في النسخة رقم 16 من المؤتمر الفني، الذي يعقد سنويا لمدربي فرق الصفوة في أوروبا كان هناك عدة أمور طرحت في الاجتماع، لكن ما شد الأنظار هو ذاك الحديث العابر الذي جمع بين "السبيشال ون" جوزيه مورينيو البرتغالي والفيلسوف الإسباني بيب جوارديولا، فقد عاودا الإثارة من جديد وأعادا للمتابع التحدث عن صراع فلسفتهما في فهم كرة القدم مرة أخرى.
في ثنايا حديث جوارديولا ذكر للقائمين على المؤتمر أنه يقترح إحداث تعديلات تخص طول عشب الملعب حيث كان بوده ألا يقل طوله عن 1.5 سم .. بينما القانون ينص على ألا يقل طوله عن 3 سم، وأيضا طالب بأن يتم رش أرضية الملعب قبل انطلاق المباريات وذلك حتى يُصبح رتم المباراة أسرع وأكثر متعة للمتابع.
ليرد عليه مورينيو مؤكدا أن "كل شخص له طريقة وأسلوب معين في اللعب وأن كرة القدم من الممكن أن تكون رائعة وفق أكثر من وجهة نظر".. ليرد عليه بيب ويقول: "جمال الكرة يجب أن يعتمد على التدريب ويبدو لي أن مورينيو يريد النتائج فقط".
صراعات تواصلت وإثارة تجددت وما أجمله من تنافس.. بين واقعية البرتغالي لمجريات الـ90 دقيقة وأن غايته من المباراة تبرر له كل وسيلة يقوم بها، وبين حرمان الكرة من الخصم للإسباني وإمتاعه لأصحاب الفكر الهجومي. هذه الصراعات ليست وليدة لحظة وليست من ابتكار بيب وجوزيه، بل صراع أبدي في كرة القدم وصراع أجيال منذ القِدم.. من الأفضل الهجوم وتداول الكرة من قبل بيب أم الدفاع وواقعية جوزيه؟
تيارات مختلفة وطرق ومناهج يتخذونها تختلف محبتها من متابع لمتابع آخر.. مدرب استثنائي يصنع الخطة والتكتيك بمقاس فريقه وعلى حسب إمكانياته ليس لديه خطة مفضلة أو ثابتة الأمر يتعلق بإمكانيات لاعبيه والفريق المنافس وهمه نتيجة حسنة لفريقه في نهاية الأمر مهما كانت طريقته في الوصول إليها فهذا هو حال البرتغالي، بينما المهندس الإسباني يمتاز بتطبيقه لفلسفته وإيمانه بجودتها وفرض طريقة أسلوبه ونهجه على خصومه بفكر الكرة الهجومية الشاملة الممتعة الغير مقيدة بطرق الدفاع المعقدة .
كل منهما له متعته الخاصة في كرة القدم ولها روادها ومتابعوها.. فمتعة الحفاظ على شرف المرمى والتكيف مع كل فريق على حدة ومن ثم تحقيق البطولات فهذه تجدها عن الاستثنائي جوزيه، ومتعة تشكيل نمط معين لك وجمالية في طريقة تناقل الكرة وأن المباراة في كرة القدم أكبر من كونها مجرد انتصار وهزيمة ومن ثم البطولات ستأتي طواعية فهذه ستجدها عن المهندس بيب .
مورينهو لا يقتل جمالية كرة القدم إلا عند من أحب فلسفة بيب، وبيب لا يصيب المتابع بملل إلا عند من أحب فلسفة مورينيو.. إذن فالمتعة تختلف من شخص لآخر فلا تعمموا عند أحكامكم تجاههما، فقط احصروها في أنفسكم.
سيتذكر الجميع أن الاستثنائي البرتغالي يتميز بقدرته الفائقة على بناء فرق قوية أينما حل وارتحل، وأن الفيلسوف الكتالوني بصفته المهندس الذي صنع بالنسبة للكثيرين أفضل برشلونة في التاريخ وأحد أفضل فرق التاريخ وأفضلها عند البعض.
مورينيو وبيب.. جمالية ابتداء الضربة من بيب وقدرة رد الضربة من مورينهو .. الفعل وردة الفعل.. الاستثنائي والمهندس ومعنى كمالية التنافس في لعبة كرة القدم.
لمتابعة الكاتب: https://twitter.com/ITALY_00