صبري صيدم: مؤتمر "فتح" ردع المتجاوزين على القيادة الفلسطينية

صبري صيدم: مؤتمر "فتح" ردع المتجاوزين على القيادة الفلسطينية

18 ديسمبر 2016
+ الخط -
مع ختام انعقاد مؤتمر حركة "فتح" السابع في رام الله، توجهت "العربي الجديد" بالأسئلة إلى عضو المجلس الثوري الأسبق، قائد القوات اللبنانية الفلسطينية المشتركة بمنطقة مارون الراس في حرب الليطاني 1978، معين الطاهر، للوقوف على امخرجات المؤتمر ومستقبل فتح والقيادة.


*كيف ترى نتائج مؤتمر "فتح"؟

يمكن القول إن النتائج التي خرج بها المؤتمر السابع نجحت في لم شمل حركة فتح، ووضعت النقاط على الحروف فيما يتعلق ببعض القضايا المصيرية، وأكدت على البعد الديمقراطي التجديدي في الحركة، بالإضافة إلى أن المؤتمر كان بمثابة تأكيد لكل أبناء حركة فتح بأن عقد المؤتمر لم يكن بعيد المنال، وأن دورية المؤتمرات هي جزء من العملية الديمقراطية الصحية، لا سيما أن كثيرا من الأحزاب والفصائل الفلسطينية لم تعقد مؤتمراتها منذ زمن طويل، ونأمل أن يؤدي المؤتمر ومخرجاته إلى تغييرات جذرية ونوعية يتطلع لها الكادر الفتحاوي.

*هل ترى أن المؤتمر مثّل نهاية لفتح كحركة ثورية؟

أبداً على الإطلاق، وعلى العكس تماما، مع انعقاد المؤتمر سقطت الكثير من الرهانات أو الترهات التي زعمت أن حركة فتح ستُسقط خلال المؤتمر السابع خياراتها التحررية، وستتخلى عن ثوابتها الوطنية، وقد فندت المخرجات السياسية التي تمخض عنها المؤتمر هذه المزاعم. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن، حتى الغاضبين من أداء حركة فتح، يطالبون بأن تكون فتح أفضل، أن تكون أكثر حضوراً وإقداماً، حركة تستطيع إحياء أمجاد الماضي، حركة ديناميكية، قادرة على استيعاب المتغيرات، وهي الحركة التي نجحت بالحفاظ على النسيج النضالي في ظل حالة الاضطراب الإقليمي، وحالة التشكيك الداخلي، لا سيما في جدوى عملية السلام، وإذا ما كانت هذه العملية أفضت بالفعل إلى نتائج أم أنها فشلت في تحقيق المطالب الفلسطينية.

*لماذا برأيك تم تحديد حجم المشاركة في المؤتمر بهذه الطريقة؟

لم تكن تجرية المؤتمر السادس، الذي حضره عدد كبير من الأعضاء، تجربة سهلة، حيث لم يساعد العدد الكبير للحضور على إدارة جدول أعمال المؤتمر بشكل جيد. وهو ما دفع المؤتمر السابق إلى إحالة النظام الداخلي للحركة إلى المجلس الثوري السابق، الذي وضع معايير جديدة قلصت عدد أعضاء المؤتمر العام. وأعتقد أن تقليص عدد الأعضاء في المؤتمر كان إيجابياً من حيث سلاسة النقاشات وإدارة المؤتمر.

*ما رأيك بالاتهامات للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه أراد تحجيم "فتح"؟

لو كان الرئيس أبو مازن يسعى بالفعل إلى تحجيم الحركة، لما كان دعا إلى عقد المؤتمر، وربما لجأ إلى إجراءات أخرى لتفصيل الحركة على مزاجه، وطبقا لرؤيته، ولكن ما حصل هو العكس تماماً حيث رأى الرئيس ضرورة عقد المؤتمر لتجديد الشرعيات، والتأكيد على حيوية العملية الديمقراطية، وحتى يلملم أطراف حركة فتح، ويكون للكادر الفتحاوي الحضور المطلوب. وبغض النظر عن الآراء التي تتفق مع رؤية الرئيس أبو مازن أو تختلف معها، أرى أن عقد المؤتمر ساهم في إنعاش الحركة، لا سيما أن البعض زعم أن الحركة دخلت في غرفة "العناية المركزة".

