بأموال اليهود وعقول العرب

بأموال اليهود وعقول العرب

25 نوفمبر 2017
+ الخط -
هكذا نشر رئيس "الصندوق اليهودي" جيفري ستيرن، تغريدة له على "تويتر"، نقل فيها عن مسؤول الاستخبارات السعودي السابق تركي الفيصل قوله الساخر من عقول العرب "بأموال اليهود وعقول العرب كل شيء يمكن تحقيقه"، وهي مقولة صرّح بها الفيصل، العام الماضي، لدى لقائه الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور.
والذي يمكن تحقيقه أيضاً؛ مهد له تركي الفيصل في لقاءات عدة جمعته ووزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني وبمدير جهاز الموساد السابق، إفرايم هليفي، إضافة إلى إسرائيليين آخرين. لم تقتصر اللقاءات على حضور جلسات لمراكز استشرافية في نيويورك وواشنطن، إذ أوفدت الرياض الجنرال المتقاعد أنور عشقي إلى تل أبيب بالتزامن مع إطلاق وسم على وسائل التواصل الاجتماعي عنوانه "سعوديون مع التطبيع"، وهي الإفادة التي تلت قمة ترامب مع العالم الإسلامي في الرياض، ولطمأنة الإسرائيليين أكثر توجه ولي العهد الحالي (الملك المستقبلي) محمد بن سلمان سرا إلى الأراضي المحتلة، بحسب ما كشفت وسائل إعلام عبرية ونفته الرياض لاحقاً.
الاندفاع السعودي الرسمي نحو إقامة علاقات علنية مع إسرائيل من خلال التمهيد طوال شهور إلى أنها ليست العدو الذي يهدد الاستقرار في المنطقة، لم يكن مقنعاً ولا كافياً لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر أن المشكلة مع الشعوب العربية وليست الأنظمة، فبادرته الرياض بحملة على تويتر "الرياض أهم من القدس".
ويرى العهد السعودي الجديد أن في "علاقاته المميزة" مع الرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر (وإن ليست مع الإدارة الأميركية الحالية) وبوجود حلفاء إقليميين بشاطرونه رؤيته بشأن أهمية التحالف مع إسرائيل، وإن افترقوا في مسألة العداء مع إيران وتحديدا مصر، لصيغة معقولة تضمن غض الطرف الأميركي عن إجراءات قمعية يقوم بها بن سلمان للانفراد بالحكم دون عائلة آل سعود، كما وباستعداد الرياض لتطبيع شامل مع إسرائيل ضمن "صفقة هلامية" عن دولة فلسطينية، فإنه يأمل بدعم غربي، وليس صدفة تلميع صورته في حواره مع توماس فريدمان على صفحات نيويورك تايمز حين سماه الأخير ملك "الربيع السعودي".
في الخلاصة، تقود الرياض سياسة ربما هي الأخطر في تاريخ المنطقة المعاصر، وذلك على حساب الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، وعلى حساب أطراف عربية عدة، بل على حساب الشعب السعودي نفسه، ولن يؤدي هذا المسار إلا إلى مزيد من التنازلات اللانهائية أمام إسرائيل، كما لن يفضي إلا لمزيد من الاحتراب الطائفي مع إيران، التي تحقق مكاسب إقليمية وتتوسع في الميدان، فيما تكتفي الرياض بالصراخ.
وتصدق السخرية أخيرا، فبهذا العقل الذي يدير السياسة في الرياض سيكون كل شيء أمام إسرائيل ممكناً.