طفلي القلق يثير قلقي

طفلي القلق يثير قلقي

16 اغسطس 2017
سعادة الأبناء تنبع من سعادة الآباء(Getty)
+ الخط -
"طفلي القلق يثير قلقي" قد تبدو جملة ساخرة لكنها في الحقيقة جملة واقعية جدا على الأخص لو قمنا بقلب جزأيها لتكون "قلقي يثير طفلي". فقلق الوالدين ينعكس بالضرورة على الأطفال. 
هو قلق مشروع حول تربيتهم، تعليمهم، أصدقائهم، مستقبلهم وما إلى ذلك لكن حين يزيد القلق عن الحد الطبيعي فإننا ننقل لا شعوريا قلقنا إلى الأبناء. ولا أرغب في التحميل على الوالدين لأنهم ضحايا لعالم مليء بالمعلومات المقلقة، وفي مجتمع لا يقدر قيمة الخبرات ويعزز المعلومات المثبتة بآرائه الشخصية.

في الحقيقة، إن غضب الصغار غالبا ما يكون قناعا لتوترهم الذي ينمو مع أعمارهم، فحتى سن السنوات الخمس يشعر بالقلق من الوحوش والخارقين للطبيعة، ومن المرحلة الابتدائية يقلقون من فكرة الأمان حول الدراسة أو أصدقائهم أما المرحلة التالية فغالبا ما يقلقون على صداقاتهم وعلاقاتهم بأقرانهم وفي المراهقة فالقلق يتحول للنتائج المدرسية.

لذلك من أجل كل تلك المخاوف التي تغذي لا شعوريا نفسية أطفالنا فإن الطفل القلق غالبا يميل للكآبة وعدم الرغبة في الاستمتاع بالحياة لأن من وجهة نظره كل تجربة يخوضها هي تجربة تحمل المخاطر وعقله الصغير لا يسمح له باستيعاب أن التجربة في حد ذاتها هي تجربة نضوج وخبرة يكتسبها.

لذلك ينصح بأن تكون نظرة الوالدين إيجابيه للمستقبل، كأن يتحدثا ويشاركا أطفالهما عن مخططاتهم وأحلامهم، أن يروي الأب مثلا عن موقف صادفه في العمل أصابه بالقلق وأنه لولا هدوءه لما فكر بشكل سليم وخرج منه بدون خسائر وأنه لو كان سمح لنفسه بالتوتر أكثر لخسر ثقة مديره به.

وللسيطرة على قلق الأطفال يمكن للأمهات اتباع التالي:
- الزمي الهدوء حال إصابة طفلك بنوبة من القلق واطلبي منه أن يتوقف عن الكلام للحظات ثم امسحي بكفيك على صدره وأخبريه بحنو أنك متعاطفة معه وتقدرين شعوره بالقلق، ثم فكرا سويا في المشكلة المثيرة لقلقه وناقشا أسبابها ثم اطرحا البدائل لحلها.

- أخبري طفلك أن الكبار أيضا يشعرون بالقلق من وقت لآخر لذلك فالشعور بالقلق أمر طبيعي وصحي ولكن الغير صحي أن يكون سببا في تعكير مزاجنا أو سببا في حرماننا من خوض تجربة مثيرة تضيف وتصقل خبراتنا.

- من المفيد ضرب الأمثلة للطفل حتى يستوعب ماهيه شعوره، فالقلق مثلا هو بمثابة جهاز إنذار يعمل لحمايتنا أو للدفاع عنا لكن مثله مثل أي جهاز قد يصيبه خلل فيطلق إنذار خاطئ يتوجب علينا فهم الإنذار ومعالجة الخلل.

- طلبت من صديقتي الطبيبة النفسية أن تساعدني في دفع مخاوف القلق لدى أحد أطفالي فأرشدتني إلى تمرين ساعدنا كثيرا للتخلص من قلقه بنفسه بالتدريب، كأن يقوم بدور المحقق مع أفكاره فيبحث في ذهنه عن الفكرة المقلقة ويقبض عليها كمتهم مشتبه به (مثل أمي تحب أخي الأصغر أكثر مني)، ثم لا بد كمحقق ناجح أن يوفر الأدلة اللازمة لإثبات التهمة أو نفيها (مثل ربما كانت مشغولة عنك بسبب احتياج أخيك الرضيع لها، ربما لم تسمعك حين طلبت منها مساعدتك)، وأخيرا مناقشة المتهم- الفكرة المقلقة في الأسباب والدوافع وربما البراءة (عبر لوالدتك عن مخاوفك بأسلوب لائق، اكتب لها رسالة).

- اتركي لطفلك مساحة يعبر عن قلقه بطريق غير مباشر فكلمة "لا تقلق" غير كافية بالتأكيد لكبح خياله عن القلق بل دعيه يعبر عن قلقه بالرسم كأن يرسم ما يخاف منه، أو أن يؤلف قصة عن مخاوفه...

- ادفعي طفلك لخوض التجارب المقلقة بالتدريج فالتجربة نصف الحياة واكتفي بمتابعته عن بعد مع استخدام عبارات الدعم والتشجيع.

المساهمون