المرأة الأردنية.. معاناة من التهميش السياسي

المرأة الأردنية.. معاناة من التهميش السياسي

29 يوليو 2022
جمعت المرشّحات الأردنيات 74 ألف صوت فقط في الانتخابات النيابية (محمد صلاح الدين/ الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من التشريعات والسياسات والتدابير المتّخذة الهادفة إلى تمكين المرأة الأردنية سياسياً، فإنّ مشاركتها في السياسة تبقى ضعيفة وهامشية، إذ تضمّ الحكومة الحالية وزيرتَين فقط فيما تمثّل النساء 12.4% من مجلس النواب، إلى جانب انخفاض نسبة تمثيل النساء في مجلس الأعيان أخيراً إلى 10.8% بعد أن كانت 15.4% في عام 2020.

وفي محاولة جديدة في إطار دفع المرأة إلى المشاركة في العمل السياسي، عقدت اللجنة الوزارية لتمكين المرأة في الأردن، اليوم الجمعة، المؤتمر الإقليمي "المرأة في الأحزاب السياسية في المنطقة العربية" بالشراكة والتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبمشاركة وزراء ونواب وأعيان وناشطين سياسيين وعدد من البرلمانيات والسياسيات من دول عربية.

ويأتي المؤتمر، وفق ما أعلنت الحكومة الأردنية، في إطار الجهود التي تبذلها لتمكين المرأة بهدف تعزيز مشاركتها في الحياة السياسية، لا سيّما بعد التعديلات التي أُقرّت على قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخاب والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما، بما ينعكس على تمثيل نسائي أكبر في البرلمان في الدورات المقبلة.

وقال النائب الأوّل لرئيس مجلس الأعيان، رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية المنتهية أعمالها، رئيس الوزراء الأسبق، سمير الرفاعي، إنّه يتوجّب الاعتراف بأنّ المرأة تعاني من تحديات جسيمة في الواقع الاقتصادي كما السياسي، ومن قلّة النساء اللواتي يشغلنَ مراكز قيادية في الحياة السياسية والاقتصادية.

وأوضح الرفاعي أنّ ثمّة تهميشاً كبيراً للمرأة، علماً أنّ "المرأة لا تدعم المرأة في معظم الأحيان، وهو من أكبر التحديات، إذ حصلت جميع النساء على 74 ألف صوت في الانتخابات النيابية الأردنية في عام 2020، وهذا مؤشر إلى أنّ 50% من المجتمع حصل على أقلّ من 6% من الأصوات". وشدّد على أنّ "الأهم في قانون الأحزاب الجديد ليس شرط أن يكون 20% من الأعضاء نساءً، بل يجب أن تدرك الأحزاب أنّهنّ لسنَ تكملة عدد للحصول على ترخيص". 

من جهتها، قالت وزيرة الثقافة هيفاء النجار إنّ تحديث المنظومة السياسية وما انبثق عنها من تعديلات على قانونَي الانتخاب والأحزاب السياسية والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما، سوف يعزّزان تمثيل المرأة في الأحزاب، مشدّدة على العمل بشراكة مع الرجال والمجتمع المدني والبرلمانيات العرب لتعزيز مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية.

في الإطار نفسه، رأت وزيرة الدولة للشؤون القانونية ورئيسة اللجنة الوزارية لتمكين المرأة وفاء بني مصطفى أنّ هذا المؤتمر يُعَدّ جزءاً من خطة عمل الحكومة لمتابعة تنفيذ مخرجات التحديث السياسي، مقترحة عدداً من التوصيات لتعزيز الدور القيادي للمرأة؛ لعلّ أبرزها دعم عملية التحوّل الديمقراطي ومفاهيم حقوق الإنسان والمواطنة، والاهتمام بنشر ثقافة عدم التمييز، واحترام التعددية، وتعزيز مبدأ الكوتا كتمييز إيجابي إلى حين يعتاد المواطنون على رؤية المرأة في مواقع السلطة.

