الشارع المكان الوحيد الذي يتلقفهم

الشارع المكان الوحيد الذي يتلقفهم

20 يوليو 2017
يقضي الأطفال أوقاتهم بالشارع ويمضغون القات(Getty)
+ الخط -
يركل عبدالله محمد (16 سنة) كرة القدم لترتطم بجدار منزله عدة مرات من دون أن يأبه لشكاوى بعض جيرانه التي تحذره من اللعب في الحي الذي يسكنه. ينتقل من مكان لآخر هو وبقية أصدقائه بعدما تقسموا كفرق تلعب في شارع ضيق لا يتجاوز عرضه أربعة أمتار. يتكرر هذا المشهد كل يوم، فعبد الله وزملاؤه لا يستطيعون ممارسة لعبة كرة القدم في نادي 22 مايو بصنعاء والذي يبعد عن حيهم حوالى نصف كيلومتر بعدما أوقفت جماعة الحوثي معظم أنشطته.

بدأت العطلة الصيفية لطلاب أغلب المدارس في اليمن قبيل شهر رمضان، لكن هذه الإجازة لا تعني لهم شيئاً سوى توقف المجهودات التربوية والتعليمية. فلا وجود لبرامج وأنشطة ترفيهية أو ثقافية أو رياضية تشعرهم أنّهم يقضون إجازتهم في ما يحفزهم على استقبال العام الدراسي الجديد باستعداد أكبر.


صيف بلا أنشطة
العطلة الصيفية في اليمن تعني بقاء الطلاب في المنزل بحسب عبدالله.
يقول لـ "العربي الجديد":
، وأوضاعنا المالية لا تساعدنا على الالتحاق بمعاهد لنتلقى فيها تعليم اللغة الانكليزية أو تعزز قدراتنا في استخدام الكمبيوتر". مشيراً إلى أن الشارع هو المكان الوحيد الذي يتلقفهم في العطلة الصيفية.

يقضي عبدالله جزءاً كبيراً من ساعات المساء في الشارع مع أصدقائه، يلعبون كرة القدم أو يتحدثون أو حتى يمضغون نبتة القات أحياناً. يضيف: "قبل الحرب كنا نستغل العطلة الصيفية في أنشطة ترفيهية ورياضية وثقافية ضمن أنشطة المخيمات الصيفية التي تقيمها المدرسة. لكنها توقفت تماماً منذ اندلاع الحرب". لافتاً إلى أن انقطاع التيار الكهربائي أغلب ساعات اليوم لا يمكنه من متابعة التلفزيون أو استخدام الانترنت.


أبناء اليمن والقات
يواصل: "بسبب هذا الفراغ، تعلمت مضغ القات، لأني لا أجد شيئاً أفعله طوال اليوم، وقد سمح لي والدي بذلك كي أبقى بجانبه". مشيراً إلى أن القات يساعده على قراءة بعض المقررات الدراسية الخاصة بالعام الدراسي القادم.


يفسر والد عبدالله أسباب عدم إلحاق ابنه بنوادٍ رياضية أو معاهد تعليمية، فهو منذ أكثر من ثمانية أشهر لم يحصل على راتبه الشهري من المؤسسة التي يعمل بها. يقول: "نعيش حرباً منذ وقت طويل، ويجب على أبنائي الثلاثة أن يتفهموا وضعي المالي اليوم وهو وضع أغلب الآباء، وما كنت أستطيع أن أقدمه لهم في عطلتهم الصيفية في السابق لا أستطيع اليوم تقديمه".

ويشير والد عبدالله إلى أنه سمح لابنه بمضغ نبتة القات المخدرة منذ بداية العطلة الصيفية يومين في الأسبوع كي يكون إلى جانبه معظم الوقت، ولا يذهب مع "أصدقاء السوء أو يلتحق بجبهات الحرب كما فعل كثير من الشباب والأطفال". يضيف لـ "العربي الجديد": "أن يمضغ القات بجانبي، خير من أن أفقده في الحرب أو يتحول إلى لص يسرق الناس أو يعتدي عليهم كما حدث مع بعض الطلاب الذين انضموا لعصابات تنهب المواطنين". لافتاً إلى أن أغلب طلاب المدارس اليوم لا يستغلون عطلتهم الصيفية بأي أنشطة مفيدة.


اللجنة العليا للمخيمات
ولاستيعاب طلاب المدارس وتنمية مهاراتهم، كانت الحكومة اليمنية قبل الحرب قد أنشأت اللجنة العليا للمخيمات والمراكز الصيفية بقرار من مجلس الوزراء يحمل الرقم 143 (عام 2006). وتهدف هذه المخيمات إلى توفير نشاطات للتلاميذ لقضاء أوقات فراغهم، بدلاً من الانخراط مع حركات متطرفة وإرهابية.

يذكر بأن تقارير عن النشاط الصيفي في اليمن لعام 2013 أظهرت "عدد المشاركين في نشاطات وفعاليات اللجنة العليا للمخيمات والمراكز الصيفية بلغ 27917 مشاركاً"، في حين يشكل الشباب 45 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 28 مليوناً ونصف مليون نسمة.

دلالات

المساهمون