الأمية تهدد طلاب اليمن في حال استمرت الحرب

الأمية تهدد طلاب اليمن في حال استمرت الحرب

10 يناير 2018
تظاهرات سابقة ضد تردّي الوضع التعليمي في اليمن (Getty)
+ الخط -

أكثر من عام، والمعلمون في اليمن بلا رواتب. وعلى الرغم من الاحتجاجات الواسعة التي نفّذتها النقابات التعليمية، إلا أن جماعة أنصار الله "الحوثيين"،  أجبروا التربويين على فتح المدارس، حتى وإن كان ذلك شكلياً.


يجد أغلب الطلاب في المدارس الخاضعة لسيطرة الحوثيين أنفسهم بدون معلمين، أغلب أيام الفصل الدراسي الأول الذي أوشك على الانتهاء، وإن حضروا فلا يقومون بواجبهم في تقديم الدروس.

يوضح الطالب محمد إبراهيم (14 عاماً) أن غياب المعلمين وعدم توزيع كتب المنهج، عرقلا العملية التعليمية، ويقول "أذهب صباح كل يوم إلى المدرسة، لكن لا أتلقى سوى حصتين أو ثلاث، من إجمالي سبع حصص يومية، وما زلنا في بداية المنهج، رغم اقتراب امتحانات نهاية الفصل".

الطالبة ريم الأحمدي، تشكو بدورها من تردّي عملية التعليم في مدرستها، وتقول "أغلب المدرّسات لا يحضرن، ومن حضرت منهن لا تقوم بواجبها كما في السابق"، مشيرة إلى أنها تعتمد على والدتها في تعليمها، إلا أنها تعجز كثيرا عندما يتعلق الأمر بالمواد العلمية مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات واللغة الإنكليزية.


وتضيف الأحمدي، طالبة الصف الأول الثانوي "أشعر بالقلق على مستقبلي. أحيانا أتساءل: لماذا هذه الحرب لم تحدث إلا في الوقت الذي أنا بحاجة فيه إلى التعليم؟ هل سأكون أمية في حال استمرت الحرب؟"، لافتة إلى أن الكثير من زميلاتها لم يعدْن إلى المدرسة، بعد أن آمنّ بأنه لا فائدة من الذهاب للمدرسة بدون دراسة".


وفي السياق نفسه، يؤكد أحمد المسوري، الإداري في إحدى مدارس العاصمة صنعاء، أن العملية التعليمية في مناطق سيطرة الحوثيين انهارت بشكل كلي، وأن ما يحدث ما هو إلا مسرحية وهمية، لكي لا يقال إن التعليم توقف.


ويوضح أن "أكثر من 70 بالمائة من المعلمين لا يلتزمون بالدوام الرسمي، رغم تهديدات قيادة وزارة التربية والتعليم بالفصل والاستبدال، ولا نستطيع اتخاذ أي إجراء ضدهم بسبب انقطاع الرواتب". كما يشير إلى أن الوزارة لم توفر هذا العام المناهج الدراسية للطلبة، وأن المدرسة لا تملك ميزانية تشغيلية. "وقد ذهب أغلب المعلمين للعمل في المدارس الخاصة وأعمال أخرى لتوفير لقمة العيش، فمن الصعب أن يصمدوا كثيرا بدون مصدر دخل".

ويرى المسوري أن جماعة الحوثيين لا تريد أن يستمر التعليم، وأنها تسعى جاهدة إلى ربط جبهات القتال بالطلبة، وهناك نماذج كثيرة تؤكد ذلك، كما أن جميع المدارس التي تقع في الريف متوقفة نهائياً منذ العام الماضي، وأن التعليم يقتصر على عواصم المحافظات فقط، بحسب المسوري. كما يطالب بإيجاد حلول سريعة، لضمان عدم توقف العملية التعليمية في اليمن بشكل نهائي.


