الخليفي وإنريكي... كلمة السر في تتويج ديمبيلي بالكرة الذهبية
استمع إلى الملخص
- لعب النادي دوراً محورياً في نجاح ديمبيلي، حيث منحه ناصر الخليفي الثقة والدعم، مما جعله الواجهة الأولى للفريق في سباق الكرة الذهبية.
- ساهم المدير الفني لويس إنريكي في تطوير ديمبيلي ليصبح لاعباً متكاملاً، مما قاد الفريق لتحقيق خمسة ألقاب كبرى واقترابهم من لقب سادس.
عاش النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي (28 عاماً) موسماً استثنائياً توَّجَه باعتلاء منصة التتويج بالكرة الذهبية، ليصبح أفضل لاعب في العالم عن جدارة واستحقاق، بعدما قاد نادي باريس سان جيرمان إلى حصد العديد من الألقاب المحلية والقارية، مساهماً بأهدافه وصناعته وتمريراته الحاسمة في نجاحات فريق العاصمة الفرنسية. وتمكّن اللاعب الفرنسي من كتابة فصل جديد في مسيرته، متجاوزاً كل الشكوك التي لاحقته في سنواته السابقة، ليثبت أنه واحد من أبرز نجوم كرة القدم في الجيل الحالي.
وكان لنادي باريس سان جيرمان الفضل الأكبر على ديمبيلي في تتويجه، بعد النقلة الكبرى في مسيرته بعد خروجه من تجربة متذبذبة مع نادي برشلونة، الذي انتقل إليه في 2017 قادماً من بوروسيا دورتموند بوصفه أحد أبرز المواهب الصاعدة في أوروبا، لكنّه اصطدم بواقع الإصابات المتكرّرة التي حرمته من الاستمرارية والتألق المنتظر.
ويعدّ رئيس نادي باريس سان جيرمان، القطري ناصر الخليفي، أحد أبرز العوامل التي مهّدت لتتويج النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي بالكرة الذهبية، بعدما آمن بقدراته في فترة كان كثيرون يشكّكون في استمراريته، فقد راهن الخليفي على موهبة اللاعب رغم معاناته مع الإصابات وتراجع مستواه في برشلونة، ومنحه فرصة العودة إلى بلاده عبر بوابة النادي الباريسي، ليبدأ رحلة جديدة أعادته إلى الواجهة العالمية. هذا الدعم والثقة لم يكونا مجرد تفاصيل إدارية، بل كانا نقطة تحول في مسيرة ديمبيلي، الذي استعاد كامل إمكانياته وتحول إلى أحد أبرز ركائز الفريق، مساهماً مباشرةً في الألقاب المحلية والأوروبية، ولافتاً الأنظار بفضل تحول جذري في شخصيته وأدائه.
ولم يتوقف دور إدارة نادي باريس سان جيرمان عند حدود الثقة التي وضعتها في نجمها، بل امتد إلى استراتيجية مدروسة جعلت منه الواجهة الأولى للفريق في سباق الكرة الذهبية، فقد حرصت الإدارة على التركيز الإعلامي والتسويقي حوله، ومنحته الأولوية في التصريحات الرسمية المرتبطة بالجائزة، في وقت كان الفريق يضم أسماء وازنة ومؤثرة مثل النجم المغربي أشرف حكيمي، أو قائد الوسط البرتغالي فيتينيا الذي يمتلك بدوره لقب دوري الأمم الأوروبية. ورغم الطبيعة الجماعية لأسلوب لعب النادي الباريسي، الذي شهد تألق العديد من نجومه هذا الموسم، إلّا أن الإدارة حسمت قرارها مبكراً ووجهت جهودها كاملة نحو إبراز ديمبيلي قائداً المشروع، ما ساهم في ترجيح كفته على منافسيه، وأثمر في النهاية عن تتويجه بالكرة الذهبية.
وعلى الصعيد الفني، يُعدّ المدير الفني الإسباني لويس إنريكي، أحد أبرز الأسماء التي غيّرت مسار النجم الفرنسي، بعدما نجح في تحويله من لاعب كثير الإصابات، مهدر للفرص ويفتقد للحسم أمام المرمى، إلى آلة هجومية متكاملة قادرة على صناعة الفارق في كل مباراة. فقد أنهى ديمبيلي موسمه الأخير بأرقام لافتة، بعدما ساهم في 51 هدفاً، مقسّمة على 36 هدفاً شخصياً و16 تمريرة حاسمة، في حصيلة جعلته في صدارة المشهد الكروي العالمي.
وساهم هذا التألق الفردي في قيادة باريس سان جيرمان إلى موسم استثنائي تُوِّج فيه بخمسة ألقاب كبرى: بداية باللقب التاريخي في دوري أبطال أوروبا، مروراً بلقبي الدوري والكأس الفرنسيين، ثم السوبر المحلي، وصولاً إلى السوبر الأوروبي، كما بات ديمبيلي قريباً من إضافة لقب سادس حين يخوض نهائي كأس الإنتركونتيننتال، فيما كان الفريق الباريسي بدوره قاب قوسين أو أدنى من التتويج بكأس العالم للأندية، بعد مشوار مميز أقصى فيه العملاق الإسباني ريال مدريد، قبل أن يسقط في المباراة النهائية أمام تشلسي.
وتمكّن المدير الفني السابق لـ"لاروخا"، من إحداث ثورة حقيقية في مسيرة النجم ديمبيلي، بعدما أعاد صياغة أسلوب لعبه وأدخله ضمن منظومة جماعية متكاملة في باريس سان جيرمان، فبعد أن كان يوصف كثيراً باللعب الفردي والاعتماد المفرط على مهاراته الخاصة، نجح إنريكي في تحويله إلى عنصر جماعي قادر على الانسجام مع إيقاع الفريق وصناعة الفارق من داخل المنظومة التكتيكية.
ولم يقتصر عمل إنريكي على الجانب الخططي فحسب، بل أولى اهتماماً بالغاً بالشق البدني، فعمل مع اللاعب مباشرةً على تجاوز صورة "الرجل الزجاجي" التي لاحقته طويلاً خلال فترته في برشلونة، إذ عانى من إصابات متكرّرة أوقفت تطوره. وبالعمل المستمر في التدريبات والتأهيل، تمكّن المدرب من تعزيز قوة ديمبيلي البدنية ومنحه القدرة على خوض موسم كامل تقريباً دون انقطاعات مؤثرة.
وفي السياق ذاته، شكّل رحيل قائد باريس سان جيرمان السابق، الفرنسي كيليان مبابي، إلى ريال مدريد بعد سلسلة طويلة من الشد والجذب، محطة فارقة داخل الفريق الباريسي، فبمغادرة اللاعب الذي كان يُعدّ النجم الأول والواجهة الأبرز للنادي، ترك مبابي فراغاً واضحاً في كتيبة المدرب لويس إنريكي، ما جعل الفريق بحاجة ماسة إلى عنصر قادر على حمل المسؤولية والقيام بدور البطولة وقيادة المشروع الجديد، ليكون هذا دافعاً كبيراً لديمبيلي لشغل المنصب ويصبح الرقم واحد في فريق العاصمة الفرنسية.