تيه القيادة الفلسطينية

تيه القيادة الفلسطينية

24 يونيو 2018
من الاجتماع التوحيدي لمنظمة التحرير بالجزائرعام 1978(نبيل إسماعيل/فرانس برس)
+ الخط -
يثبت أن الشعب الفلسطيني، بمؤسساته المدنية والجهوية وحركته الأسيرة، أكثر دقة في بوصلته وأكثر وضوحاً في مشروعه الوطني من مؤسساته الرسمية المتمثلة بمنظمة التحرير والسلطة وحركتي "فتح" و"حماس" وباقي الفصائل، فالشعب الذي خرج منذ هبّة أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وأتبعها بمسيرات العودة المبتدعة طرقاً شتى من ألوان النضال منذ يوم الأرض 30 مارس/ آذار الماضي، قد حزم أمره وخياراته على طريق النضال كخيار وحيد لاستعادة حقوقه المهدورة التي زادت ضياعاً منذ الدخول في نفق التفاوض المظلم مع الاحتلال الإسرائيلي.
الشعب استعاد حسه الوطني في القطاع والضفة الغربية والداخل، في حين تبدو قياداته تائهة في مسرح التحولات الدولية والإقليمية، وتتسم مواقفها بالضبابية بل وتعمقت الانقسامات بينها أكثر. وجاءت جولة جارد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعملية السلام، بصحبة مبعوث واشنطن للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، في المنطقة، والتي تجاهلت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لتزيد من تهميش الطرف الفلسطيني.
هذا الغياب عن صفقة القرن عزّز هذا التيه وعمق من غياب الرؤية، كما أنه قاد كلاً من رام الله وغزة إلى اتخاذ خطوات أحادية تعكس الخشية من التضحية بوجود أي منهما خلال عملية تصفية القضية الفلسطينية، وتمثل ذلك سريعاً من قبل الرئيس محمود عباس الذي زاد سلطاته على مؤسسات فتح ومنظمة التحرير بإقصاء وتهميش كل من يخالفه، واستخدام ورقة المال والعصا الأمنية الغليظة لمنع تحريك الشارع ضد أي قرارات يتخذها، ومن ضمنها العقوبات المالية على الموظفين في غزة، وصار مشهد الاعتداء على الوطنيين في المظاهرات أمراً اعتيادياً بل مبرراً.
وبالمقابل، ومع وجود مجلس وطني حالي إقصائي، كانت لحماس هي الأخرى دعوة إلى مجلس وطني بديل تارة في القاهرة وتارة في بيروت، وعادت إلى مغازلة الخط الإيراني مجدداً، أملاً في البحث عن حل لمأزقها في قطاع غزة، والتي لا تتوانى أيضاً عن استخدام العنف الشرطي لمواجهة مظاهره الاحتجاجية الداخلية.
ومؤخراً، عرض مشروع أميركي قيمته بين نصف مليار دولار إلى مليار، لحل أزمة قطاع غزة من دون رفع الحصار وبتحييد حماس، وتخشى الحركة من أنه سيؤدي إلى تآكل سلطتها وقدرتها على المقاومة والردع إذا ظلت حبيسة القطاع معزولة عما يجري بشأن تنفيذ صفقة القرن إلا من قليل يسرب لها عبر الاستخبارات المصرية.
كان حرياً بالمؤسسات الفلسطينية وفصائلها وقياداتها الدخول سريعاً في مصالحة جامعة وفق مشروع توحيدي لمواجهة هذه الموجة العالية الآتية من الولايات المتحدة، بدلاً من أن يبحث كل طرف عن قارب نجاة خاص به.