خمس استراتيجيات كي لا تنسى ما تذاكره

خمس استراتيجيات كي لا تنسى ما تذاكره

22 أكتوبر 2017
ننسى 75% مما تعلمناه في أسبوع واحد (Getty)
+ الخط -
النسيان هو ذلك العدو اللدود الذي يواجه الطلاب دائما بعد استذكار دروسهم؛ إذ يواجه معظم الطلاب تقريبا مشكلة نسيان ما يحصلونه من دروس ومعارف مختلفة، وعدم القدرة على تذكّرها.

ويحاول العديد من المعلمين وأولياء الأمور بذل أقصى جهدهم لمساعدة طلبتهم على تذكّر ما يذاكرونه لأطول فترة ممكنة وعدم نسيانه، متبعين طرائق عديدة قد تصيب أحيانا وتخطئ مرات.

في هذا المقال، نحاول البحث والتقصي بشكل علمي كي نعرف لماذا ينسى الطلبة بالأساس؟ وما يمكن للمعلمين وأولياء الأمور أن يفعلوه لكي يتجنب طلابهم وأبناؤهم النسيان.

لماذا ينسى الطلاب؟

يتعامل الجميع مع النسيان على أنه مشكلة، إلا أنه في حقيقة الأمر أمر طبيعي للغاية، حيث أثبتت أحدث الأبحاث في مجال علوم الأعصاب أن عقول البشر مجبولة على النسيان بطبيعتها. إذ توضح ورقة بحثية نشرها العالمان بلايك ريتشارد وباول فرانكلاند في دورية "نيورون" أن النسيان ليس تلاشي أو فقد المعلومات رغم محاولة حفظها وتذكّرها كما هو شائع، بل هو عملية تنظيمية يقوم بها المخ للمساعدة على اتخاذ القرارات بشكل صحيح عن طريق حذف المعلومات التي ليست لها أولوية في عملية البقاء والحفاظ على النوع. بعبارة أخرى، النسيان ميزة تطورية وليس فشلا في الذاكرة!

لذا، فإنه من الطبيعي للغاية أن ينسى الطلاب ما يتعلمونه أو يستذكرونه. كما تشير أبحاث أخرى إلى أن عملية النسيان تبدأ تقريبا في نفس الوقت الذي نتعلم فيه شيئا جديدا ونحاول أن نتذكره. وتشير بعض التجارب إلى أن الإنسان ينسى قرابة 56% من المعلومات الجديدة التي يتعلمها خلال ساعة واحدة فقط، وينسى 66% منها خلال يوم، وتفقد ذاكرته 75% منها بعد 6 أيام. أي أننا ننسى ثلاثة أرباع المعلومات الجديدة التي نتعلمها خلال أسبوع تقريبا!


كيف نساعد الطلاب على عدم نسيان ما استذكروه؟

للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نعرف في البداية كيف يتم تخزين المعلومات داخل الذاكرة. يعتقد البعض أن الذاكرة أشبه بالمكتبة، حيث تتراص فيها المعلومات كما الكتب على الرفوف، بحيث يمكن الرجوع إليها عند الحاجة. إلا أنه في حقيقة الأمر، فإن الذاكرة أشبه بشباك العنكبوت، حيث تخزن المعارف التي نتعلمها في صورة شبكات من المعلومات المرتبطة ببعضها البعض عبر ملايين الخلايا العصبية المتشابكة بالمخ.

وتوضح الأبحاث التي أجراها العالم ريتشارد تشو ونشرت نتائجها في دورية "نيورون"، أن المعلومات التي يتم استخدامها باستمرار تقوّي من ترابط وتشابك الخلايا العصبية الخاصة بالشبكة الحاملة لتلك المعلومات، بينما المعلومات التي لا يتم استخدامها فإنها تضعف من ترابط وتشابك الخلايا العصبية الخاصة بالشبكة الحاملة لتلك المعلومات. الأمر الذي يفسر تذكّر بعض المعلومات التي نستخدمها باستمرار ونسيان التي لا نستخدمها.


