برايان كلوف.. لقد حان الوقت لشكره! (2-2)

12 فبراير 2015
+ الخط -

"أنا الرقم 1 في كل شيء، لا أحد يقول عني مورينيو، بل الاستثنائي، وفي أوقات أخرى الرجل السعيد الوحيد". يتحدث جوزيه مورينيو عن نفسه وكأنه الناجح الوحيد في تاريخ كرة القدم. هذه الشخصية الغريبة التي رسمها البرتغالي منذ نعومة أظافره التدريبية، وبداية نجاحاته الأوروبية مع فريق بورتو البرتغالي، ويعتقد الكثيرون أن جوزيه هو أول مدرب في تاريخ اللعبة يقوم بهذه الأشياء، لكن هذا الاعتقاد غير صحيح بالمرة، لأن هناك اسما آخر سبقه في هذا المجال، إنه برايان كلوف.

ليدز الملعون
في موقع IMDb الخاص بالأفلام، توجد صفحة خاصة بفيلم The Damned United، ويحصل على تقييم عالٍ ومديح كبير من الجماهير، والمفاجأة أن هذا الفيلم يتحدث عن المدرب "برايان كلوف" ومسيرته القصيرة جداً مع نادي ليدز يونايتد، الفريق العريق الذي نافسه كثيراً بقيادة المدرب دون ريفي أيام فترة وجوده في ديربي كاونتي.

تم تعيين ريفي كمدرب لمنتخب إنجلترا، ليجد مدراء نادي ليدز في المدرب كلوف الخيار الأمثل لتولي قيادة النادي، وتوقع الجميع نجاحات عريضة، خصوصاً أن برايان كان من أشد المتابعين لفريق ليدز، وكانت هناك صولات وجولات بين فريقه القديم ديربي كاونتي وفريقه الجديد ليدز يونايتد، ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز.

رفض صديقه تايلور الذهاب معه إلى ليدز، لأنه كان يكره أسلوب لعبهم العنيف، وخلال أول مقابلة للمدرب كلوف قبل توليه المهمة رسمياً بأيام، سأله المحاور عما هي الإضافات التي سيقوم بتقديمها لفريق فاز بكل شيء مع دون ريفي، ليفاجئ كلوف الجميع بإجابة صادمة، لم يفوزوا بدوري أبطال أوروبا، هناك فشل حقيقي في منافسات القارة العجوز، لتزيد الفجوة سريعاً بينه وبين لاعبي ليدز الذين آمنوا بدون ريفي فقط وكرهوا كلوف قبل أن يبدأ مهمته.

ويستمر الفيلم السينمائي في عرض الرحلة الغريبة بين المدرب واللاعبين داخل نادي ليدز، من خلال حرب التصريحات المستمرة، والمقارنات المعقدة بينه وبين المدرب السابق، لتتم إقالته بعد ست مباريات رسمية، ويترك النادي بعد 44 يوم فقط، في مسيرة تم وصفها باللعنة وليس الوحدة.

وضع كلوف دائماً المدرب دون ريفي أمام عينيه، وهناك مقولة شهيرة له وجهها مباشرة إلى منافسه حينما قال "انتظر فقط خمس سنوات، وستعرف أين سأكون وأين أنت ستكون، فقط خمس سنوات، انتظرها يا ريفي!"، قال كلوف هذه الكلمات بعد رحيله عن ليدز، ليحقق المعجزة الكروية، ويلامس أعظم درجات الشرف الكروي أوروبياً، مع فريق متواضع يُدعى نونتجهام فورست.

فورست
يمثل برايان كلوف لفريق نوتنجهام فورست نفس قيمة السير أليكس فيرجسون مع مانشستر يونايتد، ولكن فريق اليونايتد وصل إلى البطولات مع أسماء أخرى غير فيرجسون، لكن فورست لم يصل أبداً إلى المجد إلا مع المدرب كلوف، المدير الفني الذي قادهم لأهم ثلاثة ألقاب في تاريخهم، بطولة الدوري الإنجليزي خلال عام 1977-1978، وأغلى بطولتين في أوروبا عامي 1979، 1980، مع حفنة من الكؤوس المحلية.

