الرياضة الفلسطينية خلال عامين... أقوى الإنجازات بأحلك الظروف

08 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 18:33 (توقيت القدس)
تحدّى نجوم الرياضة في فلسطين جميع الظروف (العربي الجديد/إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إنجازات كرة القدم الفلسطينية: وصل منتخب فلسطين إلى المرحلة الحاسمة من تصفيات كأس العالم 2026 لأول مرة وتأهل لدور الـ16 في كأس آسيا 2023، رغم التحديات مثل توقف الدوري المحلي بسبب الحرب الإسرائيلية.

- إنجازات فردية في الرياضات الأخرى: تألقت مريم بشارات في الكاراتيه بفوزها ببطولات عالمية، وحققت حلا القاضي ميداليات ذهبية وفضية في بطولات غرب آسيا، وشارك ثمانية رياضيين فلسطينيين في أولمبياد باريس 2024.

- إنجازات جماعية وفردية أخرى: فاز منتخب فلسطين للسيدات تحت 20 عاماً ببطولة غرب آسيا 2025، وتألق سني سكاكيني في كرة السلة، وساهم وسام أبو علي في تتويج الأهلي المصري بلقب الدوري الممتاز.

حقّقت الرياضة الفلسطينية عدداً من الإنجازات غير المتوقعة، خلال العامين الأخيرين، رغم حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكان من أبرزها وصول منتخب فلسطين الأول لكرة القدم إلى المرحلة الحاسمة من تصفيات بطولة كأس العالم 2026، لأول مرة في تاريخه.

وعلى الرغم من الاستهداف الممنهج للرياضة الفلسطينية، والذي عبرت عنه حصيلة الشهداء الرياضيين، التي فاقت 810 أشخاص، ودمار 288 منشأة رياضية، وفقدان أثر 119 رياضياً، فإن الرياضة الفلسطينية لم ترفع الراية البيضاء، منذ اليوم الأول لحرب الإبادة الإسرائيلية، ووقفت في وجه المجازر، مؤكدة دورها الواضح في التعبير عن آمال الناس في فلسطين، وتطلعاتهم المشرعة.

"الفدائي".. أقدام ركلت الاحتلال

سجل منتخب فلسطين الأول لكرة القدم أفضل إنجازين في تاريخه، خلال حرب الإبادة المستمرة على الشعب الفلسطيني، إذ تمكن من الوصول إلى دور الـ16 لبطولة كأس آسيا 2023، لأول مرة في تاريخه، بعدما نفض عن كتفيه غبار الخسارة في المباراة الأولى أمام إيران (1-4)، مسجلاً تعادلاً إيجابياً (1-1) أمام الإمارات، كان يمكن أن يتحول لانتصار أول في تاريخ مشاركات "الفدائي" بالبطولة، قبل أن يعوّض ذلك في مباراته الثالثة، عندما اكتسح منتخب هونغ كونغ بنتيجة 3-0، الأمر الذي سمح له بتحقيق انتصاره الأول تاريخياً في مشاركته الثالثة، ثم باجتياز الدور الأول للمرة الأولى في سجله.

وودع "الفدائي" بطولة قطر 2023 من الدور الثاني مرفوع الرأس، بعد المباراة الكبيرة التي قدمها أمام حامل اللقب، المنتخب القطري، إذ تقدم أولاً بأقدام مهاجمه عدي الدباغ، قبل تلقيه هدفين اثنين، فرافقته تصفيقات الجماهير مودعاً. وحقق "الفدائي" إنجاز آسيا 2023، رغم خوضه أطوار البطولة بعدد كبير من اللاعبين، الذين فقدوا فرص اللعب مع أنديتهم بصورة مستمرة، إثر توقف الدوري الفلسطيني للمحترفين (الضفة الغربية)، ودوري الدرجة الممتازة (قطاع غزة) مباشرة بعد السابع من أكتوبر 2023، إلى جانب عدم قدرته على الاستفادة من لاعبي قطاع غزة، بسبب ظروف الحرب، ومنع السفر، وأبرزهم: لاعب الوسط أحمد كلاب، والمهاجم خالد النبريص، والمدافع إبراهيم أبو عمي، والحارس عبد الله شقفة.

