مشكلات وتحديات التعليم الجامعي للاجئين

مشكلات وتحديات التعليم الجامعي للاجئين

04 ابريل 2017
التحدي الأكاديمي هو الأبرز بالنسبة للتعليم الجامعي للاجئين (Getty)
+ الخط -
منذ أن تم إعلان الأهداف التنموية للألفية الجديدة في عام 2000 والتي حوت على اهتمام أكبر بجانب التعليم المدرسي وما قبل الجامعي، وقد توجهت كثير من المجهودات الحكومية من ناحية ومن الهيئات والجهات الدولية من ناحية أخرى نحو التعليم الابتدائي بصورة أكبر. وكان الاهتمام بتعليم اللاجئين الجامعي في أغلب الأحيان في ذيل اهتمامات تلك الجهات والهيئات، حتي أعربت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عن قلقها حينما أعلنت عن أنه من بين كافة اللاجئين لا يلتحق سوى 1% بالتعليم الجامعي، وذلك وفقا لإحصاءاتها.


وقد صدر مؤخراً (في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2016) تقرير يعتبر الأشمل إلى الآن، من حيث تناوله بالبحث العلمي المتعمق تحليل البرامج التعليمية الموجهة للاجئين الشباب حول العالم من سن 18-30. التقرير الذي صدر عن مؤسسة jigsaw consult العاملة في مجال البحث العلمي الخاص بالبرامج الإنسانية والتنموية بالتعاون مع رابطة دعم اللاجئين ومقرها لندن. وسوف نعرض لأهم ما جاء في هذا التقرير فيما يلي:


اللاجئون بالأرقام
يوجد على مستوى العالم 65.3 مليون نازح تم إخراجهم من بيوتهم وبلادهم رغماً عنهم، ومن بينهم 21.3 مليون لاجئ (16.1 مسجلون لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين و5.2 ملايين مسجلون لدى الأنروا) أما الباقون وهم حوالى 44 مليوناً، فهم من حاصرتهم الظروف وظلوا بداخل بلدانهم نازحين يعانون الأمرّين، ولا يتعدى تعداد من حالفهم الحظ ووصلوا لإحدى الدول المتقدمة واستطاعوا أن يبدأوا مشوار "اللجوء"، سوى 3.2 ملايين.

وتحدد أحدث الإحصاءات رقم من استطاعوا إنهاء المرحلة الثانوية من هؤلاء اللاجئين بـ 7.2 ملايين، وإذا كان الرقم الذي أعلنته المفوضية صحيحاً (1% فقط يلتحق بالجامعة ) فهذا معناه أن 195 ألفاً فقط هم من التحقوا بالجامعة، ولكن الأبحاث العلمية والإحصاءات الموثوق بها شحيحة للغاية ولا تأخذ رغبة الشباب في الحسبان، فليس كل من أنهى المرحلة الثانوية يريد بالفعل الانخراط في التعليم العالي. وحتى ندرك نسبة الراغبين عالمياً (في الدول المستقرة) في الإلتحاق بالتعليم الجامعي (بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2015) فهي تصل إلى 41%، وفي الدول الهشة (مثل أفغانستان) تصل النسبة إلى 8.7%.


تعد سورية مثالاً صاخباً على شعب يعرف عنه حبه وتمسكه بالتعليم، حتى إن نسبة الملتحقين بالمراحل التعليمية المختلفة قبل الأزمة كانت تصل إلى ما فوق الـ95%، ومن ينخرطون في التعليم الجامعي في المدن تصل نسبتهم إلى 26% وفى الأرياف 16%، أما في سنة 2015 فقد وصلت النسبة إلى ما دون الـ 6% بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.


