الجزائرية صوريا حداد لـ"العربي الجديد": النجاح في الأولمبياد "صعب"

البطلة الجزائرية صوريا حداد لـ"العربي الجديد": النجاح في الأولمبياد "سيكون صعباً"

15 يوليو 2021
البطلة الأولمبية صوريا حداد (Getty)
+ الخط -

ترى الجزائرية والبطلة الأولمبية والأفريقية، صوريا حداد، في حوار خصت به "العربي الجديد"، أنّ منافسات "أولمبياد طوكيو" 2020، ستُجرى تحت ظروف خاصة، بالنظر للظرف الصحي الذي يواجه العالم بتفشي فيروس كورونا، كما استغلت الفرصة لتوجه نداءً للمسؤولين عن الرياضة الجزائرية، من أجل طلب الدعم الكافي للرياضيين للتألق وتشريف الراية الوطنية في الاستحقاقات الدولية.

وتُعد صوريا حداد، أشهر رياضية عربية وأفريقية في الجودو، إذ نالت ميدالية برونزية في الألعاب الأولمبية بكين 2008، وثانية في بطولة العالم 2005 بمصر، فضلاً عن 7 ميداليات في البطولة الأفريقية منها 5 ذهبيات.

اختفت صوريا حداد عن الواجهة ووسائل الإعلام مؤخراً، أين هي الآن؟

دربت المنتخب الجزائري لفئة الشابات سنة 2014، عدة أشهر قبل أن أستقيل، وبعدها لم أتلقَ أي اهتمام منذ ذلك الحين لغاية 2021، غير أنني لم أتوقف عن تدريب نادي "جي إس كاي القصر" في كل الفئات لغاية 2019، ومنذ تلك التجربة تلقيت اتصالاً من رئيس اللجنة الأولمبية السابق، مصطفى براف، لأشغل منصب منسقة عامة لمشروع دولي لاتحاد الجودو، وهدفه توفير قاعة لممارسة الجودو مع مدرب خاص في المدارس الابتدائية.

واخترنا 20 مدرسة بمشاركة 4000 طفل رياضي، بتمويل اللجنة الأولمبية، وذلك في 5 ولايات وهي الجزائر وتيزي وزو وبجاية ووهران وقسنطينة، وانطلقنا بطريقة جيدة قبل أن يوقفنا تفشي فيروس كورونا، نتمنى أن نستعيد هذا العمل مع تراجع الوباء قريباً.

أما حالياً فعُدت لتدريب منتخب الشابات للجودو، نحن نحضر كأس العالم المقررة شهر أكتوبر/تشرين الأول في إيطاليا، لكن الوقت ضيق ولا يسعنا أن نضعها هدفاً لنا، أغلب الرياضيين لم يتدربوا منذ سنتين بسبب كورونا، ونحن نعيد العمل من نقطة الصفر، هذه الفئة يمكننا العمل معها على المدى الطويل، 3 سنوات أو أربع، قبلت هذا التحدي وسنحاول تقديم المساعدة بخبرتنا.

اسمك يرتبط بالنجاح في رياضة الجودو، أنت قدوة لممارسي هذه الرياضة ومشوارك الكبير يشهد لك، ما هو السر وراء هذا التفوق؟

لا يوجد سر في الرياضة، العمل ثم العمل والجدية والإرادة والمتابعة من فريقنا ومدربينا، صحيح أن الجودة التي كنت أمتلكها مميزة، لأن المستوى العالي يتطلب ذلك، لكن دون دعم جهاز متكامل يعمل عدة سنوات مع بعض، سيكون من الصعب تحقيق النجاح، ففوزي بالميدالية الأولمبية جاء بعد 8 سنوات من الجد، الاستقرار مهم للرياضيين.

الآن تسبب التغيير المتواصل في المدربين في التراجع وهذا سيئ، نحن نبحث عن النتيجة السريعة لكن الأمور لا تأتي بهذه السهولة، أضف إلى ذلك الدعم المادي، فعندما تبحث عن لقب أولمبي عليك إجراء معسكرات في أوروبا وآسيا لتحتك بالمستوى العالي، خاصة أن الجودو هي رياضة احتكاك مع المنافس، إذن علينا الممارسة ضد منافسين مختلفين لنكتسب خبرة أكثر.

فزت بالميدالية البرونزية في أولمبياد بكين، كانت الأولى للبعثة الجزائرية وإنجازاُ عظيماً، كيف كان شعورك؟

كانت الميدالية الجزائرية الأولى خلال هذه المنافسة، فضلاً على أنها كانت الأولى في 8 سنوات بعد أن فشل المشاركون في أولمبياد أثينا 2004 في تحقيق أي ميدالية، مما جعل فرحتنا مضاعفة، أتذكر أني قمت بالكثير من التضحيات بالابتعاد عن أهلي لفترة طويلة، والتوقف عن الدراسة ولم نعش شبابنا مثل الباقين.

