المبادرات التعليمية في الأردن ما بين التحديات والنجاح

المبادرات التعليمية في الأردن ما بين التحديات والنجاح

08 اغسطس 2017
"مكاني" مبادرة تعنى بدمج المهمشين في التعليم (العربي الجديد)
+ الخط -

يشهد الأردن ثورة تعليمية جديدة عنونت بـ"المبادرات التعليمية"، وذلك لسد الفجوات اللامنهجية الحاصلة في منظومة التعليم، ولتحسين أداء الطلبة، من خلال ربط التكنولوجيا والأداء الإبداعي بالنصوص الأكاديمية المُدرسة.

ولأن الهيكل التعليمي في الأردن يشهد تراجعاً ونقصاً في الإمكانيات المادية، تأتي هذه المبادرات لتنقذ مخرجات المهارات من الجمود وتحيي الأداء الطلابي بطريقة معاصرة تواكب جميع قدرات الطلبة التفاعلية والتعليمية، وترمم الهيكل البنائي للمدارس المصابة بترهل إمكانيات الصيانة والتحديث.

لذلك تشهد جميع محافظات المملكة الأردنية الهاشمية والعاصمة عمان، عدة مبادرات موزعة على نطاق يصل إلى المخيمات والمناطق الأقل حظاً مثل "البادية"، لإيصال فعالياتهم التعليمية التي تحاول الربط بين القطاعين الخاص والعام، من خلال منح أدوات حديثة للمعلم في المدارس الحكومية، لمواكبة تطورات التعليم الحديث.

جميع المبادرات في الأردن تدور حول تمكين المعلم والطالب من تطوير مهاراتهما المعرفية في التعليم الرقمي الذي من شأنه خلق جيل يُعنى بأهمية التكنولوجيا وكيفية استغلالها، وعمل مبادرات خاصة به، والإبداع، وبناء شخصية قيادية.

وفي هذا الشأن كان لـ"العربي الجديد" حديث مع عدة مسؤولين عن مبادرات تعليمية في الأردن.



مبادرة مكاني
 

مديرة مركز الأميرة بسمة التابع للصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية ومسؤولة مبادرة "مكاني" في محافظة إربد، فهيمة العزام، أوضحت أن اسم المبادرة "مكاني" مرتبط بجوهر المبادرة وهدفها، وهو توفير المكان الآمن لكل المنتسبين من عمر 5 سنوات حتى 18 عاما، لتنفيذ أنشطة وبرامج خاصة بهم. وقمنا بعمل تصميم هندسي يمنح المكان الحميمية من حيث الحماية والأمان والغرف الصفية وأماكن اللعب، لإشعارهم بأن هذا هو مكانهم. 

وهو مشروع متنقل ينفّذ في كافة أنحاء المملكة بدعم من الصندوق الأردني الهاشمي وشراكة مع اليونيسيف. وقد وزّعنا بمعدل 28 مركزا على مستوى المملكة، لتنفيذ برنامج مكاني. وللمشروع أربعة محاور:

أولاً: أطفال الحروب:
 
المشروع موجه بالأساس إلى أطفال الحروب المهمشين، وأيضاً أطفال الأردن الذين درسوا في فترات صباحية ومسائية مع الطلبة السوريين من خلال دمجهم، وذلك لإزالة التحفظات.

ثانياً: تمكين الطالب المنقطع عن الدراسة من العودة إلى المدرسة. وذلك بإرجاع 80 طفلا للمدرسة، ضمن اتفاق مع وزارة التربية والتعليم، بالموافقة على استئناف دراستهم، حتى لو انقطعوا عنها لأكثر من شهرين.

ثالثاً : تمكين الطلبة من خلال دورات مهارات حياة أساسية

وذلك بإعطائهم مهارات حياة أساسية، وتقديم دعم نفسي لهم ولأهاليهم، حيث إننا نؤمن بأن الدعم النفسي للأهل يؤثر بطريقة إيجابية على أدائهم في المبادرة. 

رابعاً: منح التعليم غير النظامي (التعليم التمازجي)، نشاطات لامنهجية ومختبرات إبداع، من خلال جعل الطلاب يتقنون عمل التجارب العلمية وصنع البرامج التعليمية والترفيهية ووضعها على شبكة "Intel" العالمية، والمشاركة في المسابقات والفوز بها.

وأضافت العزام أن الفريق مكون من ذوي الاختصاص الذين يتم منحهم تدريبات حول التعليم والإحالات ومهارات الحياة الأساسية. وقد فاز طلبة مبادرة "مكاني" مؤخراً وتم تكريم طلابها من سمو الأميرة إيمان، في فاعلية "كل خطوة معنا بتفوق". كما تم تنفيذ فكرة "بيت الخالات" وصمم الطلبة مكتبة لـ"SOS"، في مبادرة مبدعة كانت نتاج أفكارهم.




برنامج "جسور" لتأهيل المعلم في الأردن

نظراً لفقر المدارس في الأردن إلى برامج "تمكين المعلم"، خاصة فيInternational Schools) ) التي تتطلب معلما مؤهلا لإعطاء مناهج العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية 

 أتى برنامج جسور التعليمي بفكرة تأهيل وتمكين الخريجين من إجادة اللغة الإنجليزية، ومنحهم الأدوات المناسبة لإعطاء الحصص بطريقة تفاعلية، والتي من شأنها أن تعزز العملية التعليمية وتعود على الطالب بالمنفعة.

