اليمن: "الشهادة" في جبهات القتال

اليمن: "الشهادة" في جبهات القتال

17 نوفمبر 2017
تجنيد الطلبة يتم دون علم الأهالي (Getty)
+ الخط -
ما تزال أصداء دعوة القيادي الحوثي ووزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثيين حسن زيد، بإيقاف العملية التعليمية في مدارس المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، وإرسال المعلمين والتلاميذ إلى جبهات القتال؛ تتردد في اليمن وتلاقي ردود أفعال واسعة تستنكر هذه الدعوة وترفض عسكرة المدارس ولاسيما أن هذه الدعوة لم تكن الوحيدة الصادرة من قيادي حوثي، بل هناك قيادات حوثية ما تزال تعمل هي الأخرى على حشد وإرسال الطلاب لجبهات القتال. فالقيادي الحوثي في محافظة المحويت زيد الشامي، وهو مدير مديرية حفاش المعين من قبل الحوثيين، حث طلاب مدرسة "الفتح" بالمحافظة الريفية على التوجه إلى جبهات القتال بدلاً عن مواصلة الدراسة.

وشدد الشامي على الطلاب، بحسب أولياء أمور، بالقول إن التعليم ليس مجزياً بقدر الذهاب إلى الجبهات، "بل إن الدراسة والتعليم في الجبهات والمتارس وليست في المدارس، الأمر الذي رفضه أهالي الطلاب والمدرسون".

وقبل أشهر في نفس المحافظة المحويت نفسها (غرب)، وعندما كان طلاب الشهادة الإعدادية والثانوية العامة يمتحنون في قاعات الإمتحان، قال القيادي الحوثي عبدالله القاسمي مخاطبا الطلاب إن "الشهادة الحقيقية في الجبهات وليست في المدارس". مشيرا إلى أن التعليم ليس مهما، ولكن المهم هو التوجه لجبهات القتال من أجل نيل الشهادة.




هذه الدعوات لاقت استهجانا ورفضا واسعا من قبل أولياء أمور وناشطين. من هؤلاء عمر السياغي الذي عبّر عن صدمته الناتجة عن الدعوات الحوثية وغير المتوقعة بحسب وصفه. يقول لـ "العربي الجديد": "ما يحدث جنون، كيف لي أن أطمئن على أولادي وأثق بالمدرسة وأنا أشاهد أمام عيني توجه الحوثيين لعسكرة المدارس والدفع بالطلاب لجبهات القتال"؟وأضاف أنه "حائر بين إرسال أولادي للمدرسة وأنا أعرف بأن الحوثيين سيسممون عقولهم ويدفعونهم لجبهات القتال، أو الإبقاء عليهم في المنزل فيحرمون من التعليم وفي نهاية المطاف سيتم استغلالهم في الحرب أيضا".


ولم يقتصر الأمر على ردود الفعل المحلية وحسب، بل تفاعلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية مع "تدوينة" الوزير الحوثي، وكتبت تقريرا بعنوان "وزير يمني: "أغلقوا المدارس وأرسلوا أبناءنا للحرب".


وبعد أقل من 24 ساعة على تصريح وزير في حكومة الانقلاب بصنعاء، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أن الطفل مكانه المدرسة وليس جبهة القتال فيما يبدو ردا على وزير الرياضة في حكومة حسن زيد.


إلى ذلك، أوضح أستاذ التربية الإسلامية في محافظة تعز (وسط) عبدالله الشرعبي أن مثل هذه الدعوات ليست مفاجئة لكل من يعرف تاريخ الجماعات المسلحة سواء القاعدة أوالحوثي. وقال الشرعبي لـ "العربي الجديد" إن هذه الجماعات كانت تمارس عملية تجنيد الأطفال بالخفاء وعبر وسائل تقليدية غير ظاهرة للناس، "لكن جماعة الحوثي باتت اليوم تقوم بعملية تجنيد الأطفال في المدارس الحكومية وتنشئ جيوشا من الأطفال في اليمن". مشيرا إلى أنها تتعامل مع طلاب المدارس كمخزون استراتيجي للقوى البشرية التي يتم تسخيرها كرافد للحروب التي تخوضها بين الفترة والأخرى في أكثر من مكان.


وأضاف الشرعبي: "تجد جماعة الحوثي مبررات وطرقا كثيرة ومختلفة لإقناع الأطفال واليافعين بالمشاركة في المواجهات المسلحة، ولهذا يذهب كثير منهم دون أن يعرف أهاليهم". لافتا إلى أنه يعرف كثير من الأسر التي أخذ ابناؤهم لجبهات القتال دون أن يعلموا.
وكانت اليمن قد أحرزت تقدما كبيرا في مواجهة ظاهرة تجنيد الأطفال، بعدما أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، قراراً جمهورياً يقضى بعدم تجنيد الأطفال دون 18 عاما في الجيش أو الأمن، ووجه كل الجهات العسكرية والأمنية بعدم تجنيد الأطفال.


وبحسب منظمة "صح" لحقوق الإنسان في عدن، فإن جماعة الحوثي جندت حوالي 10 آلاف طفل خلال الفترة من سبتمبر 2014 حتى سبتمبر/أيلول 2017.



المساهمون