الاتحاد الأفريقي: تخبط في القرارات وأزمات للأندية والمنتخبات

20 يناير 2025
تسليم كأس أفريقيا لمنتتخب كوتديفوار في 11 فبراير 2024 في أبيدجان، كوت ديفوار(Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني الاتحاد الأفريقي لكرة القدم من تخبط في تحديد مواعيد البطولات وتغيير البلدان المستضيفة، مما يؤدي إلى إرباك المتابعين وعدم استقرار في تنظيم البطولات.
- تزامن مواعيد البطولات الأفريقية مع الموسم الأوروبي يسبب مشاكل للاعبين الأفارقة المحترفين، ويؤثر على استعداد المنتخبات المشاركة بسبب صعوبة وضع برامج تحضيرية مضبوطة.
- التأخيرات والتعديلات المتكررة تؤثر على حقوق البث وتُجبر المؤسسات الإعلامية على تعديل جداولها، وتُلعب بعض المباريات في ظروف صعبة، مما يستدعي إصلاحات جذرية في إدارة الاتحاد.

يعيش الاتحاد الأفريقي لكرة القدم حالة من التخبط في قراراته الخاصة بمواعيد تنظيم البطولات المغلقة لمختلف الفئات السنية والكبار، ذكوراً وإناثاً، فقد شهدت الآونة الأخيرة تغييرات كثيرة في الرزنامة، آخرها إعلان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، في بيان نشره الثلاثاء الماضي، عبر موقعه الرسمي على الإنترنت، تأجيل دورة كأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين، التي كان من المزمع إجراؤها في شهر فبراير/شباط المقبل، حتى شهر أغسطس/آب من السنة الحالية.

أسماء الدورات في غير أعوام إقامتها 

تحمل المنافسات العالمية عادة اسم العام الذي تُجرى فيه، إلا أن الأمور تختلف في القارة السمراء بسبب كثرة التأجيلات، على سبيل المثال، أُقيمت كأس أفريقيا 2021 في 2022، في حين جرت كأس أفريقيا 2023 في عام 2024، بينما ستُقام كأس أفريقيا للسيدات 2024 في الخامس من يوليو/تموز 2025، كما لم يتم الاستقرار على توقيت دورات أخرى، وهذا الخلط في التواريخ يؤدي إلى إرباك كبير بين المتابعين، الذين يجدون صعوبة في فهم التواريخ، ودائماً ما يخطئون في اسم المنافسة، بناءً على التاريخ الذي تُجرى فيه، وليس المتفق عليه في العقود.

تغيير البلدان المستضيفة.. مشكلة 

لا تقتصر مشاكل المنافسات الأفريقية على التغييرات المتكررة في توقيت إجراء الدورات، بل يمتد الأمر إلى تغيير مكان إجرائها، فقد اضطُر الاتحاد الأفريقي إلى إقامة كأس أفريقيا 2013 في جنوب أفريقيا، بدلاً عن ليبيا، كما أسند تنظيم نسخة 2015 لغينيا الاستوائية، بعد أن سُحبت من المغرب، ثم احتضنت الغابون البطولة في العام 2017 بدلاً من ليبيا، ثم جرى نقل دورة كأس أفريقيا 2019 إلى مصر، بعد أن كانت مقررة في الكاميرون، بسبب عدم الجاهزية، وجرى تعويض الكاميرونيين بمنحهم تنظيم دورة 2021، في حين مُنحت ساحل العاج تنظيم نسخة 2023، رغم أنها كانت مخصصة أصلاً لتنظيم دورة 2021، كما جرى تجريد غينيا من حق تنظيم كأس أفريقيا 2025، وفتح الاتحاد الأفريقي (كاف) باب الترشيحات لتنظيم هذه الدورة، ليقع الاختيار على المغرب. وتعكس هذه القرارات مدى التخبط الذي يعانيه الاتحاد الأفريقي في اتخاذ القرارات الخاصة باختيار الدولة المستضيفة، ومدى قدرتها على تجهيز نفسها لاحتضان المنافسة الكبرى في القارة الأفريقية.

موعد البطولات.. أزمة مع الأندية الأوروبية

ظلّت البطولات الأفريقية في السنوات الأخيرة متمسكة بموعد تنظيمها في منتصف الموسم الكروي، خلافاً لبقية البطولات التي تُقام في نهاية الموسم، هذا التوقيت تسبب في خلق العديد من المشاكل للاعبين الأفارقة المحترفين في مختلف البطولات الأوروبية، إذ يتزامن موعد البطولة مع فترة التوقف الشتوي، التي تُعد فرصة للاعبين لاستعادة لياقتهم. كما أن غياب لاعبي المنتخبات المتأهلة إلى الأدوار المتقدمة يمتد لفترة طويلة، ما يؤثر بشكل كبير على أنديتهم في مباريات حاسمة جداً، لا سيما لاعبي الأندية الإنكليزية، التي لا يتوقف دوريها خلال تلك الفترة، وقد سبق أن انتقد العديد من المدربين هذا الوضع، أبرزهم الإسباني بيب غوارديولا والألماني يورغن كلوب.

