جسر العودة

جسر العودة

29 ابريل 2018
يأتي من صمت الأشجار (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
بالتزامن مع ذكرى يوم الأرض السنوية في الثلاثين من آذار/ مارس الماضي، أطلق الفلسطينيون في قطاع غزة "مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار"، التي تحمل رسائل مختلفة عن كل سابقاتها، وباتت مشهداً يميز أيام الجمع، وباقي الأيام عما سبقها. مستمرة إلى يوم النكبة 15 مايو/ أيار المقبل، حيث ستكون المواجهة الكبرى.
لبى الفلسطينيون للجمعة الخامسة نداء المسيرات والمنظمين، وتوحدوا جميعاً في رفع العلم الفلسطيني الذي غاب كثيراً عن الفعاليات الكثيرة التي تعقد في قطاع غزة، بعدما قرروا وضع حد لهمومهم الثقيلة في غزة، عبر تصدير حق عودتهم إلى أراضيهم المحتلة، في مشهد يهدف إلى تحريك العالم إيجاباً نحو قضيتهم العادلة كلاجئين ومعاناتهم الإنسانية المتزايدة والعالقة منذ سبعين عاماً.
كان المشهد عند نقاط التماس على طول الخط الفاصل الشرقي لقطاع غزة، مُبهجاً للفلسطينيين الذين توحدوا على هدف العودة، بفعاليات غلبت على مشاهد ما قبل النكبة الفلسطينية عام 1948، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يُمرر تلك اللوحة السلمية، فتصدى لهم وأمطرهم بالرصاص المتفجر والغازات المحرمة دولياً، ليرتقي الشهداء ويصاب الألوف من الشبان والفتيات بالرصاص ممن تجمّعوا أمام السلك الفاصل مع الأراضي المحتلة.
حارب الفلسطينيون جنود الاحتلال المتسترين خلف السياج الفاصل، بالحجارة و"الكوشوك" (عجلات السيارات) والهتافات الوطنية والغناء للأرض وحق العودة، وآخرون جلسوا في خيام بيضاء أُقيمت على طول مناطق التجمع الخمس على طول الحد الشرقي المزعوم إسرائيلياً من شمال قطاع غزة حتى جنوبها، جسدوا عبرها واقع النكبة، وسط لوحات وحدوية تؤكد أن اللاجئين متمسكون بعودتهم.
أحدثت فعاليات مسيرة العودة ضجة دولية رغم كل محاولات خنقها، وخرجت مطالبات بوقف جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين العُزل، وحركت المسيرة والضحايا الكثر قضية غزة الإنسانية والسياسية بعد سنوات من موتها نتيجة تلاحق الأحداث في المحيط العربي.
أعادت غزة تنظيم صفوفها، للتأكيد على أن ما بات يعرف بـ"صفقة القرن" ستدفن ولن تمر، حتى لو كان بعض العرب اليوم عرّابون لها، ومنفذون لسياساتها. وحاول بعض العرب أيضاً، الضغط على حركة "حماس" لوقف التظاهرات الأسبوعية الفعالة، بعد أنّ أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً على إسرائيل، لكن غزة لم تستجب حتى الآن، ولا يبدو أنّ المسيرات ستتوقف في وقت قريب.


(تصوير: عبد الحكيم أبو رياش)