مبادرة في الهند لمشاركة تلاميذ المدارس الحكومية متعة القراءة

مبادرة في الهند لمشاركة تلاميذ المدارس الحكومية متعة القراءة

11 يوليو 2017
مشروع تنويري لبناء 100 مكتبة في مدارس الفقراء(Getty)
+ الخط -

في العام 2012، قرر طلاب مدرسة "SAI" الدولية بالهند مشاركة أطفال مدرسة "باتيا" الحكومية، التي يبلغ عمرها 113 عاماً، متعة القراءة، فقاموا بتأسيس مكتبة متكاملة لهم داخل مدرستهم، أطلقوا عليها "مكتبة قوس قزح للقراءة" Reading Rainbow Library. إلا أن رؤية الطلاب لهذا المشروع  لم تتوقف عند حدود مكتبة واحدة؛ إذ توسعت في السنوات التالية حتى تمخضت عن مشروع تنويري لبناء 100 مكتبة في 100 مدرسة، يحمل اسم "مشروع الـ 100 مكتبة" 100 Libraries Project.

بدأت القصة عندما لاحظت بريانكا باترا، وزميلاتها في مدرسة SAI الدولية، بمدينة بهوبانشوار، عاصمة ولاية أوديشا الهندية، أن إحدى المدارس الحكومية بمدينة باتيا، التابعة للولاية نفسها، تعاني من أوضاع متردية، ليس فقط على مستوى وسائل الراحة والأثاث، وإنما أيضا على مستوى المرافق الأساسية والبنية التحتية وسلامة المبنى؛ فقرروا تدشين مبادرة لدعم رسالة التعليم والتثقيف في المدرسة.

كانت جماعة "نحو العالمية" Going Global Club بمدرسة SAI الدولية قد قامت في العام 2011 (أي قبل عام واحد من بزوغ هذه الفكرة) بمساعدة مدرسة باتيا عن طريق تركيب مراحيض جديدة؛ مما شجع باترا ورفاقها على التفكير في متابعة تقديم خدمات تعليمية أخرى.

وبعد حوارات مطولة مع الأطفال في مدرسة باتيا لتحديد نوع الخدمة، أدرك طلاب مدرسة SAI الدولية شغف هؤلاء الأطفال بالقراءة، برغم عدم توافر مكتبة في مدرستهم؛ ومن ثم، قرروا مشاركتهم متعة القراءة وشغف البحث، وذلك من خلال التبرع بمجموعة من الكتب، ضمن فعاليات "أسبوع العطاء" Giving Week. إلا أن الفكرة سرعان ما تحولت إلى إنشاء مكتبة كاملة، لتترك أثرا أكثر استدامة.


وبالفعل، دشن الطلاب - الذين ينتمي أغلبهم إلى جماعتي "نحو العالمية" Going Global و"تفاعَل" Interact، بمدرسة SAI - حملة أطلقوا عليها اسم "حملة جمع الكتب من جميع المدارس" All School Book Drive، أسفرت عن جمع أكثر من 400 كتاب في صورة تبرعات. ضمت قائمة الكتب أنواعا مختلفة من المطبوعات، مثل المجلات والروايات والقواميس، بلغات مختلفة شملت الإنكليزية والأوريا والهندية، وغيرها من اللغات.  


ومن خلال تبني منهجية التفكير القائم على التخطيط المكونة من أربع مراحل – التي تعلمها الطلاب في منظمة "التخطيط من أجل التغيير" Design for Change (وهي منظمة غير هادفة للربح تشجع الأطفال على حل المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتهم المحلية)، انتقل طلاب مدرسة SAI الدولية تدريجيا نحو إدراك رؤيتهم لمشروعهم الثقافي الكبير. من خلال هذه المنهجية، تمكن الأطفال  من التماس المشكلة التي يعاني منها مجتمعهم المحلي، ثم "تخيل" الطريقة المناسبة للتصدي لها، وثالثا القيام بشيء ما حيالها، وأخيرا "مشاركة" الفكرة مع آخرين. (جدير بالذكر أن منظمة "التخطيط من أجل التغيير" قد اختارت هذه المبادرة ضمن أفضل 20 مبادرة في العالم، وذلك ضمن فعاليات مؤتمر "كن التغيير" Be the Change، الذي نظمته في الهند عام 2013).

وقد أشاد طلاب مدرسة SAI الدولية بالدور الداعم الذي قامت به إدارة مدرستهم، حيث وفرت لهم الكثير من الاحتياجات اللوجستية، مثل وسائل الانتقال، فضلا عن إعادة تنظيم جدول الحصص حتى يتسنى لهم توفير الوقت الكافي للعمل على مبادرتهم. وفي مذكرة خطية إلى منظمة "التخطيط من أجل التغيير"، أعرب الطلاب عن سعادتهم بأن فكرتهم البسيطة قد تسهم في تغيير في حياة أطفال مدرسة باتيا، الذين ينتمون إلى طبقة اجتماعية مهمشة. من ناحيتهم، أبدى أطفال مدرسة باتيا سعادة بالغة بالمكتبة الجديدة، حيث أكدت بريتي - إحدى طالبات الصف الرابع بالمدرسة – أنه "لأول مرة سيصبح لدينا مكتبة مدرسية.. أشعر بسعادة عميقة وبزهو بالغ".

ووفقا لمنسقة المشروع، جيسيكا باتنيك، فقد تحولت الرؤية الخاصة بهذا المشروع من مجرد مكتبة في مدرسة باتيا إلى رؤية أكبر لتدشين "مشروع الـ 100 مكتبة"، وتقول: "في كل عام تقيم مدرسة SAI الدولية احتفالا بـ "يوم الطفل" يتم فيه توجيه التبرعات التي تم جمعها إلى "مشروع الـ 100 مكتبة"، وقد أتمت المدرسة بالفعل بناء 18 مكتبة حتى الآن، لكننا عازمون على المضي قدما حتى نستكمل بناء 100 مكتبة مدرسية".

شمل بناء المكتبات الـ(18)، مدارس حكومية في مدينة بهوبانشوار، منها أربع مكتبات في مدارس لذوي الاحتياجات الخاصة. على سبيل المثال، تم بناء مكتبة صغيرة في "مدرسة سري هارشا للصم" في عام 2013. ويستهدف "مشروع الـ 100 مكتبة"  بناء 4 – 5 مكتبات في عام 2017 وحده.

ويرى العديد من رموز المجتمع المحلي في مدينة بهوبانشوار أن اهتمام أطفال المدارس الميسورين بمساعدة أطفال المدارس الفقراء، على استكشاف متعة التعلم وسبر أغوار عالم الكتب، يمثل خطوة ملهمة في ميدان الريادة الاجتماعية، ويدعو إلى التفاؤل بشأن مستقبل التعليم في البلاد. 

المساهمون