"الإسلام الفرنسي"... محاولة لنفي الاتهام

"الإسلام الفرنسي"... محاولة لنفي الاتهام

11 ابريل 2017
عرب ومسلمو في ميزان الانتخابات (العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت الحملة الانتخابية الفرنسية عن مظاهر إضافية في استهداف الإسلام والمسلمين، وليس فقط مارين لوبان، وحدها وراء هذا الاستهداف، بل حتى مرشح اليمين الكلاسيكي، فرانسوا فيون، يعمل في هذا الصدد. فبَعد كتابه ذي العنوان المستفز: "التوتاليتارية الإسلامية"، لم يتردد في اقتراح "وضع الديانة الإسلامية تحت المراقبة الإدارية"، وهو ما قوبل برفض وانتقاد مختلف ممثلي الديانة الإسلامية في فرنسا.


وقد كشفت الحملة الانتخابية بالغة القسوة، عن كثير من عدم الفهم، وحتى الجهل، بهذه الديانة وأتباعها. وليس من النادر أن تسمع سياسيين فرنسيين يتنافسون في انتقاد ما يرون أنه سيطرة من السلفيين ومن الإخوان المسلمين على إسلام فرنسا. صحيح أن مانويل فالس، حين كان رئيسا للحكومة، لم يكن يتوقف عن ترديدها. ولكن الظروف الانتخابية تمنح لهذه الاتهامات المغرضة وقعا أكبر لدى الناخبين الفرنسيين.
وكثيراً ما يتم استهداف "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" (المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان طالبت، صراحة، بحلّها)، أحد مكونات الإسلام الفرنسي الأساسية، باعتباره الذراع الفرنسية لتنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما ينفيه مسؤولوه وقياديوه الذين يصرون على أنهم يمثلون "الإسلام الفرنسي"، بسبب تنظميه وإشرافه على العديد من المساجد وإدارة العديد من المدارس والثانويات وأيضا بسبب نجاحه في تنظيم لقاء سنوي لمسلمي فرنسا وأوروبا، يعرف نجاحا لم ينقطع منذ أكثر من 33 سنة، سيعقد اللقاء الرابع والثلاثون ما بين 14 و17 من هذا الشهر. وإن كان موقفه الرافض للتبعية للسلطات الفرنسية وراء هذا الموقف منها. علما أن هذا المكوّن غير ممثل في "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" في فرنسا، الذي يحظى بعلاقات مميزة مع السلطات الفرنسية.

وفي بادرة لتحسين صورته قرر "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" تغيير اسمه إلى "مسلمو فرنسا"، وهو ما يؤكده رئيسه عمار لصفر بالقول: "يُصرّون على ربطنا بالإخوان المسلمين، ولكنّ مدرسةَ تفكيرِنا هي إسلامُ فرنسا".
ويرى عمّار لصفر أن انعقاد هذا اللقاء السنوي في هذه الفترة، التي تسبق الانتخابات الرئاسية والتشريعية في فرنسا، فرصة لتنوير الزوار من الناخبين الفرنسيين. داعيا إلى الرد على مختلف مواقف المرشحين، من منطلق المُوَاطنَة.


والغريب أن السلطات الفرنسية التي تردد، ليل نهار، ضرورة بزوغ إسلام فرنسي، غير تابع لدول عربية وإسلامية، كالمغرب والجزائر وتركيا، لا تزال تستنجد بهذه الدول، من حيث تكوين الأئمة، كما أن مسجد باريس الكبير لا يزال يحظى بمحاباة السلطات الفرنسية. رغم أن اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا، كان سبّاقا إلى تأسيس "المجلس الأوروبي للفتوى والبحث"، سنة 1994، كما أن المساجد التابعة له لم تنتظر تعليمات وزارة الداخلية الفرنسية بإلقاء خطب الجمعة باللغة الفرنسية، فقد شرعت فيها قبل أكثر من عشرين سنة. كما أنها كانت رائدة في تأسيس "الفدرالية الوطنية للتعليم الإسلامي"، تعتبر ثانوية ابن رشد، في مدينة ليل، إحدى أهم نجاحاتها.

وإذا كانت الجالية العربية الإسلامية في فرنسا تنتظر، بصبر وشوق، التئام جميع ممثلي الإسلام الفرنسي، في هيئة ديمقراطية لا تُقصي أحدا، فإن صراع الحساسيات والأشخاص والتأثيرات الخارجية، سواء من دول عربية وإسلامية أو من وزارة الداخلية الفرنسية، لا يزال عائقا كبيرا. وهنا يلوم اتحاد المنظمات الإسلامية، الذي بدأ تقارباُ مع مسجد باريس، تبعية "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" في فرنسا للسلطات الفرنسية. وهو ما يتجلى في إطلاق "ميثاق الإمام"، الذي يقول عنه بأنه "وُلِد ميّتاً" بسبب عدم استشارة موسعة مع مختلف ممثلي الإسلام الفرنسي، ولأنه لا ينطبق على الأئمة الذين يأتون من بلدان عربية وإسلامية.

المساهمون