إلى ذلك، تقول أحلام الحاشدي، معلمة في مدرسة خاصة في العاصمة صنعاء، إن الإقبال على المدرسة التي تدرّس فيها كان كبيراً هذا العام، رغم انقطاع الرواتب عن موظفي الدولة، بسبب خوف أولياء الأمور من عدم التزام المدارس الحكومية بالمنهج، مشيرة إلى أن التعليم في اليمن بات لمن يملك المال فقط.

وتضيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المدارس الخاصة باتت الوحيدة التي تدرّس المناهج كاملة ويلتزم فيها المدرسون بالدوام، بعدما تراجع أداء المدارس الحكومية. وتقول "كان عدد الطلاب في الفصل، العام الماضي، لا يتجاوز 30 طالباً، لكن العدد تضاعف مؤخرا، لإقبال أولياء الأمور على تسجيل أبنائهم، رغم علمهم أن عدد الطلاب كثير مقارنة بالسابق، وهذا سيؤثر على قدرتهم على الاستيعاب وما كانوا يرفضونه في السابق".


بدوره، يقول المواطن عبد الكريم حسين، الذي قرر عدم إرسال ابنته إلى المدرسة "ما فائدة ذهاب ابنتي للمدرسة ولا يوجد تعليم بشكل صحيح؟ حتى من تواجد في المدرسة فأغلبهم متطوعون لا يجيدون التدريس، إضافة إلى ذلك، فقد فوجئت برسالة من ما يُسمى بمجلس الآباء يطالب بمبلغ شهري نظير دراسة ابنتي، وهذا الأمر مخالف للدستور والقانون، الذي ينص على مجانية التعليم".

وليس غياب المدرسين وعدم التزامهم بالتدريس فقط هو ما يعرّض العملية التعليمية للتوقف التام، فأغلب المدارس الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين لم تستطع تسليم الكتب الدراسية للطلاب.

الطالب فارس التميمي يعتمد على بعض الكتب المهترئة التي قدّمها له أحد جيرانه. ويقول لـ"العربي الجديد"، "وزّعت علينا إدارة المدرسة كتبا مستخدمة بداية العام، كثير من الصفحات الأولى والأخيرة غير موجودة وبعض الصفحات تالفة، لكني أحاول الاستفادة منها قدر الاستطاعة". 

ويلفت إلى أن بعض زملائه في الفصل باتوا يغيبون عن حصص المواد التي لا يملكون كتبا خاصة بها. 


وفي السياق، وجهت أغلب مدارس العاصمة صنعاء، أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، برسالة إلى أولياء الأمور تطالب بدفع مبلغ مالي شهري مقابل دراسة أطفالهم، وأثار هذا الطلب موجة غضب عارمة، ما أدى إلى إلغائه.


وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" قد أكدت، في شهر أغسطس/آب الماضي، أن 4.5 ملايين طفل قد لا يتمكنون من العودة إلى مدارسهم في العام الدراسي الجديد، نظرا لانقطاع رواتب المعلمين والمعلمات.

وتسبب نزوح حوالي 3 ملايين يمني من مناطقهم جراء المواجهات المسلحة، في بحرمان كثير من الأطفال واليافعين من التعليم، لاسيما بعد تدمير كثير من المدارس واحتلال الجماعات المسلحة لعدد منها.

وبحسب تقرير صادر عن "يونيسف"، فإن عدد المدارس المتضررة كليا من الحرب 234 مدرسة، والمتضررة جزئيا 1265، في مختلف أنحاء البلاد.


أما عدد المدارس التي ما يزال المسلحون يسيطرون عليها، فهي 24 مدرسة، وعدد المدارس التي غادرها المسلحون خلال الفترة الماضية 9 مدارس.

أما تقرير التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، فقد أكد أن 71 مدرسة ومنشأة تعليمية لا تزال تحت سيطرة مليشيا الحوثي وقوات صالح. في المقابل، سيطرت قوات الشرعية اليمنية على حوالي 19 مدرسة ومنشأة تعليمية أغلبها في تعز.



المساهمون