هذا ما لم نره في الوقت الراهن، إذن كان شعوري بعد حصولي على الميدالية لا يوصف، إنها نتيجة عمل دام عدة سنوات، حلم حققته فهو هدف كل رياضي، بلغت القمة وهذا يجعلني راضية عما حققته، كما أسعدت الشعب الجزائري، فقيمة الاستحقاق الأولمبي تاريخية، خاصة أنه كان الأول في أفريقيا على مستوى الإناث، لو كان باستطاعتي عيش ذلك من جديد لقمت بذلك.

تتويجاتك جعلتك تدخلين ضمن قائمة أساطير الجودو Hall of fame ، ماذا يمثل لك هذا؟

أعتبره تشريفاً يبقى في مشواري، هل تتصورون أن الاعتراف يجعلني ضمن أفضل مصارعات الجودو في العالم؟ قرر الاتحاد الدولي للعبة سنة 2015 أن يختار مجموعة من رياضي اللعبة بالنظر لتفوقهم وأرقامهم المبهرة، بفضل مشوارهم القوي، وقع عليّ الاختيار في أفريقيا، وبعدي جاء عمار بن يخلف، هذا يجعلني مثالاً في الجودو العالمي، لا أستطيع التعبير عن شعوري، لكن المؤسف هو أن يأتي الاعتراف من الدول الأجنبية ولا تتلقاه في بلدك.

بين الاعتراف الدولي وهو ما لا يتاح لأي رياضي آخر، ألا تعتقدين أنك لم تنالي الاهتمام الكافي في الجزائر بالنظر لما قدمته لبلدك؟

بكل تواضع، لا أريد مهاجمة أي أحد،  لكن بالنظر للألقاب التي حققتها والمشوار الذي خضته، أعتقد أنّ الجزائر بحاجة لي ولرياضيين مثلي وهم قليلون، نحن 15 بطلاً أولمبياً في كل الرياضات فقط، عليهم وضع الثقة فينا نحن الأبطال، كنا واجهة الجزائر وأتذكر وقتها أنّ الأجانب كانوا لا يعرفون الجزائر لكننا نجحنا في تغيير نظرتهم بفضل الصورة الرائعة التي قدمناها، عندما ترى الجزائر في منصة التتويج إلى جانب دول كبيرة في رياضة الجودو على غرار الصين واليابان وكوريا الجنوبية، فإنّ هذا إنجاز عظيم، ولكن بعد نهاية مشوارك تصطدم بالواقع ولا تلقى اهتمام المسؤولين بالشكل الكافي، هم يعلمون أنه بإمكاننا تقديم الإضافة، هل تعلم أن الجزائر لم تستفد سوى من بطل واحد فقط في تطوير الرياضة. هذا غير معقول.

تأثيرنا كبير على الرياضة، أنا أدرب منتخب الشابات وعندما علموا أن المدربة هي صوريا حداد تحفزوا بشكل كبير، هذا أمر طبيعي فعندما تمتلك مدرباً بطلاً فهذا يبث فيهم الأمل، الجزائر تحتاج رياضيي النخبة لكننا نعاني مثل جميع الأشخاص الذين يمتلكون القدرات على تطوير جميع المجالات، نحن مستبعدون ولا نعرف ما هو السبب.

هل تحتاج الرياضات الأولمبية لرياضيين  مثل شخصية جمال بلماضي؟

طبعاً نحن بحاجة لهم، لمن يمتلك الخبرة ويقدم الإضافة، نحتاج نورالدين مرسلي وحسيبة بولمرقة وجميع أيقونات الرياضة الجزائرية، أن تصل لهذا المستوى ليس بالأمر السهل، نحن عشناه ونعرف معناه ولدينا الخبرة لنفيد الأجيال الأخرى، ما هي الفائدة اذا احتفظت بما تعلمته لنفسي؟

نحن نتمنى أن تمنحنا الجزائر مكانة كأبطال بعد مشوارنا، تركنا كل شيء من أجل الجزائر، أغلب الرياضيين تخلوا عن دراستهم لأن التوفيق بينها وبين الرياضة صعب، سنواصل سعينا لننال ذلك، فنحن اليوم نبحث عن حقوقنا في التكوين وبلوغ مناصب مهمة.

بعد أن نقدم مشواراً يدوم 20 سنة ونبلغ قمة المستوى نصطدم بغياب أي قانون يحمينا، هذا غير معقول، جميع الأبطال الأولمبيين الذين نلتقيهم بشكل متواصل في الجزائر متفقون على هذا الأمر، هل تعلم أن هناك من يضطر لبيع السجائر في الشارع لضمان قوت عائلته وهو بطل أولمبي؟ هذا غير معقول وأمر خطير، ألا يستحق البطل أن يجازى على رفع العلم؟ لقد حقق ما لم يقدر عليه المسؤولون، كنا سفراء بلدنا بالخارج، نتمنى أن تتغير الأوضاع بالرغم من أننا نفقد الأمل في بعض المرات.

عندما يشعر الرياضي أن مستقبله مضمون، سيركز على العمل ويرفع سقف طموحاته لتشريف الجزائر، الواقع يقول أن الأمثلة عكس تمنياتنا، مما يُفسد عزيمة الرياضيين في جميع المجالات، ويجعلهم يختارون طرقاً أخرى لضمان مستقبلهم، من المستحيل أن نكون أبطالاً بهذه الطريقة.

