علي وإخوته

علي وإخوته

25 يوليو 2018
رحلة لجوء يدفع ثمنها الأبناء مع مرور الوقت(العربي الجديد)
+ الخط -

ولد علي عزت في 1994، في توستروب، إلى الغرب من كوبنهاغن. التجمع السكني الذي نشأ فيه الطفل علي، مع 4 من إخوته، أصغرهم اليوم 12 سنة، أشبه ما يكون بمجتمع مواز، إذ كما يقول علي "انظر حولك، لن ترى دنماركيين هنا، سوى من يعملون في شركة السكن".

حضر والد علي من العراق لاجئا في الثمانينيات، تُرك في قوقعة "الصدمات النفسية" يعيش في أخرى، بشقة سكنية لا يعرف موظفو البلدية ما يدور فيها، "فما يجري هنا لا يمكن البوح به، هكذا تسير الأمور هنا"، يقول علي. اليوم لم تعد قصته وإخوته سرا، بإنتاج التلفزيون الدنماركي وثائقيا عنهم، وبلسانه، فباستثناء أصغرهم، يعقوب، كان أخوان هما أكبر منه "عطبهما" العنف، وثالث مسجونا منذ أن كان بعمر 13 سنة، واليوم 27 سنة.

سؤال الهوية يهز الشاب بعنف "ولم أر العراق سوى أسبوعين في كل حياتي، فكيف تريدني أن أقبل بأن يصرخ البعض بوجهي: ارحل إلى بلدك؟ وبنفس الوقت لم يشعرني أحد بأن الدنمارك بلدي". والهوية اليوم أرق مؤرق لفاقديها ومحتضنيهم في معظم ما يشبه مستوى هجرة طبعها "عنف أعراض ما بعد الصدمة"، تشبه غيرها، أينما وجهت نظرك في ضواح أوروبية، يعيش فيها من ولدوا خلف جدران كتلها الإسمنتية.


علي اليوم في عشرينياته يمارس أبوة من نوع ما مع يعقوب، آملا ألا يذهب كما بقية الإخوة في طريق "هوية العصابات". وسواء اعترفنا بواقع مؤلم، أو رفضنا، بحجج "تابوهات" من كل صنف، فإن قصة علي وإخوته تختزل قصصا يُهمس بها، وأقلها غياب رسمي غير مفهوم لإنقاذ عائلة عاش فيها أطفال بلا هوية، ولا انتماء، سوى ما يصفه "تعذيب"، بالضرب والعنف. وفي مقابله غياب من نمط آخر وبإصرار خلف تلك الجدران تحت مسميات أبسطها "سمعة العائلة".

في الوثائقي الدنماركي "علي وإخوته" لم تظهر الأم، ولا الأب "الذي سيموت وحيدا"، بوصف علي القاسي. فالأولى تعيش إلى يومنا صدماتها النفسية؛ "فقد منعها أبي من الخروج منذ كنا صغارا، ولم تتعلم حتى كيف تتحدث لغة البلد".

الوالد، منذ أن جاء "تقاعد" مبكرا عن مهمتين: العمل والمسؤولية المنزلية، فازدادت العزلة، لتورث عزلة أخرى، يسعى هذا الشاب إلى أن لا يقع فيها أخوه يعقوب، الذي تعرض كثيرا أيضا لمضايقات زملائه في المدرسة الدنماركية، "فنقلناه إلى مدرسة خاصة يتعلم فيها القرآن أيضا". تبدو اليوم هواجس علي "الحفاظ على التركمانية والدين عند يعقوب"، وهو يقول جازما: لو أن أبي قبل منذ البداية، أو انتبه النظام الرسمي لحاجته إلى علاج نفسي، لما كنا اليوم على ما نحن عليه...".

المساهمون