الحكومة المغربية ترفض تشديد العقوبات بحق المعتدين جنسياً على الأطفال

الحكومة المغربية ترفض تشديد العقوبات بحق المعتدين جنسياً على الأطفال

17 ديسمبر 2020
من الوقفات الرافضة للاعتداءات الجنسية على الأطفال (Getty)
+ الخط -

رفضت الحكومة المغربية مناقشة مقترح قانون يهدف إلى تشديد العقوبات في حق مرتكبي الاعتداءات الجنسية على الأطفال، في وقت عرفت وتيرة اغتصابهم وقتلهم ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة.

وبرّرت الحكومة رفضها لمقترح القانون، الذي كانت قد تقدمت به المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية (معارض) في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بوجود مقتضيات قانونية جديدة تخص الجرائم والاعتداءات الجنسية على الأطفال في مشروع القانون الجنائي، المعروض على البرلمان المغربي منذ عام 2016 دون أن يرى النور إلى حد الساعة في ظل "انحباس" وتبادل للاتهامات بين الحكومة وأغلبيتها من جهة، وفرق المعارضة من جهة أخرى.

وطالب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان (غير حكومي)، عبد الإله الخضري، بالإسراع بالإفراج عن مشروع القانون الجنائي الذي يظل حبيس رفوف لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب منذ أربع سنوات، ومراعاة التدابير الجنائية والوقائية  قبل الحديث عن تشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال، مضيفا: "هناك ما يكفي من العقوبات ضد المعتدين على الأطفال، لكن الإشكال يطرح على مستوى التفعيل على أرض الواقع، وكذا على مستوى الجانب الوقائي والحمائي للفئات الهشة الأكثر عرضة للاعتداءات".

وقال رئيس المركز، الذي يشكل أحد مكونات الائتلاف المغربي ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، لـ "العربي الجديد": "نحن إزاء وضع غير سوي، إذ لدينا مجرمون لا تصل يد العدالة إليهم، واعتداءات تتم في الخفاء، فيما تنشغل الأحزاب والفرق النيابية بتصفية حساباتها السياسية وبصراعاتها الأيديولوجية، عن إخراج مشروع القانون الجنائي الجديد إلى حيز الوجود، ما يؤثر سلبا على معالجة العديد من القضايا والظواهر المجتمعية".

وكانت المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، قد تقدمت بمقترح قانون يهدف إلى حماية الطفلات والأطفال من جرائم الاعتداءات الجنسية، معتبرة أن تلك الاعتداءات "تبقى نقطة سوداء في مجال حقوق الطفل، ما يتطلب يقظة وطنية، وتغيير الترسانة القانونية في اتجاه التشديد، على اعتبار أن القوانين الحالية عاجزة عن ردع جناة الاستغلال الجنسي للأطفال، ومقيدة للقضاء".
ودعا الحزب المغربي في المذكرة التقديمية لمقترح القانون إلى عدم التساهل مع جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، لافتا إلى أن "المشرع اليوم، أصبح ملزماً بالتدخل لوضع حد لاستمرار مظاهر الاعتداء والاستغلال الجنسي للطفلات والأطفال من خلال وضع مقتضيات زجرية مشددة ضمن المنظومة الجنائية، في أفق إعداد قانون لحمايتهم".

وحدّد المقترح  تعريف الاعتداء الجنسي، وعقوبته التي تصل إلى 30 سنة سجنا، وغرامة 500 ألف درهم (نحو 54 ألف دولار)، بحسب الحالات، كما حدد المقترح عقوبة الاستغلال الجنسي للأطفال بين السجن 10 سنوات والسجن المؤبد، وغرامة قد تصل إلى مليون درهم (108 آلاف دولار).

طلاب وشباب
التحديثات الحية

واعتبر حزب التقدم والاشتراكية أن "جريمة الاستغلال الجنسي ضد الطفلات والأطفال، تتخذ عدة أشكال وصور، بدءا بالتغرير والإغراء، مرورا بالتحرش الجنسي، وهتك العرض، والاغتصاب المقرون بالعنف، وقد تنتهي بالتعذيب والقتل، ودفن الجثة"، مسجلا غياب إحصائيات دقيقة حول الظاهرة.

ويعيش الشارع المغربي حالة من الغضب بعد توالي حوادث اغتصاب وقتل الأطفال، والتي كان من أبرزها اكتشاف جثمان طفلة تعاني من إعاقة حركية وذهنية متحللة في إحدى قرى محافظة زاكورة (جنوب شرق)، بعد 42 يوما من اختفائها في ظروف غامضة، وجريمة اغتصاب وقتل الطفل عدنان في مدينة طنجة، في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي، والذي كان اختفاؤه لغزاً محيراً، قبل أن يتم العثور على جثته.
وطالبت منظمات تُعنى بقضايا الطفولة بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية مع تزايد جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، كما عمدت منظمات غير حكومية إلى إثارة نقاش حول صرامة القوانين المغربية. وفي غياب الإحصاءات الدقيقة حول الاعتداءات الجنسية على الأطفال، كشفت دراسة صدرت العام الماضي، عن مؤسسة "الطفولة العالمية" الأميركية، عن حلول المغرب في المرتبة 34 من بين 60 دولة.

وينصّ القانون الجنائي المغربي الحالي على معاقبة أفعال هتك العرض أو محاولة هتكه، في حقّ كلّ طفل أو طفلة، بعقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وتتضاعف العقوبة في حالة اقتران هتك العرض بالعنف، فيُحكم على المتهم بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة، أمّا الاغتصاب المرتكب في حقّ فتاة تقلّ سنّها عن 18 سنة، أو العاجزة أو المعوّقة أو الحامل، فيُعاقب عليه بالسجن من عشر إلى عشرين سنة، وتتضاعف العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممّن لهم وصاية عليها.


 

المساهمون