وفي هذا الشأن، كان لـ"العربي الجديد" حديث مع مؤسس "برنامج جسور"، حسام أبو الحسن، وهو مؤسس معلمين بالتعاون مع جامعة لندن والمستشار الإقليمي لمنظمة البكالوريا الدولية ومسؤول عن ترخيص المدارس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يقول أبو الحسن إن برنامج جسور يهدف إلى الحد من مشكلة "المعلم بغير التخصص" الذي يكون على سبيل المثال خريج كمبيوتر ويعلم في مدرسة دولية مادة الرياضيات باللغة الإنكليزية، بدأت المبادرة منذ سنتين مستهدفة المعلمين الخريجين الذين يبحثون عن فرص عمل في المدارس الخاصة، وتم تصميمه بالبداية للتدريب على إعطاء مادتي "العلوم والرياضيات" باللغة الإنكليزية، كحالة تجريبية أولى، وتم العمل به بالشراكة مع شركة طيف لتطوير التعليم، وتم تنفيذه في العاصمة الأردنية عمان، حيث كان التدريب بحدود 180 ساعة، مع كورسات مكثفة في اللغة الإنكليزية "English for Teacher"؛ حيث إن المدارس الدولية تحتاج إلى معلم يتحدث ويتقن اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهو الأمر الذي يعاني منه الخريج عند الانطلاق إلى سوق التعليم الخاص.

تقوم المبادرة على إرسال هؤلاء المعلمين إلى مدارس دولية يتم الاتفاق معهم لتدريبهم مدة فصل دراسي كامل، من خلال محاضرات نظرية مع خبراء التعليم الدولي ومعلمين والشق التدريبي في المدارس. وعند الانتهاء من التدريب يتم التعاقد مع مدارس دولية لتعيين المتدربين لديهم.



مبادرة "كويست سكوب"

مؤسسة كويست سكوب للتنمية الاجتماعية في الشرق الأوسط في الأردن مؤسسة غير ربحية تُعنى بالفئات المهمشة في المجتمع الأردني والفقراء المتسربين من المدارس من عمر 13- 18 سنة، وتقوم بتطوير برامج تعليمية وتربوية ومهنية بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الاجتماعية.

تسعى مؤسسة كويست سكوب إلى نشر ثقافة الوعي والمشاركة والاحترام، وذلك من خلال تنفيذ برامجها التنموية والتعليمية في مختلف محافظات الأردن لتستهدف أكبر شريحة من أفراد المجتمع المحلي.


حسب قانون وزارة التربية والتعليم، لا يسمح بعودة الأطفال المتسربين من المدارس بعد غياب ثلاث سنوات فأكثر عن المدرسة، وكانت الخيارات أمام هؤلاء الأطفال محدودة فقط بمراكز محو الأمية المخصصة للكبار، وحتى الصف السادس الأساسي فقط. لذلك تم العمل مع وزارة التربية والتعليم منذ العام 2003 ضمن اتفاقية شراكة استراتيجية بتطوير برنامج تعزيز الثقافة للمتسربين- التعليم غير النظامي، والذي يستهدف الأطفال المتسربين من المدرسة من الفئة العمرية 13-18 للذكور، و13-20 للإناث.

وقد قامت المؤسسة مع وزارة التربية والتعليم بتطوير مواد قرائية للبرنامج مأخوذة من المناهج الرسمية ومطورة بشكل يلائم الفئة المستهدفة من البرنامج ويحصل الطفل الملتحق حال تخرجه من البرنامج على وثيقة توازي الصف العاشر من وزارة التربية والتعليم لغايات التدريب المهني و/أو التعليم المنزلي.

ومن الجدير بالذكر، أن هذه الوثيقة تؤهل الحاصلين عليها الالتحاق ببرنامج ماهر في مؤسسة التدريب المهني، والتي تخوّل خريجي البرنامج الحصول على رخصة مهن تتيح له فرصة إنشاء عمل خاص، وذلك ضمن اتفاقية تعاون بين المؤسسة ومؤسسة التدريب المهني.

تُعنى المؤسسة بالقضايا التي تمس حياة الأفراد "الطلبة" المعرّضين للانحراف أو الخطر، وذلك بالبدء من "القرى، البادية، المدينة"، للبحث والتعرف على هذه الحالات التي من شأنها أن تشكل خطراً على كيانها ومجتمعها، ومن هنا تأتي مبادرات المؤسسة للعمل على إصلاح تلك المظاهر المجتمعية، والعمل على مفهوم "البيئة الاجتماعية الإيجابية"، من خلال استنادها على ثلاثة محاور:

تنمية المحليات، أي بناء توافق بين أفراد المجتمع الواحد على هموم مشتركة وتوفير أنشطة عامة تعمل على زيادة وعي وقدرات المجتمع.

بناء علاقات بناءة ومؤثرة بمعنى إشراك المؤسسات المحلية والخبراء في تحسين حياة الطلبة المتسربين.

الفعل المدني بمعنى إشراك السلطات المحلية في تنفيذ سياسات وإجراءات اجتماعية إيجابية تتوافق واحتياجات المتسربين.

وشهدت كويست سكوب قصص نجاح عديدة منذ انطلاقتها، وساعدت الكثير من المتسربين باستعادة حياتهم، وأصبحوا الآن فعالين في مجتمعهم الأردني. إلا أن أكبر التحديات تكمن في مسألة اللجوء ودمج الطفل اللاجئ مع الطفل الأردني، والتخلص من التحفظات بينهم كان له صعوبات مختلفة. 

وفي نهاية الأمر، هناك نجاحات وتحديات، وتختلف قدرة المبادرة في تخطي تحدياتها، والتي من أبرزها التحدي المالي والتحدي المجتمعي، لأنها تأتي بأفكار مبدعة في مواجهة أفكار تقليدية في مجال التعليم وعملية التغيير الخاصة بالنمط التعليمي في المدارس، وهو أمر ليس باليسير أو الهين.

المساهمون