تطرف كندي

تطرف كندي

04 فبراير 2017
رفض رسمي وشعبي لاستهداف المسلمين (الأناضول)
+ الخط -
حادث إطلاق النار على مسجد ومركز إسلامي في مقاطعة كيبيك الكندية، التي يغلب على عربها الناطقون بالفرنسية من دول مغاربية، لم يمر داخلياً كحادث عادي.

ربط كثير من المراقبين داخل كندا بين أجواء مشحونة خلقتها حالة الجارة الولايات المتحدة مع قرارات متسارعة حول ما سمي "منع لمائة يوم" من دخول مواطنين مسلمين إلى البلاد، وما يشبه التحريض اليميني المتطرف والشعبوي المنتقل من القارة الأوروبية إلى الأميركية، وخصوصاً أنها تقوم على أساس ديني هذه المرة، نتج عنه حزم سريع في سياسة كندا على كل المستويات وصف العمل بما هو عليه " عمل إرهابي يقتل 6 مواطنين مسلمين ويصيب 8 منهم".



كندا التي تتكون من خليط من الشعوب، فكل 1 من 5 من الكنديين من أصل مهاجر، لا يمكن أن تسمح لبيئة تحريض ديني أو أن تعشعش جماعات تطرف مسلحة كما في الجارة أميركا، فقانون حمل السلاح ليس ليبراليا ومنفتحا بل هو متشدد فيه إلى أقصى الدرجات.

وحتى يفهم السياق العام لعدم تسامح السلطات الكندية، رغم كل محاولات اليمين بين فترة وأخرى الإطلالة برأسه، سارع رئيس الوزراء جاستن ترودو إلى التعبير عن حزنه وغضبه من استهداف مواطنين مسلمين واصفا الهجوم بالإرهابي.


الفرق واضح بين رد بعض الهجمات ضد مراكز إسلامية، أو مهاجرين ولاجئين، إلى "مختلين" أو وصفها بـ "حادث" في دول غربية أخرى لم يمر هكذا في كندا. فرئيس الوزراء توردو يدرك تركيبة مجتمعه، وهو منفتح ويعرف ما تعنيه أمركة خطاب الكراهية، لذا كتب بدون لبس عن حزن الكنديين "على ضحايا الهجوم الجبان". ومثله ذهب رئيس مقاطعة كيبيك فيليب كويلارد الذي أدان العمل "الإرهابي الوحشي" ووعد بزيادة الإجراءات الأمنية في المقاطعة.


اللغة التي استخدمها ساسة ومفكرو كندا وصحافتها ليست تعبيرًا آنيا بسبب "سخونة الحادث"، بل هو انعكاس صريح وواضح للفرق بين ثقافة الكنديين وثقافة اجتياح الشعبوية اليمينية في القارة العجوز والجارة الأميركية.


ويعتبر العرب المقيمون، سواء القادمون الجدد، حوالى 40 ألف لاجئ من سورية منذ 2015، أو المولودون في البلد، كندا بلدهم الذي يندمجون فيه في شتى نواحي الحياة.

عليه لن يمر العمل الإرهابي الذي استهدف مركزا إسلاميا مرور الكرام في قادم أيام كندا، كما مر هجوم قبل فترة على مركز إسلامي في زيورخ بسويسرا.


الأمر هنا يختلف تماما باختلاف الثقافة والسياسة وحتى الشعب الذي يعتبر مثل هذا الاستهداف تدميرا لثقافة التعايش الكندية، التي تعتبر تجربة فردية ومتميزة في نوعية الاندماج الأسهل بين المجتمعات الغربية. ولن يكون من السهل أن تتغلغل ثقافة الكراهية التي تتراكم في أميركا نحو كندا، وكلما كان عربها أكثر تفاعلا، كان تأثيرهم فاعلا ومرئيا في الحياة الكندية.

المساهمون