التحديات الأكاديمية
وفقا للتقرير فإن أوّل التحديات الخاصة بالتعليم الجامعي للاجئين يتعلق بالمستوى الأكاديمي، فعلى اللاجئ أن يكون لائقاً ومستعداً من الناحية الأكاديمية للدراسة الجامعية، لكن ومع الانقطاع المستمر أو الانقطاع لفترة مطولة عن التعليم قد يكون هذا الأمر غير متحقق.
ثاني أكبر تحد هو نقص المعلومات، وبصفة خاصة للاجئي المدن (عكس لاجئي المخيمات) الذين يتناثرون في الأحياء ويصعب على الجمعيات الأهلية والإغاثية التعرف إلى أماكنهم، ليس هناك وسائل كافية لتوصيل المعلومات حول الفرص والإمكانيات المتاحة، فليس هناك مثلاً مواقع تتحدث عن حقوقهم كلاجئين، إلا أن الأمر بدأ في التحسن في المرحلة الأخيرة مع ظهور عدد من المبادرات التى تركز على نشر المعلومات المهمة والمفيدة مثل موقع "جامعتي" التابع لليونسكو ومبادرة "فنار ميديا" لبناء قاعدة بيانات متكاملة للمبادرات والمشاريع التعليمية المتاحة.



التحدي الاقتصادي
ضعف الإمكانات المالية يعتبر تحديا كبيرا لأكثرية خريجي الثانوي من اللاجئين، وبحسب البحث، يستطيع بعض الشباب تخطي هذا التحدي عن طريق
1، الاعتماد على المساعدات التي يرسلها بعض الأقارب للأسرة

2، الانخراط في إحدى المبادرات الموجهة للاجئين والتي تراعي حالتهم الاقتصادية وبالتالي تقدم الخدمة التعليمية إما مجانا أو بمصروفات زهيدة
3، التفاوض مع الجهة المقدمة للخدمة التعليمية (الجامعة في بلد الاستضافة مثلا) لتخفيض المصروفات أو تقسيطها لأنه في كثير من الأحيان يتم التعامل مع اللاجئ معاملة الطالب الأجنبي ويطلب منه الدفع بالعملة الصعبة.
4، التوجه إلى إحدى الهيئات العاملة في المجال للتقدم للمنح التي تتاح كل فترة للاجئين.


المستندات واللغة
في كثير من الأحيان يكون عدم توفر الوثائق والمستندات المطلوبة للجامعة عائقاً لاستكمال عملية الالتحاق، وقد رصدت بعض المحاولات المستميتة التي قام بها عدد من الشباب للعودة إلى بلدانهم رغم الحرب الدائرة للحصول على الأوراق المطلوبة. وتقوم الآن الهيئات الدولية بالتفاوض مع الحكومات للتخفيف من المتطلبات الورقية والمستندية المطلوبة وللوصول لحلولأخرى.

ويرافق هذا العائق مشكلة اللغة حيث تتطلب الدراسة في جامعة بلد الاستضافة إجادة لغة هذا البلد، وهو أمر غير متوافر في كثير من الأحيان (مثل حالة السوريين اللاجئين إلى تركيا) ويحتاج لوقت وموارد مالية قبل تخطي هذا العائق. التحدي نفسه قائم أمام من يريد أن يتقدم لمنحة من تلك التي تتيح الدراسة في بلد من البلدان المتقدمة، فإجادة اللغة الإنكليزية كتابة وقراءة وتحدثاً شرط من الشروط الأساسية.



الأكثر تضرراً
بالرغم من أن كل التحديات السابقة تشمل كافة أنواع اللاجئين والنازحين على السواء وحتى
من كان محظوظاً منهم بالالتحاق بإحدى الدول المتقدمة، إلا أن الفئتين الأكثر تضرراً واللتين تواجهان تحديات أكبر هما: قاطنو المخيمات والنساء، فلاجئو المخيمات يتم تحديد حركتهم بصورة شبه كاملة ولا يستطيعون الخروج إلا لبعض الأمور الضرورية كما يحرم كثير منهم من حق العمل في البلد المستضيف، وبالتالي تحول أسوار المخيم بينهم وبين المؤسسات التعليمية المنتشرة في بلد الاستضافة ويحول ضعف الإمكانات الاقتصادية دون التفكير في الالتحاق بالبرامج الموجودة بالداخل التي تتطلب ربط بالإنترنت مثلا أو وجود حاسب آلي مع الطالب.

أما النساء، ففي ظروف اللجوء تتكالب عليهن المسؤوليات من رعاية الصغار إلى الخروج لملء جرار الماء إلى تولي أمور المنزل أثناء غياب الأم التي في أكثر الأحيان تضطر لترك صغارها لكسب لقمة العيش، ومع كل هذه المسؤوليات يصبح التفكير في استكمال مسيرة التعليم ضرباً من الأحلام.


المساهمون