تهدئة حذرة

تهدئة حذرة

26 اغسطس 2018
تلجأ إسرائيل لقصف غزة محاولة الضغط على حماس(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
يُبدي فلسطينيو غزة حذراً في التعاطي مع التسريبات المتعلقة بالهدنة مع الاحتلال الإسرائيلي، فتجربتهم على مدار سنوات مع إسرائيل كفيلة بأن تجعل إيمانهم بالوصول إلى اتفاق تهدئة طويل الأمد ضعيفاً، وهي التي يجري الحديث حولها خلال الأيام الأخيرة، في وقت تخللته موجات تصعيد عسكرية عبر تبادل القصف الصاروخي من غزة والغارات من طيران الاحتلال.
ورغم أمل الفلسطينيين الواضح بعقد هدنة تحقق جزءاً من تطلعاتهم بتحسن الأوضاع المعيشية والاقتصادية والتي تدهورت في أعقاب حروب إسرائيلية ثلاث دمرت غزة، لكنهم متخوفون من ممارسات الاحتلال التي اعتادوا عليها طويلاً بنقضه لأي اتفاقات وتنصله من إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، رغم كل الضمانات والرعاية الدولية التي يجري الحديث حولها.
وطرح مبعوث الأمم المتحدة، نيكولاي ملادينوف، تصوراً يحظى برعاية مصرية ودعمٍ قطري، إذ تشير التسريبات إلى أن المقترح يتضمن تفعيل التهدئة ووقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، في مقابل إنعاش الاقتصاد في غزة، ويتضمن حزمة بقيمة 650 مليون دولار، إضافة إلى فتح المعابر التجارية والسماح لعمالٍ غزّيين بالعمل في الأراضي المحتلة.
هذا التصور لم يتعامل معه الفلسطينيون بجدية، فالحذر لديهم بات واجباً، خصوصاً عند الحديث عن اتفاقات مع احتلال سلب حقوقهم ونقض كل العهود منذ فرضه وأكد أنه يميل لاستخدام سياسة القوة المفرطة تجاه شعبٍ أعزل. تخوفٌ يبدو منطقياً في ظل جولات التصعيد القاسية التي خاضها الطيران الحربي الإسرائيلي في الفترة الأخيرة ضد غزة، رغم تداول البحث عن هدنة طويلة الأمد.
ويؤكد حذر الغزّيين ما جاء أخيراً على لسان مصادر مصرية تحدثت لـ"العربي الجديد"، وقالت إن "المشاورات الخاصة بإتمام هدنة طويلة المدى بين حركة (حماس) وإسرائيل، تمر بمعاكسات وتعثر، في ظل موجات التصعيد المتبادلة من وقت لآخر، حيث تريد إسرائيل مقابلة الهدوء بالهدوء، بينما تشترط الفصائل فتح كافة المعابر وعودة القطاع لما كان عليه قبل فرض الحصار الإسرائيلي عام 2007".
المواطن خليل أبو ندى يبدي قلقه من تلك التسريبات، وهو يقول لـ"العربي الجديد": "تعودنا على أن عدونا خبيث وقد يوجه ضربة لغزة في أي لحظة يراها مناسبة، حتى لو كانت هناك ضمانات دولية، كما أن التجربة تثبت أن كل التحالفات الدولية والاتفاقات هي لحماية إسرائيل ومصالحها"، مشيراً إلى أنّ "أي امتيازات قد يمنحها الاحتلال للفلسطينيين، سيكون قادراً على سحبها أيضاً في أي لحظة يريد".
أما منير أبو حجاج، فيرى أن الاحتلال قد يتوجه إلى القبول بفرص تحقيق الهدنة مع المقاومة الفلسطينية مجبراً على تحقيق الهدوء، ويقول لـ"العربي الجديد": "حالة الضغط الشعبي التي مارسها الإسرائيليون على حكومتهم خلال حرب 2014 لوقفها بعد تصاعد هجمات المقاومة ضدهم تؤكد ذلك. لا أعتقد أن الاحتلال قد يرفض التهدئة مقابل خوض معركة جديدة لا يعرف عواقبها".

في حين يؤمن مؤيد عودة بأن "الاحتلال لا أمان له، لكن الفلسطينيين على وجه الخصوص بحاجة لهدنة"، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "الموقف هنا يتطلب أنّ نتماشى مع المعروض"، رغم أنه يبدي حذراً من أخبار الهدنة، لأن "الاحتلال قادر على الالتزام في بدايتها في حال وُقعت، ومن ثم سحب كل ما جرى الاتفاق عليه والعودة للمربع الأول".