ليبيات يراهنّ على ملتقى الحوار السياسي

ليبيات يراهنّ على ملتقى الحوار السياسي

12 نوفمبر 2020
مشاركتان في ملتقى الحوار السياسي الليبي (ياسين قائدي/ الأناضول)
+ الخط -

تراهن ناشطات ليبيات على ممثلاتهن في ملتقى الحوار السياسي، الذي انطلق في تونس، الإثنين الماضي، ويستمر حتى السبت، للمطالبة بحقوقهن، لا سيما في مسألة تهميش الدور المجتمعي للمرأة

تقدمت 120 امرأة ليبية، يمثلن مختلف الشرائح المجتمعية الليبية، بمقترحات للأمم المتحدة، خلال لقائهن بموظفي البعثة الأممية في ليبيا، نهاية الشهر الماضي، قبل أن تعلن البعثة عن جملة من توصيات قطاع النساء لرفعها لاجتماعات ملتقى الحوار السياسي المعقودة في تونس، بشأن ضرورة مشاركة المرأة في المرحلة المقبلة.

تقول عزة الفرجاني، المشاركة في ذلك اللقاء، إنّ هذا العدد من النساء تضمن أكاديميات وناشطات مدنيات وحقوقيات، حرصن على تمثيل عادل لنساء الأقليات الثقافية، من الأمازيغ والتبو والطوارق. وتعبر الفرجاني عن أملها الكبير في أن تكون التوصيات المرفوعة للملتقى "بارقة أمل تمكّن المرأة من اختراق جدار التهميش" الذي طاولها لعقود، متحدثة عن اعتراف مجتمعي ودولي بدور المرأة في مجالات المصالحة الوطنية، وتولي العديد من المناصب في القطاعات الحكومية والخدمية بعد التراجع الكبير لدور الرجل الرسمي، خصوصاً في قطاعات مهمة، كالتعليم الذي تشغله المرأة بنسبة كبيرة جداً.
تتحدث الفرجاني لـ"العربي الجديد"، عن ظلم كبير لحقوق المرأة، موضحة أنّ "الحرب قتلت وغيبت وهجرت نسبة كبيرة من الرجال، فشغلت النساء الفراغ، وبالرغم من ذلك فلا حقوق لهن ولا قانون يشرعن مطالبهن".
تبدو تلك المطالب واضحة من خلال بيان البعثة الأممية، الذي ذكر من بين توصيات النساء ضرورة إشراك "متخصصات متمكنات ومستقلات" بمن فيهن "الفئات المهمشة من المهجرات، وذوات الإعاقة، والأقليات اللغوية" بل "إدماج المرأة في المسارين الأمني والعسكري". وتؤكد الفرجاني، الناشطة في المجال الخيري، على تجاوب البعثة الأممية بشكل كبير مع مطالبة شريحة النساء بإنشاء مجلس أعلى للمرأة كهيئة مستقلة تشارك في مختلف قطاعات السياسة والأمن والحقوق، وإدراج الشابات لضمان تمثيل الجيل الجديد من النساء في عمليات صنع القرار في مسائل تصميم السياسات والحوكمة المستقبلية.
وبينما تؤكد الفرجاني على أنّ نسبة مشاركة الشابات في لقاءاتهن مع موظفي الأمم المتحدة بلغت النصف، ترى المحامية صالحة بن عثمان من جانبها أنّ الاستجابة لمطالب المرأة إن تحقق نصفها ستمثل اختراقاً كبيراً في جدار ملف أوضاع المرأة في ليبيا. وبالرغم من الألم، تتحدث بن عثمان باعتزاز عمن وصفتهن بـ"شهيدات" البلاد، وتقول: "لا أعتقد أنّ بلداً شهد نزاعاً مثل ليبيا، وبرزت فيه أصوات نسائية مثل صوت عضو مجلس النواب سهام سرقيوة، مغيبة المصير حتى الآن، ولا المدافعة عن حقوق المرأة المحامية سلوى أبوقعيقيص، التي اغتيلت في بيتها". تتابع في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "مطالب إنصاف المرأة شملت أيضاً ضرورة الكشف عن مصير المغيبات في السجون واللواتي تعرضن للاغتيال"، معتبرة أنّ قانون إنشاء هيئة مستقلة للمرأة سيمكّنها من حماية حقوقها. وعن أسباب تفاؤلها بتجاوب المشاركين في الملتقى السياسي بتونس، تعتبر أنّ خطوة لجوء المرأة لإيصال صوتها عبر منظمات دولية ومنها الأمم المتحدة، ستمكّنها من فرض وجودها، مضيفة أنّ "المتنفذين في المشهد غالباً ما يولون أيّ طرف خارجي وإن كان منظمة دولية أهمية كبيرة".
ووفق إحصاءات ليبية رسمية وبيانات للبنك الدولي، فإنّ نسبة النساء الليبيات العاملات في القطاع الحكومي تصل إلى 36  في المائة من مجمل العاملين الكلي، بينما يعملن في القطاع الخاص بنسبة لا تتجاوز 6 في المائة. لكنّها إحصاءات غير دقيقة عن مشاركة المرأة، بحسب الفرجاني، فهي تتحدث عن النشاطات الاقتصادية في القطاع الخاص ولا تشمل عمل النساء في المنظمات المدنية وعملهن المستقل كناشطات وحقوقيات وسيدات أعمال.
وفي مؤشر جديد إلى التقدم في أوضاع المرأة، أعلنت منظمات محلية ودولية عن ترحيبها بإنشاء محكمتين، في طرابلس وبنغازي، للنظر في قضايا العنف ضد المرأة والطفل. وبحسب قرار مجلس القضاء الأعلى في ليبيا، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فقد جرى تعيين خمس قاضيات ليبيات للعمل في المحكمتين. واعتبرتها الأمم المتحدة خطوة "نحو تعزيز حقوق المرأة والطفل في ليبيا"، معبرة عن تفاؤلها بتحسن أوضاع النساء.

المرأة
التحديثات الحية

لكنّ بن عثمان المتفائلة بالقرار، ترى أنّها خطوة يجب أن تتبعها خطوات لمراجعة أسباب عدم فاعلية التشريعات الليبية في تحسين أوضاع المرأة كقوة فاعلة في المجتمع، مشيرة إلى أنّها تنسق باستمرار مع عدد من الناشطات الحقوقيات لتأسيس جسم يحمل الصفة الحقوقية والمدنية، يدفع بالمرأة إلى واجهة المشهد، بهدف إرغام الرأي العام على الاعتراف بمشاركتها الواسعة في مجالات حكومية وخاصة، ما يعزز دورها. لكنّ المحامية تؤكد، في الوقت عينه، أنّ شرائح واسعة من الليبيات تعوّل على المشاركات في ملتقى الحوار السياسي لانتزاع حقوق المرأة في المشاركة الفاعلة في صنع القرار في المشهد المقبل، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة اعترفت بضرورة التمثيل الواسع للمرأة في الحوار عندما اختارت 17 امرأة ضمن قائمة المشاركين في الملتقى كممثلات لشرائح نسائية واسعة من المجتمع الليبي.

المساهمون