*هل تعتقد أن انشقاقات قد تحدث في الحركة بعد هذا المؤتمر؟

أبدا، ربما كنت سأخاف على مصير الحركة لو لم يُعقد المؤتمر، فعقد المؤتمر وضع النقاط على الحروف، وشكل حالة جديدة، بالتالي الناس تنتظر ما سيأتي بعد المؤتمر، والكادر سيحاسب القيادة على نتائج المؤتمر، وليس على خلفيات عقده.

*هل تحولت "فتح" إلى حزب للسلطة؟

أي فصيل أو حزب أو جبهة تشكل سلطة أو كيانا على طريق التحرر وبناء الدولة يُنظر لها بأنها حزب السلطة. فتح شكلت السلطة مع الفصائل الأخرى، وأدارت العملية التفاوضية، وهي التي حملت هموم الفصائل الفلسطينية، وإذا كان البعض ينظر إلى فتح من منظور آخر، فمرد ذلك إلى حجم حركة فتح وحضورها وطبيعتها كتنظيم شعبي غير إيديولوجي. حركة فتح ليست طارئة، وإنما هي رائدة في مسيرة التحرر الوطني، وكل هذه يعطي فتح مكانة متميزة لحماية المشروع الوطني. لا يشغلني شخصيا موضوع تحول حركة فتح إلى "حزب السلطة" أو غير ذلك، ما يشغلني ويهمني هو أداء حركة فتح في المستقبل، والتزامها بالثوابت الوطنية، والتزامها بمسيرة التحرير.

*هل انتخابات اللجنة المركز للحركة تمهد لمرحلة ما بعد عباس؟

من الطبيعي طرح مثل هذه السؤال عبر مسيرة كل الأحزاب والحركات السياسية، وغالباً ما يطرح السؤال حول خلافة القائد أو التجديد له، قبيل عقد المؤتمر العام لأي تنظيم سياسي في أي مكان من العالم. وطالما أننا رسخنا تقاليد العملية الديمقراطية، ورسخنا مبدأ دورية انعقاد المؤتمرات، لن يُخشى على مستقبل حركة فتح في المستقبل. ومن يفهم أن دور المؤتمر مقتصر على تحديد من يخلف من، لديه مفهوم خاطئ، لأن الهدف من المؤتمر هو التأكيد على تجديد الحركة، والحفاظ على حيوية الحركة، وإبراز وحدتها، والتأكيد على ضرورة انتظام انعقاد المؤتمر العام التزاما بمقتضيات النظام الداخلي.

*هل حقق المؤتمر هدفه من تجاوز المنشقين عن الحركة؟

المؤتمر ضمد الكثير من الجراح، وأجاب عن الكثير من الأسئلة، وأستبعد أن أرى أي محاولات انشقاق، مع قناعتي بأن هناك من يريد تعكير صفو الاجواء، وسيحاول هنا أو هناك، ولكن صلابة حركة فتح والتفاف الجماهير حولها سيُفشل هذه المحاولات. وقد رأينا بعض المحاولات الصغيرة، ولكن نحن على يقين بأن الأحزاب والحركات الأصيلة هي القادرة على البقاء وتجاوز كل المحن.

*هل شكلت نتائج المؤتمر رسالة واضحة للدول العربية والغرب بشأن تكريس سيطرة الجهة التي تملك القرار الفلسطيني؟

نعم، بكل صراحة نعم، نتائج المؤتمر شكلت حالة ردع لأي فكر يسعى لتجاوز القيادة الفلسطينية، أو أي محاولات لتجاوز دور حركة فتح في صناعة القرار الفلسطيني، أو أي محاولات لمصادرة استقلالية القرار الفلسطيني. هذا لا يعني أن علاقتنا ستكون متوترة مع أي من الأشقاء أو الأصدقاء، نحن نسعى دائما إلى استيعاب الجميع، وإقامة علاقات متوازنة وصحية مع الجميع.

(العربي الجديد)

المساهمون