جامعة كندية تقود ثورة التغيير في التعليم

جامعة كندية تقود ثورة التغيير في التعليم

05 يناير 2017
التفكير بشكل منطقي من أهم مهارات خريجي المستقبل(Getty)
+ الخط -
كيف يمكن بناء جامعة تؤهل طلابها لعالم القرن الحادي والعشرين، حيث تحولت البشرية - في ظل العولمة - إلى قرية صغيرة تواجه تحديات هائلة تتطلب حلولا مبدعة تتضافر فيها جهود كافة مجالات المعرفة البشرية. 
هذا هو السؤال الذي طرحه مؤسسو جامعة "كويست"، بقيادة "دافيد سترانجواي" أحد القامات الهائلة في مجال التعليم الجامعي بكندا والرئيس الأسبق لجامعة "بريتيش كولومبيا" الكندية. وفقا لسترانجواي، فإن خريجي الجامعة في القرن الجديد ينبغي أن يمتلكوا معرفة واسعة عبر الإلمام بمبادئ العديد من المجالات، بجانب معرفة متخصصة ومتعمقة في مجال بعينه.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يمتلك أولئك الخريجون المهارات اللازمة للتواصل الفعال والتفكير بشكل منطقي والعمل الجماعي. الأمر الذي سيمكن خريجي الجامعة من التعامل مع مشاكل عصرنا الحالي- على الصعيدين المحلي والعالمي- بطريقة أكثر تكاملا وشمولا لمختلف المجالات. لكن كيف يمكن القيام بهذا؟ هذا ما تحاول جامعة "كويست" تحقيقه عبر عدد من الأفكار الثورية في التعليم الجامعي. 

برنامج دراسي واحد فقط في الجامعة

بعكس كافة الجامعات التي تمتلك البرامج الدراسية العديدة وتمنح الشهادات في المجالات والتخصصات المختلفة، تمتلك جامعة "كويست" برنامجا دراسيا واحدا فقط لكافة طلابها هو "بكالوريوس الآداب والعلوم". تستغرق الدراسة في هذا البرنامج الفريد من نوعه أربعة أعوام تنقسم إلى مرحلتين رئيسيتين: مرحلة التأسيس ومرحلة التركيز.

المرحلة الأولى تستغرق عامين وتهدف إلى تأسيس الطالب في العديد من مجالات المعرفة البشرية، حيث يقوم الطالب بدراسة 16 مادة دراسية في خمسة مجالات أساسية تضم الإنسانيات وعلوم الحياة والعلوم الفيزيائية والرياضيات والعلوم الاجتماعية.

وفي نهاية مرحلة التأسيس يقوم الطالب- بمساعدة أساتذته- بالبحث عن سؤال يسعى إلى إيجاد إجابة له عبر مزيد من الدراسة والبحث والتقصّي، ووفقا لذلك السؤال يتحدد مسار المرحلة التالية من البرنامج الدراسي. المرحلة الثانية تستغرق عامين، يقوم الطالب فيهما بالتركيز على إجابة سؤاله المطروح، وذلك من خلال دراسة مواد دراسية إضافية بالإضافة إلى تنفيذ مشروع نهائي للتخرج.

نظام القوالب
في كل فصل دراسي يقوم الطالب بدراسة أربع مواد دراسية، لكن بدلا من أن يقوم الطالب بدراسة تلك المواد معا بشكل متواز يقوم بدراستها على حدة بشكل متوال، فيما يعرف باسم نظام القوالب. حيث يقوم الطالب بدراسة مادة دراسية واحدة فقط لمدة ثلاثة أسابيع ونصف الأسبوع، وبعد الانتهاء من تلك المادة يبدأ في دراسة مادة أخرى بشكل منفرد... وهكذا.

وفي خلال تلك الأسابيع يحضر الطالب بشكل يومي حصة دراسية تقدر بثلاث ساعات، بالإضافة إلى خمس ساعات أخرى يتعلم فيها خارج قاعات الدرس عبر القراءة والبحث والمناقشات الجماعية والكتابة. يوفر نظام القوالب للطالب فرصة التعلم بشكل أفضل، عبر إتاحة التركيز الكامل خلال فترة تقارب شهر على مادة دراسية واحدة، من دون الانشغال بدراسة مواد أخرى أو المواءمة بين المواد الدراسية على حساب الانخراط في التعلم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع الحصص الدراسية في الجامعة ليست في صورة محاضرات تكتظ بمئات الطلاب كالجامعات التقليدية، بل في صورة حلقات دراسية لا يتجاوز عدد الطلبة فيها عشرين طالبا. وخلال تلك الحلقات الدراسية يقوم الأستاذ الجامعي بإدارة نقاش حول موضوع بعينه أو طرح سؤال يدعو إلى التفكر والتأمل. مما يسمح للطلاب المشاركة والانخراط بشكل أفضل في العملية التعليمية، بجانب المزيد من التفاعل البناء بين الأساتذة والطلبة. الأمر الذي يشجع التواصل والتعاون بين الطلبة ويكسبهم مهارات البحث العلمي والعمل الجماعي وحل المشكلات، مما يثري التجربة التعليمية التي تتميز بها الجامعة. 


ماذا بعد؟
افتتحت جامعة "كويست" أبوابها في عام 2007 باستقبال 70 طالبا فقط للدراسة برحابها، وبعد تسعة أعوام أصبح عدد طلاب الجامعة 700 طالب. وبرغم قلة عدد المتخرجين من الجامعة حتى وقتنا الحالي، إلا أنهم تمكنوا من الالتحاق بالعديد من الوظائف المرموقة، منافسين بذلك خريجي جامعات القمة في كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية. حيث أن بكالوريوس الآداب والعلوم الذي تمنحه الجامعة يمزج بين تنمية المعرفة العلمية وتطوير القدرات العقلية للمتعلمين في نظام شامل متكامل. وأخيرا فإن ثورة التغيير التي تقودها جامعة "كويست" من شأنها أن توفر الفرصة للأجيال القادمة في تعليم جامعي يواكب المستقبل ويتحرر من أغلال الماضي لغد أفضل للبشرية جمعاء. 

المساهمون