وترك إنجاز آسيا 2023 انطباعات إيجابية جداً عن قدرة اللاعب الفلسطيني على اللعب في مستويات عالية، فتعاقدت أندية الدوريات في ليبيا والأردن وقطر ومصر، بشكل خاص، مع معظم لاعبي منتخب فلسطين الأول لكرة القدم مباشرة، بعد مشاركته في البطولة القارية، الأمر الذي سمح لـ"الفدائي" باجتياز الدور الثاني من تصفيات بطولة كأس العالم 2026، وحسم بطاقة الوصول الرابع إلى كأس آسيا 2027. وحلّ "الفدائي" ثانياً في المجموعة التاسعة خلف منتخب أستراليا، بعدما جمع ثماني نقاط من انتصارين على بنغلاديش، وتعادلين مع لبنان، وخسارتين أمام أستراليا، الأمر الذي سمح له بالوصول للمرة الأولى في تاريخه إلى المرحلة الحاسمة من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026.

ومرت رحلة "الفدائي" في تصفيات بطولة كأس العالم 2026 بمنعرجات متعددة، وتأثرت كثيراً بعدم قدرته على خوض المباريات على أرضه، إذ اضطر إلى اختيار عدد من الملاعب البديلة لملعبه البيتي، الأمر الذي لم يُسمح له بالمنافسة على بطاقة الوصول إلى البطولة العالمية بعد مرور ست جولات، رغم افتتاحيته التاريخية لمشواره في التصفيات، بعدما عاد بنتيجة التعادل من العاصمة الكورية سيول، أمام المرشح الأول للوصول إلى كأس العالم عن المجموعة الثانية، منتخب كوريا الجنوبية.

وكاد "منتخب الحالمين" يصنع عودته الأهم تاريخياً، بعدما استعان بجهاز فني وطني، قاده المدرب إيهاب أبو جزر، بمساعدة كل من: محمد دجاني، وفراس أبو رضوان، وإبراهيم أبو ماضي، حيث حقق انتصاره الأول في التصفيات بصورة "دراماتيكية" عندما قلب تأخره أمام العراق، في المباراة التي احتضنتها عمان، إلى انتصار بهدفين لهدف، وكرر الانتصار في الجولة، التي تليها أمام منتخب الكويت في العاصمة الكويتية، فأصبح قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى دور "الملحق" المؤهل إلى مونديال أميركا وكندا والمكسيك. وحافظ "الفدائي" على فرصته التاريخية للقتال على بطاقة العبور إلى المونديال، عندما استقبل نظيره العُماني على أرضية استاد الملك عبد الله الثاني (القويسمة) في عمان، ضمن لقاءات الجولة الأخيرة، لكنه فرط بانتصار قريب عندما تلقت شباكه هدفاً عُمانياً في الدقيقة الـ 95، أعاد المباراة إلى نتيجة التعادل التي أهلت "الأحمر" إلى دور الملحق في النهاية، بدلاً من منتخب فلسطين. ورغم خروجه، حظي منتخب فلسطين بالكثير من الإشادة، بعدما صنع عدداً من اللحظات الخالدة في التصفيات، أهمها تمكنه من فرض نتيجة التعادل في مناسبتين على منتخب كوريا الجنوبية، الذي تأهل إلى المونديال للمرة الحادية عشرة توالياً. 

بشارات والقاضي.. بطلتان فلسطينيتان رغم الإبادة

في الوقت الذي كانت تجتاح فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي مُدن الضفة الغربية، بحثاً عن استعراض جديد للغطرسة، تتخلله مجموعة جديدة من المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، كانت ابنة مدينة نابلس، مريم بشارات، تصعد متوجة بالمركز الأول في بطولة العالم للكاراتيه للناشئين والشباب تحت 21 عاماً، التي احتضنتها مدينة فينيسيا الإيطالية في الثاني عشر من أكتوبر 2024. وجاءت هذه اللحظة التي وصفتها بشارات، في حديث خصت به "العربي الجديد"، بأنها "جاءت بعد معوقات كثيرة، أبرزها ارتفاع عدد الحواجز في الضفة الغربية، وعدم القدرة على المشاركة في البطولات المحلية"، بعد فترة من تتويج اللاعبة نفسها بذهبية الدوري العالمي لفئتي الناشئين، والشباب تحت 21 عاماً، في الفجيرة 2023، وفضية بطولة غرب آسيا في عمان 2023، وذهبية بطولة الدوري العالمي في لاكورونيا 2024، وبرونزية بطولة الدوري العالمي في برنيتش 2024، وذهبية بطولة آسيا في مانيلا 2024.

