في ظلال الانقسام

في ظلال الانقسام

27 اغسطس 2017
كي لا يصبح الوطن وطنين (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -
عشر سنوات ونيّف مرت على الانقسام الفلسطيني، الذي تكرس فعلياً في يونيو/ حزيران من عام 2007، والذي أدى في ما أدى إليه، إلى الفصل السياسي والجغرافي والاقتصادي والاجتماعي بين مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل. عشر سنوات ونيف باتت فيها القضية الفلسطينية أسيرة لتوجهات وأهواء ومصالح حركتي "فتح" و"حماس"، حتى بات الوضع القائم حالياً شبه طبيعي يمكن التعايش معه إلى ما لا نهاية، وخصوصاً أن أي مسعى لإنهاء الانقسام كان يواجه بالفشل لاعتبارات متعددة.
الانقسام بات يلقي بظلاله على تفاصيل المشهد الفلسطيني بشكل عام، والأنكى أن أي محاولات لتحقيق المصالحة حالياً لم تعد تلفت انتباه الشارع الذي دخل في حالة يأس من عودة الأمور إلى سابق عهدها، وخصوصاً أنه جرب أكثر من محاولة للمصالحة، إلا أنها كانت كلها تنتهي مثلما بدأت: اتفاق ثم خلاف سريع يدمر كل ما تم التوافق حوله. لتعود الأمور إلى المربع الأول، ولتبدأ المحاولات من جديد لرأب الصدع الذي لا يبدو أنه سيلتئم قريباً، خصوصاً أن أطرافاً كثيرة باتت تلعب على خطه، سواء في الداخل أو في الخارج.
أطراف كثيرة لعبت على وتر الانقسام منذ بدايته، منها من انسحب الآن، إلا أنه ترك مكانه لآخرين لممارسة الدور نفسه. فإذا كان الأميركيون قد بدأوا الضغط منذ اليوم الأول لفوز حركة "حماس" بالانتخابات لعزلها، وحرضوا السلطة على ذلك، فإن الضغط توزع على أكثر من طرف الآن، ولعل الولايات المتحدة تأتي اليوم في الدرجة الأقل، فلمصر دور في الضغط وللإمارات أيضاً، والسعودية، كلها ضمن الدرجة التي تخدم مصالحها. ولا يمكن في الوقت نفسه استبعاد العامل الداخلي، أي مطالب كل من "حماس" و"فتح" من الآخر، والشروط التي تعقّد إتمام المصالحة إلى اليوم، رغم الاتفاقات الكثيرة التي تم إبرامها. فالخلاف حول الموظفين والانتخابات وموعدها وحكومة الوفاق الوطني، كلها عوامل داخلية، ربما بلمسات خارجية، لكنها في المقام الأول قرارات تمس هذا الفصيل أو ذلك.
لكن بغض النظر عن تفاصيل الخلافات، وما يريده كل طرف من الآخر، وأبعاد الشروط التي تفرضها السلطة على "حماس" والشروط المضادة للحركة الإسلامية على "فتح"، يبقى الأخطر هو حال التعايش مع الواقع الجديد الذي يتمدد في عموم الداخل الفلسطيني، وحتى في الشتات، لتصبح الحياة في ظلال الانقسام أمراً طبيعياً لا مفر منه.