بناء على ما سبق، فإن أفضل طريقة لتذكر المعلومات الجديدة التي نتعلمها هو أن نربطها بمعلومات ومفاهيم قديمة، كي تدخل في شبكات المعلومات الموجودة بالذاكرة، بجانب استخدامها بشكل متكرر مع مرور الوقت، كي يتم تقوية ترابط الخلايا العصبية الخاصة بشبكة المعلومات تلك. لتحقيق ذلك، فإن هناك خمس استراتيجيات مثبتة علميا يمكن اتباعها.

1- استخدام الصور والنصوص سويا:

التعرض للمعلومات الجديدة بصور مختلفة يجعل تذكّرها أمرا سهلا. فالتعرض لنفس المعلومة في صورة مكتوبة على شكل نص، بالإضافة إلى صورة مرئية على شكل صورة أو خريطة أو رسم تخطيطي يساعد على تنظيم المعلومات داخل المخ. الأمر الذي يجعل تذكر تلك المعلومة واسترجاعها من الذاكرة أسهل بكثير، مقارنة بالتعرض لها بصورة واحدة فقط، سواء كانت مكتوبة أو مرئية.

2- الرجوع المتكرر لما سبق دراسته:

يجب على المعلمين والمعلمات دائما الرجوع والإشارة إلى ما سبق دراسته أو شرحه خلال الأسابيع السابقة. فبدلا من شرح موضوع بعينه والانتهاء منه تماما وعدم العودة إليه، يقوم المعلمون بربط المعلومات الجديدة بالقديمة التي تمت دراستها خلال الحصص الدراسية السابقة. الأمر الذي يحفز الأداء الأكاديمي للطلاب من خلال مساعدتهم على التذكر وعدم النسيان.

 



3- شرح الطلاب لأقرانهم:

يقوم الطلبة بشرح ما يتعلمونه لأقرانهم من الطلاب. فقد وُجد أن عملية الشرح التي يقوم بها الطلاب لزملائهم تقوم بتنشيط ذاكرتهم بسبب إعادة استخدام المعلومات التي استذكروها من قبل، مما يقوي من ترابط وتشابك الخلايا العصبية الحاملة لشبكات تلك المعلومات. بالإضافة إلى هذا، فإن تلك الاستراتيجية تحفز عملية تعلم النشط الإيجابي أيضا.



4- إجراء اختبارات صغيرة بصورة متكررة:

يقوم المعلمون بعقد اختبارات وامتحانات لطلابهم بشكل متكرر. لكن يشترط في تلك الاختبارات أن تكون بسيطة وبدرجات قليلة كي لا تخلق ضغطا عصبيا للطلبة، حيث إن الاختبارات المتكررة تحفز الطلاب على مراجعة ما استذكروه بشكل مستمر، مما يعزز تذكرهم للمعلومات التي يحصلونها وعدم نسيانها.

5- مزج أنواع مختلفة من الأسئلة والمسائل:

يفضل أن يتم مزج أنواع مختلفة من الأسئلة والمسائل سويا، بدلا من تجميع الأسئلة والمسائل المتشابهة في طريقة الحل سويا. حيث إن عملية إجابة سؤال أو حل مسألة بواسطة الطالب تتضمن أن يقوم الطالب بالتفكير لاختيار الطريقة التي سيجيب بها. لذا، فإن تجميع الأسئلة والمسائل المتشابهة سويا يجعل الطالب يفكر مرة واحدة في طريقة الإجابة، ثم يقوم بتكرارها بشكل تلقائي من دون تفكير، بينما مزج أسئلة ومسائل مختلفة يضمن أن يقوم الطالب بالتفكير لإجابة كل منهم على حدة، مما يزيد من استخدام المعلومات التي استذكرها ويحفز من تذكرها.



المساهمون