إلى ماذا يحتاج المنتخب السوداني لاستعادة بريقه في الملاعب؟

إلى ماذا يحتاج المنتخب السوداني لاستعادة بريقه في الملاعب؟

28 ابريل 2022
منتخب السودان حقق أمم أفريقيا عام 1970 (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

بات المنتخب السوداني لكرة القدم بعيداً عن دائرة التألق والمنافسة خلال السنوات الماضية، بعد مستويات متذبذبة ظهر بها في البطولات الأخيرة، وهو ما لا يرقى بكل تأكيد إلى تاريخ أحد أبطال القارة الأفريقية والمتوّج بكأسها الذهبية عام 1970، كثاني منتخب عربي يحصد اللقب القاري.

وجاءت مشاركة المنتخب السوداني الأخيرة في بطولة كأس أمم أفريقيا التي أقيمت في الكاميرون ضعيفة، وظهر خلالها بصورة لا تلبّي طموحات أنصاره، وكان قد سبقها ظهور كارثي في كأس العرب، وقبل ذلك أداء دون المستوى في تصفيات مونديال "قطر 2022". 

تخطيط استراتيجي واضح

ويفتقر المنتخب السوداني إلى خطة واستراتيجية واضحة، بسبب عدم انتهاج إدارة اتحاد الكرة السوداني لبرنامج متكامل وطويل الأمد، والذي من المفترض وضعه بعد دراسة متأنية، من أجل تطوير مستوى منتخب "صقور الجديان"، إذ دائماً ما تكون الحلول "ترقيعية" ومؤقتة من دون نظرة بعيدة، دون وضع خطة نموذجية لبناء منتخب قادر على مقارعة الكبار والمنافسة بقوة في أمم أفريقيا، والذهاب بعيداً في البطولة ومختلف المنافسات القارية، والمقدرة على تحدي المنتخبات الكبيرة. 

ويتطلب ذلك الأمر، توفير الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح، وهو ما يأتي بالاعتماد على لاعبين مميزين، مع وضع خطة بأهداف واضحة لفترة زمنية طويلة، والتعاقد مع طاقم تدريبي أجنبي محترف، بالإضافة إلى فريق إداري احترافي مواكب للتطور على مستوى اللعبة.

التأسيس الصحيح

ويحتاج المنتخب السوداني أيضا، إلى التأسيس الصحيح لاستعادة الريادة، ويأتي ذلك بوضع مشروع متكامل بداية من المراحل السنية لمنتخبات الناشئين والشباب والأولمبي، إذ إنه في الغالب لا تستمر الأسماء التي تمثل المنتخبات السودانية في مراحلها السنية حتى تصل إلى المنتخب الأول، ولا يكون هناك تدرج بين المنتخبات وربط ما بين الأجيال.

ويجب الوصول إلى بناء توليفة قوية ومتجانسة من فريق واحد حتى يتوفر فيها عامل الانسجام، بداية من منتخب الناشئين، حتى يتدرج اللاعبون بعد ذلك إلى منتخب الشباب ثم المنتخب الأولمبي، ليصلوا إلى مرحلة النضج مع وصولهم إلى المنتخب الأول. 

حينها، يكون قد توفر الانسجام اللازم بالنسبة للاعبين، ليكونوا قد تأقلموا على خطط تكتيكية، وأسلوب لعب تمرّس عليه واعتاده اللاعبون ليتوفر التجانس المطلوب، ليصل اللاعبون إلى مرحلة جني ثمار الجهد والإعداد المستمر، بعد قضاء اللاعبين فترة زمنية كافية سوياً تساعدهم في التعرف على إمكانات بعضهم بعضا.

أولوية للاعبين المحترفين

ويعتبر اللاعبون المحترفون، هم اللبنة الأساسية والنواة الحقيقية لبناء أي منتخب كبير، إذ إن استدعاء أسماء محترفة في الملاعب الأوروبية ومختلف الدوريات من شأنه أن يصنع الفارق وأن يرفع من مستوى المنتخب ومستوى اللاعبين. 

