الرجل الفضائي وعملية التكيّف

19 نوفمبر 2018
ميسي لاعبٌ استثنائي بالفطرة (لويس جيني/فرانس برس)
+ الخط -
بعد خمسة عشر عامًا من ظهوره الأول في برشلونة  خلال مباراة ودية، لا يزال ليونيل ميسي قوياً. قوياً جداً، لدرجة أن البعض قد يؤمن بنظرية أنه كائنٌ فضائي.

قبل فترة لعب ميسي إحدى المباريات، واستمر في كسر عددٍ لا يحصى من الأرقام القياسية، بات الهداف الأول للنادي الكتالوني وكذلك الأول في الليغا ومنتخب بلاده، كما فاز بالكرة الذهبية خمس مرات، وبـ 33 لقباً مع البرسا.

في الوقت الراهن لم تظهر أي علامات من التباطؤ عليه، سجل ميسي 14 هدفاً في 13 مباراة بجميع مسابقات هذا الموسم، وهو أفضل هداف في الليغا، بتسجيله هدفاً كلّ 87 دقيقة على الرغم من غيابه لثلاثة أسابيع، لكن كيف يفعل ذلك؟

في كتابٍ عن ميسي من تأليف آندي ويست وغويلم بالاغ، يتحدث الكاتبان عن نظرية يؤمنان بها "ميسي رجل فضائي، وإلا كيف يمكنه أن يفعل ذلك"، حتى زميله جيرارد بيكيه مؤيدٌ لوجهة النظر هذه.

وحول هذا الأمر يقول بالاغ: "في النظرية الغريبة، كتبت أن هناك 11 عنصراً تحتاجها كي تكون ميسي، ولهذا السبب يجب أن يكون فضائياً. العائلة المناسبة، وحياته في عالم كرة القدم، ماذا لو ولد في أستراليا؟ هل سيكون ميسي الذي نعرفه؟ لا أعتقد ذلك. في الأرجنتين نعم، الأمر مختلف، لديك الدافع والطموح والالتزام والتضحية والثقة والقيادة والذكاء العاطفي والجينات ويجب أن تمتلك الحظ، ضع كل هذه العناصر واحصل على ميسي بعدها، هو كالصخرة التي إذا سقطت من أعلى الجبل تدمر كل ما تصادفه في طريقها".


التأقلم والتطور
لعب ميسي مع برشلونة، تحت إمرة ستة مدربين في كامب نو، وهو الآن قائد الفريق بعد رحيل أندريس إنييستا.

وقال ويست عن ذلك: "لقد كان منفتحاً على التكيف مع المواقف الجديدة والمدربين الجدد وزملاء الفريق الجدد، ومواقع اللعب، أعتقد أن هذا الأمر مهمٌ للغاية". وأضاف: "حتى إذا كان أعظم لاعب في التاريخ يجب أن يكون منفتحاً على تغير بقية اللاعبين، كان عليه أن يتخلى عن دور المهاجم الوهمي، الذي سجل من خلاله 91 هدفًا في عام 2012، لأن هذا المركز توقف عن العمل".

ميسي دائماً ما كان يلعب إلى جانب لاعبين جدد كل عامين أو ثلاثة، في فترة كان إلى جانبه رونالدينيو وصامويل إيتو وديكو، فجأة رحل الثلاثة ووجد معه تيري هنري وتشافي وإنييستا، ثم دافيد فيا وبدرو رودريغز، وبعدها لويس سواريز ونيمار ومن ثم الآن كوتينيو وديمبيلي ومالكوم وآخرين، هو لم يخترهم، كان عليه فقط التكيف والتفاعل مع الظروف المحيطة.

في أول أيام مسيرته كان يُحب المراوغة كثيراً، كان بإمكانه القيام بأمور أخرى أيضاً، كانت غريزته تملي عليه الحصول على الكرة وتشغيلها في أسرع وقت ممكن نحو المرمى.

في اللغة الإسبانية هناك كلمة تُدعى "pauza"، والتي تعني أن تتوقف وتنظم اللعب، كان ليو يضع رأسه في الأرض وينطلق إلى الأمام، لكن يمكنكم رؤيته كيف بات الآن. على مرّ السنين قام بتطوير تلك الجوانب، مع العلم أنه لا يزال قادراً على عبور المدافعين ومراوغتهم بكل سهولة.

كيف يمكنك إعطاء تعليمات لميسي؟
تأثير ميسي كبيرٌ جداً في كامب نو، حتى المدرب إرنستو فالفيردي يتقبل في بعض الأحيان أن قائد فريقه يعرف أكثر ما يجب أن يفعل منه.

ويقول بالاغ عن هذا الأمر: "ميسي هو الرجل الذي يحمل مفاتيح الحلول، هو يفهم اللعبة بطريقة لا يتقنها كثرٌ، الشيء الوحيد الذي أخبرني به فالفيردي، أنه في حال كان ميسي على مقاعد البدلاء، فلا يعلم ماذا يقول له، حينها ينظر إلى الأرجنتيني ويقول لنفسه ماذا عساي أشرح لهذا الرجل"، أي في إشارة لعبقريته، إذ بات ليو قادراً على تحريك نسق المباراة برفع رأسه والتمرير والانطلاق أو المراوغة والتسجيل.

ماذا يحمل المستقبل لميسي؟
يغيب ميسي عن المنتخب الأرجنتيني في الفترة الحالية، بعد أن فشل في الفوز بأية ألقاب كبيرة مع بلاده في 128 مباراة دولية، خسر فيها أربعة نهائيات.

أما بالنسبة لبرشلونة فعقده ينتهي عام 2021، ويقول إن نادي نيوليز أولد بويز، فريق الطفولة، هو الوحيد الذي يُمكن أن يرى نفسه يلعب بقمصيه.

عن هذا الأمر يقول ويست: "تخبرنا قصة ميسي أنه سيكون من الغباء محاولة التنبؤ بما سيفعله في المستقبل، لا نعرف كيف سيتطور فريق برشلونة هذا. إذا أصبح عثمان ديمبيلي لاعباً مهماً، فسيُجبر ميسي على تغيير الطريقة التي يلعب بها".

في النهاية كان ممكناً أن نرى مسيرة ميسي مختلفة. لنتخيل مثلاً فوز كومو على برشلونة في نهائي دوري أبطال أوروبا. يبدو الأمر سخيفاً، لكن هذا ما يراه الصحافي الإيطالي جيمس هورنكاسل.

عن هذا الأمر قال: "لقد وجد النادي المناسب، والبيئة والتعليم، لأن ذلك من الممكن أن يعيق تطور اللاعب، يجب عليك دائماً تحفيز اهتمام اللاعبين بهذه اللعبة".

ويحكي فابيو كابيلو قصة عندما ذهب يوفنتوس لمواجهة برشلونة قبل سنوات، حينها رأى ميسي وقال: "أريد أن آخذ هذا اللاعب، أريده على سبيل الإعارة". في نهاية المطاف كان الردُ محبطاً.

بطبيعة الحال من غير المرجح أن نرى ميسي في الدوري الإنكليزي الممتاز، وعن هذا الأمر يقول بالاغ حين سأل ميسي عما يقوله الناس هناك، إنه لن يفعل الأمر عينه الذي يقوم به الآن، في ليلة باردة بستوك، فأجاب ليو: "كان عليهم رؤية الملاعب التي كنت أخوض عليها المباريات في روزاريو".