رحلة نوتنجهام بدأت أيضاً من الدرجة الثانية، وخلال عامين فقط وصل الفريق تحت قيادة كلوب إلى الدوري الممتاز، وفي أول موسم له بعد صعوده إلى دوري الكبار، يحقق الفريق المفاجأة ويفوز بالدوري أمام فرق بتاريخ ليفربول، إيفرتون، آرسنال ومانشستر سيتي، ويعود برايان إلى دائرة الضوء من جديد، ويستعيد كامل تاريخه مع فريقه الجديد، لكنه ينسى تماماً بطولة الدوري المحلي، ويركز على شيء واحد فقط، الحصول على بطولة أوروبية.

المجد الأوروبي
إذا قمت بتصفح الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ستجد قائمة الشرف لأعظم الأبطال، ومن بينهم نوتنجهام فورست، البطل الذي نال آخر نسختين في فترة السبعينيات، وبالمناسبة هو أقل فريق فائز من ناحية الشهرة الجماهيرية العالمية، وهذا الأمر يُحسب للمدرب برايان كلوف الذي نجح في قيادة النادي الصغير إلى تاريخ غير مسبوق، بعد أن تحدى منافسيه ووضع نفسه داخل حيز التحدي، برهانه على الكرة الأوروبية وفوزه في النهاية ببطولتين.

فاز نونتنجهام في البطولة الأولى على جراتسشوبرز السويسري، ثم أخرج العملاق الألماني كولن من نصف النهائي، قبل أن يحقق اللقب على حساب مالمو السويدي بهدف من دون رد. بينما كانت البطولة الثانية هي الأصعب، بعد إخراجه لبرلين بطل ألمانيا الشرقية في ربع النهائي، وفوزه على البطل الهولندي أياكس في النصف، ليقابل هامبورج الذي فاز على ريال مدريد، ويهزمه أيضاً في النهائي بهدف نظيف.

الدفاع القوي والهجوم السريع المنظم مع الضغط المستمر على المنافسين، هذه هي أسلحة نونتجهام فورست في أوروبا، الفريق الذي نجح مع طريقة اللعب 4-4-2 الإنجليزية التي كانت تتحول إلى 4-5-1 في الدفاع، بعودة المهاجم الصريح إلى منطقة الوسط واللعب في الأمام بلاعب واحد فقط، بينما تصبح هجومياً 4-2-4 بصعود الجناحين إلى الأمام وصنع رباعية قوية بالثلث الأخير من الملعب، لذلك اعتمد كلوف على "التوازن الخططي" بالنجاح الدائم في الدفاع والهجوم.

شكراً
الطريقة مهمة Style Play، الفوز فقط أمر غير كافٍ، يجب أن تلعب كرة جميلة، تمرر بشكل سريع، ولا تكتف بالكرات الطويلة فقط، لذلك فرق برايان كلوف امتازت بالتنوع عكس معظم الفرق المنافسة. ويؤكد كلوف دائماً أنه لا يهتم بمسميات التشكيلة، بل يجب أن يتحرك الفريق كوحدة واحدة، ويملأ كافة الفراغات داخل الملعب، وهذا هو السر الحقيقي وراء تفوق نوتنجهام أوروبياً، بسبب المرونة التكتيكية التي جعلت الفريق يلعب بأكثر من خطة في المباراة الواحدة.

"لن أقول بأنني الأفضل، ولكنني سأؤكد أنني الأول دائماً، على القمة". هكذا كان المدرب برايان كلوف يقدم نفسه، ليضع دائرة من الاتهامات بالغرور حول شخصيته، لكن يؤكد الكاتب "ويسلون" خلال كتابه عن السيرة الذاتية لكلوف، أن كل هذه الأقاويل السلبية لا تساوي شيئاً مقارنة بالعمل الفني والتكتيكي للرجل الذي غيّر مسار الكرة الإنجليزية، في عنوان يُلخص مسيرة الرجل العاشق لكرة القدم، برايان كلوف، لا أحد يقول شكراً أبداً، في رسالة تقدير لصانع أمجاد نوتنجهام.

المساهمون