الشعب يريد جزائر بلماضي

14 نوفمبر 2020
+ الخط -

الفوز الجديد الذي حققه المنتخب الجزائري أمام زيمبابوي في تصفيات كأس أمم أفريقيا رغم صعوبته أعاد الحديث في وسائل الإعلام الجزائرية ووسائل التواصل الاجتماعي عن إنجازات المدرب جمال بلماضي وكتيبته التي لم تهزم على مدى 21 مباراة متتالية وحافظت على تميزها وإبداعها وتألقها منذ تتويجها بلقب كاس أمم أفريقيا في شهر يوليو 2019، حيث أجمعت التعليقات على أن ما يفعله المدرب باستمرار واقتدار في ظرف وجيز،  يشكل مثالاً جميلاً يجب أن يقتدي به كل المسؤولين وفي جميع المجالات، لدرجة جعلت الكل يأمل في جزائر تشبه تلك التي يقودها جمال بلماضي كروياً، وجعلها مصدر فخر واعتزاز للجزائريين في زمن لم يعد لديهم ما يعتزون ويفتخرون به في ظل التراجع الذي تشهده قطاعات كثيرة، رغم ما تزخر به الجزائر من إمكانات بشرية، مادية وطبيعية خارقة.

تميز وتألق المنتخب الجزائري في ظل الانسداد السياسي السائد والتراجع الاقتصادي المتزايد والظروف الاجتماعية والصحية الصعبة التي يعيشها الجزائريون، وكذلك التذمر الحاصل في جميع الأوساط حتى بعد انتخابات الرئاسة والاستفتاء على الدستور وسجن الكثير من رموز النظام الأسبق، كلها عوامل دفعت الجزائريين إلى الدعوة للاقتداء بما يفعله جمال بلماضي في المنتخب والسعي نحو إحداث النقلة النوعية المماثلة من خلال تكليف أمثاله من الكفاءات بتسيير الشؤون العامة في كل المجالات الأخرى التي تعاني من تراجع في التسيير والتدبير، على مدى سنوات تفشى فيها الظلم والفساد والمحسوبية والجهوية، وساد فيها الحقد والكراهية وتصفية الحسابات بين الناس، ما أدى إلى خروج الجزائريين في حراك شعبي عظيم، حرك القلوب والعقول والنفوس، والغيرة على بلد أثبت جمال بلماضي بأنه قادر على صناعة المعجزات.     

جمال بلماضي بعث في نفوس لاعبي المنتخب الجزائري روحاً غابت لسنوات طويلة عند نفس اللاعبين، وغرس فيهم عزيمة وإصراراً وحباً وتعلقاً بالألوان الوطنية، وصنع لهم هوية لعب انخرطوا فيها كلهم في ظرف زمني قياسي، ما يعني أن كل شيء في الحياة يقوم على القيادة الحكيمة وقدرات المسؤول المباشر الذي يعرف كيف يتعامل مع المجموعة ويحميها ويساندها، وهو الأمر الذي يحدث مع المدرب بلماضي باستمرار رغم أن إطاحة بطل أفريقيا صارت غاية كل المنافسين الذين يواجهون الخضر، بما في ذلك كولومبيا والمكسيك في المباراتين الوديتين، وزامبيا وبوتسوانا وزيمبابوي في تصفيات كأس أمم أفريقيا، في انتظار انطلاق تصفيات كأس العالم السنة المقبلة.   

 

المدرب السابق للمنتخب الجزائري رابح ماجر الذي كانت علاقته سيئة جدا باللاعبين والمناصرين والإعلاميين كان يرفض الاستقالة خوفاً على المنتخب من دخول أزمة لن يخرج منها على حد تعبيره ، لكن بمجرد قدوم بلماضي دخل المنتخب فعلا في أزمة من نوع خاص جعلت اللاعبين وحوشا فوق الميادين فازوا باللقب القاري بجدارة واستحقاق وبكل الألقاب الفردية في البطولة التي احتضنتها مصر،  وبقيت شاهدة على ميلاد منتخب يحافظ على توازنه في كل مباراة، بل يتحسن من لقاء لآخر، ما صنع إجماعا لم يسبق له مثيل في أوساط الإعلاميين والمحللين والمناصرين حول المدرب بلماضي كونه مثالا حيا عن الجزائر الجديدة التي يريدونها فعلا وليس بالشعارات والوعود.    

 الجزائريون الذين كانوا في عهد ماجر يخجلون من منتخبهم ويتحسرون عليه، صاروا اليوم يحلمون بتلك الجزائر التي يقودها بلماضي كرويا ويريدون "للأزمة" أن تنتقل كالعدوى إلى جزائر الرياضات كلها، وجزائر السياسة والثقافة والاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا، ليس فقط في تحقيق النتائج ولكن من حيث الإبداع والتميز والجهد والعطاء والاستثمار في الإمكانات المتوفرة، خاصة أن الرجل جعل من المنتخب الجزائري لكرة القدم بطلا لأفريقيا بنفس اللاعبين الذين لم يقدر من سبقوه على تحفيزهم وتجنيدهم ومرافقتهم على تحقيق ما حققوه اليوم، وبنفس المغتربين الذين تعرضوا للتشكيك في وطنيتهم والتزامهم مع منتخب بلادهم الذي صار مفخرة الجميع.

بلماضي رفع تحدياً كبيراً بما حققه في ظرف وجيز بشعار المستحيل ليس جزائرياً، ورفع سقف الطموحات عالياً عندما وعد مؤخراً بالتأهل إلى مونديال قطر  والمشاركة من أجل المنافسة على اللقب وليس من أجل المشاركة فقط، وتسبب بالمقابل في كشف من سبقوه، وجعل الجميع يحلم ببلوغ جزائر  بلماضي في كل المجالات.

المساهمون