أمّا المنسق المقيم للأمم المتحدة بالإنابة ومنسق الشؤون الإنسانية في الأردن غلام محمد إسحق زي، فلفت إلى أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي تشغل فيها النساء، في المتوسط، أقلّ من 20% من المقاعد المنتخبة في البرلمانات، مشيراً إلى أنّ الأردن تبنّى مبادرات لإصلاح الأطر القانونية والمؤسسية لتعزيز إشراك المرأة بشكل أكبر في السياسة، والمصادقة على الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق المرأة، وإتاحة الفرص لزيادة تمثيلها السياسي.

وقد أوضحت نائبة رئيسة ائتلاف برلمانيات الدول العربية لمناهضة العنف ضد المرأة ماجدة النويشي أنّ الائتلاف في صدد صياغة ورقة موقف لتقديمها إلى الاتحاد البرلماني العربي لتعزيز دور المرأة في الأحزاب السياسية، تتضمّن عدداً من التوصيات؛ أبرزها التأكد من أنّ كلّ القوانين المتعلقة بالسياسة والحياة العامة مراعية للنوع الاجتماعي وتتضمّن كوتا للمرأة، وتعديل المناهج الدراسية لتعزيز صورة المرأة القيادية، وإصلاح قوانين الأحزاب السياسية كي تكون النساء من الأعضاء المؤسسين للحزب.

على هامش المؤتمر، تواصل "العربي الجديد" مع عدد من الناشطات المشاركات فيه. فقالت العضو السابق بمجلس النواب صباح الشعار لـ"العربي الجديد" إنّ "النظريات التي يُصار الحديث عنها في المؤتمرات وورش العمل والاجتماعات، نريدها أن تتحقّق على أرض الواقع ولا تبقى حبيسة مكان إعلانها". أضافت أنّ "في كلّ الاجتماعات، يتحدثون عن  المرأة الأردنية النموذج، فيما على أرض الواقع لا مشاركة حقيقية للمرأة في صنع القرار ولا مكانة لها في الوظائف القيادية إلا بشكل بسيط".

وتحدّثت الأمينة العامة لحزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد)، العضو السابق في مجلس النواب عبلة أبو علبة "العربي الجديد" عن "آفاق مفتوحة لتطوير العمل السياسي للمرأة عبر الأحزاب السياسية"، مشدّدة على أنّه "من المهم الارتقاء بالعمل السياسي في الأردن من الإطار الفردي إلى الإطار الجماعي عبر الأحزاب".

في سياق متصل، رأت الناشطة النسائية والسياسية روان عبابنة أنّ ثمّة "خللاً في تطوير العمل السياسي المتعلق بالمرأة في الأردن". ولفتت لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الأحزاب التي تسعد لتفعيل مشاركة المرأة وفق تعديلات قانون الأحزاب الجديد الذي اشترط أن يكون 20% من الأعضاء نساءً، تحاول استقطاب النساء لتضعهنّ في لجان نسائية. وهذا يعني أنّ الهدف الأهم هو الإيفاء بمتطلبات ترخيص الحزب وليس الاهتمام بدور المرأة بشكل حقيقي".

وشدّدت عبابة أنّه "من دون إرادة سياسية حقيقية للإصلاح، لن يكون ثمّة تغيير. فالحكومات تتحدّث منذ سنوات عن التنمية السياسية، إنّما في الواقع ثمّة قوة خفية تجعلنا في تراجع مستمر". وتابعت أنّ "في السياسية، لا يمكن فصل النساء عن الرجال، فالجميع يناضل من أجل حقوق المواطنة ورفض الظلم والسعي إلى تغيير الأداء الحكومي ليأتي أفضل وليس فقط الحديث عن قضايا نسوية، الأمر الذي يتطلب تغيير طريقة التفكير بالتنمية السياسية والعمل مع النساء والرجال على حدّ سواء".

المساهمون