مواعيد مبهمة وتحديات للمدربين

تُلقي التغييرات المتكررة بظلالها على المنتخبات المشاركة، إذ يفشل المدربون في وضع برامج تحضيرية مضبوطة، ولُعبت تصفيات كأس أمم أفريقيا في ثلاثة أشهر فقط، مع تأجيل تصفيات كأس العالم للمنطقة من أجل السماح للاتحاد الأفريقي باللحاق بموعد كأس أفريقيا المقرر بين 21 ديسمبر/ كانون الأول 2025 و18 يناير/كانون الثاني 2026، هذا إن لم يتم تأجيله مرة أخرى، الأمر نفسه ينطبق على كأس أمم أفريقيا للاعبين المحليين، التي أُجلت لموعد لاحق، هذا التأخير قد يغيّر برنامج وقرارات العديد من المنتخبات، التي كانت قد أعلنت في وقت سابق عن المشاركة بمنتخبات شابة لتفادي تأجيل بطولاتها المحلية، إذ إنها ستجد نفسها مرة أخرى أمام حتمية التفكير في الأمر واتخاذ قرارات وضبط برنامج جديد.

حقوق البث مشكلة كبيرة  

تؤثر التأخيرات والتعديلات المتكررة في الآونة الأخيرة بلا شك على المؤسسات الإعلامية التي تقتني حقوق بث الدورات، وتأتي هذه التأخيرات لتضرب عرض الحائط بعقود الرعاية التي تبرمها هذه المؤسسات، والتي غالباً ما يتم توقيعها قبل سنوات، كما هو الحال مع مختلف الاتحادات العالمية، وتجد المؤسسات الإعلامية نفسها مجبرة على التعديل بشكل مستمر للتكيف مع هذه التغييرات، وهو ما يضعها أمام تحديات كبيرة تتعلق بالالتزامات التعاقدية والجداول الزمنية المعدة مسبقاً.

ظروف صعبة للعب المباريات

من الأمور الغريبة في عالم الكرة الأفريقية ما يتعلق بتوقيت لعب المباريات، حيث تلجأ بعض الفرق أو المنتخبات إلى استقبال ضيوفها في درجات حرارة عالية للغاية في الظهيرة مع ارتفاع نسب الرطوبة، ما يجعل المباريات تُلعب في  ظروف صعبة جداً وتكون أحياناً غير عادلة من الناحية الرياضية، ومن أشهر الأحداث التي أثارت الجدل حول هذه الظروف تلك التي كان بطلها الحكم الزامبي جاني سيكازوي خلال كأس أمم أفريقيا 2021، إذ أعلن نهاية اللقاء بين تونس ومالي وقبل انتهاء الوقت المحدد بـ90 دقيقة، كما عانى لاعبو المنتخب الجزائري من تسلخات جلدية نتيجة الحرارة بعد مباراتهم أمام مالاوي في كأس أمم أفريقيا 2010 بأنغولا، بالإضافة إلى العديد من المباريات الأخرى التي شهدت إصابات للاعبين بضربات شمس. 

نظام تصفيات مجحف للشبان

يعتمد الاتحاد الأفريقي نظاماً غير عادل في تصفيات كأس أمم أفريقيا للفئات السنية، على عكس منافسات الكبار التي تكون مفتوحة وتُجرى قرعتها بناءً على المستويات، يتم تقسيم تصفيات الشباب جغرافياً إلى ست مناطق مختلفة، هذا النظام يُجبر العديد من المنتخبات على دفع الثمن، مثل منطقة شمال أفريقيا التي يقتصر فيها التأهل على منتخبين فقط، رغم أن معظم منتخباتها تشارك بانتظام في دورات الكبار، ويمتد تأثير هذا القرار إلى نظام تصفيات كأس العالم، حيث يُحصر التأهل بالفرق التي تصل إلى كأس أفريقيا، وعلى الرغم من قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) برفع عدد المنتخبات الأفريقية المشاركة في كأس العالم للناشئين، فإن هذا القرار لن يساهم في تحسين جودة المنتخبات المشاركة، نظراً لأن القائمة النهائية قد حُسمت مسبقاً، وستتنافس المنتخبات المتأهلة فقط على ورقة لعب المونديال.

وتُظهر هذه التغييرات المتكررة والتخبط الدائم في اتخاذ القرارات، الحاجة الماسة إلى إصلاحات جذرية في إدارة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، فرغم تعاقب عدة أسماء على رئاسته، منذ رحيل الكاميروني عيسى حياتو (الذي تُوفيّ العام الماضي)، والتغييرات العديدة في مختلف اللجان المسؤولة، تستمر المهازل في تنظيم البطولات، فلا يمكن الجزم بموعد أو مكان أي دورة من تنظيم "الكاف" إلا عند انطلاقها بصفة رسمية.

المساهمون