ومكّنت هذه الإنجازات الاستثنائية اللاعبة الفلسطينية من تصدر التصنيف العالمي في لعبة الكاراتيه لفئة "الكاديت"، في شهر إبريل/ نيسان الماضي، قبل حصولها على فضية بطولة آسيا، التي احتضنتها الصين، منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي. وبعد فترة من كونها أول لاعبة فلسطينية تفوز بميدالية برونزية في تاريخ مشاركات فلسطين بدورة الألعاب الآسيوية، والثانية عموماً بعد برونزية منير أبو كشك في بوسان 2002، تمكنت البطلة الفلسطينية، حلا القاضي، من التتويج بالميدالية الذهبية داخل بطولة غرب آسيا للكاراتيه، التي احتضنتها المملكة الأردنية الهاشمة، في أغسطس/ آب الماضي، وكانت القاضي قد تُوجت بالميدالية الفضية في لعبة الكاراتيه، ضمن منافسات دورة الألعاب العربية، التي أقيمت بالجزائر، في الرابع عشر من يوليو/ تموز 2023.

إنجازات جماعية وفردية في الرياضة الفلسطينية

ضمت بعثة فلسطين المشاركة في أولمبياد باريس 2024 الصيف الماضي، ثمانية رياضيين، متجاوزة أعلى رقم في تاريخ مشاركات البلاد داخل أكبر تجمع للرياضيين في العالم. ومثّل فلسطينَ في هذا الحدث السباحَان فاليري ترزي ويزن البواب، والعداءَان ليلى المصري ومحمد دويدا، ولاعب التايكواندو عمر إسماعيل، ولاعب الجودو فارس بدوي، ولاعب الملاكمة وسيم أبو سل، ولاعب الرماية جورج الصالحي.

وتمكن منتخب فلسطين (تحت 20 عاماً) من تحقيق اللقب الأول في تاريخ كرة القدم الفلسطينية للسيدات، بعدما عاد من مدينة العقبة في المملكة الأردنية الهاشمية مُتوجاً بلقب بطولة غرب آسيا في نسختها الخامسة (2025)، إثر انتصاره على نظيره الأردني في المباراة النهائية، بفارق الركلات الترجيحية، في الثاني عشر من إبريل الماضي.

ومن جانبه حصد أسطورة كرة السلة في فلسطين، النجم سني سكاكيني (37 عاماً) لقب الدوري التايواني، مع فريق نيو تايبيه كينغز، بعد أدائه المتميز مع الفريق. وأكد سكاكيني، في حديث لـ"العربي الجديد"، خلال وقت سابق أنه يستمتع بوقته مع الفريق التايواني، مضيفاً: "أحظى بأدوار مهمة جداً مع فريقي حالياً، وهو ما أفضله، رغم ما يضعه عليّ من ضغوط، وعموماً يساعدني الفريق في تأدية دوري بأحسن صورة ممكنة". وشدد سكاكيني على تأثره المباشر بالنتائج، التي تركتها حرب الإبادة، مضيفاً: "عندما بدأت الحرب كنت محترفاً مع نادي الرياضي اللبناني، وتأثرت نفسيتي بالأحداث، خاصة بعد انقطاع الاتصال مع عدد من الأقارب والأصدقاء في قطاع غزة، ومع تعطل عدد من المشاريع التي أملكها في فلسطين. عموماً، لن ينظر الناس إلى ما يحدث معك خارج الملعب؛ لذلك حاولت بصفتي لاعباً أن أفرّق بين المكانين (داخل الملعب وخارجه)، ونجحت في ذلك".

وساهم المهاجم الفلسطيني، وسام أبو علي، في تتويج النادي الأهلي المصري بلقب بطولة الدوري الممتاز في النسختين الأخيرتين، لكن رقمه الأهم تمثل في كونه أول لاعب فلسطيني يُتوج بلقب هداف الدوري المصري تاريخياً، بتسجيله 18 هدفاً خلال 19 مباراة من منافسات البطولة لموسم 2023-2024.  وأصبح أبو علي ثاني لاعب عربي يسجل "هاتريك" في مونديال الأندية، بعد الليبي حمدو الهوني 2019، إثر تسجيله ثلاثية من الأهداف في مرمى بورتو البرتغالي، ضمن لقاءات الجولة الثالثة من دور المجموعات للبطولة، التي احتضنتها الولايات المتحدة الأميركية صيف هذا العام، وثاني لاعب يسجل ثلاثة أهداف في مرمى فريق أوروبي داخل بطولة دولية للأندية، بعد البرازيلي بيليه، الذي سجل "هاتريك" في مرمى بنفيكا عام 1962.

المساهمون