ويتحقق ذلك، بالاحتكاك بلاعبين خاضوا تجارب في دوريات أكثر احترافية، حتى ينقلوا ما اكتسبوه من خبرات وتجارب إلى اللاعبين المحليين، وليقدموا الإضافة المرجوة، من أجل منافسة منتخبات تعتمد في غالبية قوامها على لاعبين محترفين في دوريات عالمية، وهو ما يجعل مهمة المنتخب السوداني في منافسة هذه المنتخبات أمرا في غاية الصعوبة، وذلك بسبب اعتماده على تشكيلة من اللاعبين المحليين الذين صعب عليهم مجاراة نجوم في أعلى مراحل الجاهزية الفنية والبدنية.

استقطاب مزدوجي الجنسية

ويحتاج الاتحاد السوداني، توفير كلّ المقومات اللازمة، والتي تدفع باللاعبين السودانيين المحترفين في الخارج من أصحاب الأصول السودانية، قبول الاستدعاء والحضور لتمثيل منتخب بلادهم.

رفع مستوى المسابقة المحلية

ومن بين أهم الأولويات، أن يعمل الاتحاد السوداني على رفع مستوى الدوري المحلي وتطويره، وهو الذي أظهر تراجعاً كبيراً ومخيفاً خلال المواسم السابقة، وبلا شك فإنّ دورياً قوياً من شأنه أن يفرز منتخباً قوياً، وعلى النقيض تماماً فإنّ دورياً ضعيفاً بكلّ تأكيد سينتج عنه منتخب ضعيف ومتواضع. 
كما يجب الاهتمام بقدر أكبر بتنظيم المعسكرات الإعدادية خارجياً، وخوض مواجهات ودية مع منتخبات عالمية، من أجل رفع النسق الفني للاعبين لاكتسابهم للمزيد من الخبرات، والابتعاد عن مواجهة المنتخبات الصغيرة والمتواضعة، والتي لا تقدم أي إضافة فنية ولا تؤثر على تحسن مستوى التصنيف الدولي. 

الاستقرار الفني

ونجد أنّ الاستقرار الفني يمثل أولوية قصوى، وهو أحد العوامل التي لا تتوفر في المنتخب السوداني الذي يعاني من إجراء تغييرات جذرية على مستوى المدرب واللاعبين بين الفترة والأخرى، ويكون الاعتماد في القرارات في الغالب على واقع النتائج والتي تأتي بناء على ما أعد له مسبقاً. 
ولا بدّ من التوجه إلى اللاعبين الشبان، ومنحهم الفرصة الكافية والصبر عليهم، وهو ما سيؤتي ثماره مستقبلاً، من دون إهمال عناصر الخبرة ليقدموا عصارة خبرتهم الكروية لكتيبة "صقور الجديان".

طواقم تدريبية محترفة

كذلك، الاعتماد على طاقم تدريبي محترف ومؤهل، كون المدرب هو روح الفريق، وله الدور البارز في صناعة منتخب لا يقهر وباستطاعته منافسة الكبار، وذلك بالتعاقد مع طاقم فني أجنبي، يقوده مدرب معروف وله سابق تجارب ناجحة، والابتعاد عن المدرسة المحلية التي تفتقر إلى التأهيل، وهي بعيدة كلّ البعد عن الكرة المعاصرة والتطور والحداثة التي تعيشها كرة القدم. 

الحوافز المادية

ويحتاج اللاعبون إلى الحوافز المادية، وهو ما لا يتوفر في المنتخب السوداني خلال الفترات، والذي يشارك لاعبوه تطوعاً من دون تقديم أي مقابل مالي لهم، الأمر الذي يحبط روحهم المعنوية، كما أنّ الحوافز المالية المغرية ستشجع المحترفين، على قبول الدعوة والانضمام إلى المنتخب.

ويظل توفير التمويل هو أهم الاحتياجات، إذ لا يمكن تنفيذ كلّ هذه المتطلبات دون توفير الدعم المادي، الذي أصبح عنصراً أساسياً ومهماً في عالم كرة القدم الحديثة.

المساهمون