الرياضات الأولمبية لا تضمن أموالاً كافية لممارسيها من أجل تحقيق حياة اجتماعية محترمة؟

عندما نقارن بما يناله لاعبو كرة القدم بنا فالفارق مهول، لقد تجاوزوا كل الحدود بأجور شهرية ضخمة، وفي المقابل لا نستطيع تكوين فريق جزائري قادر على تشريف البلد رغم المصاريف الكبيرة، لكن مستوى كرة القدم لا يليق بحجم الأموال المخصصة له، فمثلاً الجودو وألعاب القوى والملاكمة فقط من بلغوا العالمية، هذه الرياضات تستحق اهتماماً أكبر.

اليوم لا يجد ملاكم مداخيل أو معاشاً من ممارسة هذه الرياضة، علينا الاهتمام بهم وإلا فلن نتطور، نواجه عدة مشاكل علينا تحسينها لكي نتقدم، نحن اليوم نتراجع بشكل رهيب، هناك أشخاص يشغلون مناصب رغم أنهم ليسوا رياضيين بل سياسيون، خلطوا كل شيء، عندما نختار الشخص المناسب في المكان المناسب ستتحسن الأوضاع.

أتذكر فترة شبابي عندما أرى صغار السن الذين يبحثون عن النجاح وبلوغ القمة، أشعر بالحسرة لما يعانونه لأنهم ليسوا محظوظين كما كنت خلال فترة ممارستي، بفريق متماسك عمل طيلة 8 سنوات، ولو صادف مشواري الوقت الراهن فمن المستحيل أن أنجح، وأتذكر إجابة أحد أبطال الجودو عندما سأله الصحافي عن السر لكي تصبح بطلاً أولمبياً، قال أنه على كل شخص أن يكون بطلاً في منصبه.

تتأهب المصارعة أصلاح صونيا لدخول الألعاب الأولمبية بطوكيو، كيف تقيمين حظوظها؟

بالعودة للماضي، يجب القول أن الألعاب الأولمبية يتم التحضير لها طيلة أربع سنوات، لكن رياضيينا تأهلوا في آخر دقيقة، لم يتأهلوا في قائمة الأفضل في العالم، بل بنظام الحصة الأفريقية التي طلبتها اللجنة الأولمبية، المصارعون لم يكونوا متأكدين من مشاركتهم، وفي المقابل، الأولمبياد تتطلب المستوى العالي.

لست محامية عن الرياضيين الجزائريين لكنهم لم يحضروا بشكل جيد، لم تكن هناك استمرارية ولا جو مناسب للتطور للأسف، فضلاً عن مشاكل مادية وعدم تنقلهم للخارج من أجل التحضير، أعلم أن صونيا ستقدم مجهوداً كبيراً لكن النجاح سيكون صعباً، أضف إلى ذلك تفشي فيروس كورونا الذي يضر بنا كثيراً كأفارقة، فنحن دائماً ما نستأنف العمل متأخرين ونواجه ظروفاً صعبة، في وقت يحضر رياضيو الدول الأخرى بشكل أفضل.

فيروس كورونا أضر بتنظيم أولمبياد طوكيو، والتضييق الذي يفرضه المنظمون على المشاركين، أتتوقعين نجاح الدورة في ظل هذه الظروف؟

هذه فترة حساسة، لا يمكنني القول أن إلغاء الألعاب الأولمبية هو أفضل حل، هناك رياضيون حضروا للمنافسة عدة سنوات، ومنهم من سيخوضون آخر دورة بالنظر لعامل السن، وحتى فرض البروتوكول هو أمر مفهوم، الوضعية صعبة، هذه الألعاب ستكون فريدة من نوعها، أعتقد أن الجو يختلف لكن الفرجة مضمونة بتضامن الرياضيين، حتى في ظل تأثير الوضع الصحي.

هل سيؤثر الجانب النفسي على الرياضيين وينعكس سلباً على مستواهم في الدورة؟

طبعاً سيؤثر، ففي المستوى العالي التفاصيل مهمة، إذا كانت الظروف سيئة ينعكس على الرياضي سلباً، ولحسن الحظ أن بعض المنافسات التي أقيمت مؤخراً جعلت الرياضيين يعتادون هذا التضييق، أتوقع أن ينخفض المستوى لأن الظروف تختلف.

كيف تتوقعين المشاركة الجزائرية والعربية في الأولمبياد بمختلف الرياضات؟

نبقى إيجابيين ومتفائلين، نتمنى خطف ميدالية أو أكثر، لدينا بعض الفتيات اللائي تأهلن في الملاكمة لأول مرة، أملنا كبير بهم، كذلك المصارعة الإغريقية رغم صعوبة المنافسة، وحتى ألعاب القوى التي تصنع لنا بعض المفاجآت، أما على المستوى العربي، فنتمنى نفس الشيء رغم صعوبة الوضع الصحي، لم لا نستغلها لكي نحقق نتائج جيدة؟

المساهمون