع اليأس وقطع الأمل، فاليوم نعيش في وقت، أبواب المنتخبات الوطنية مفتوحة لكل من يمتلك جواز السفر الجزائري وفقط.