التعليم في الإمارات يُثقل كاهل الوافدين

التعليم في الإمارات يُثقل كاهل الوافدين

14 أكتوبر 2014
يضطر الوافدون إلى تسجيل أولادهم في المدارس الخاصة(فرانس برس)
+ الخط -

بدء العام الدراسي في الإمارات العربيّة المتحدة، يرهق الأهالي بشكل يفوق الوصف. ويقع الوافدون بالذات، تحت ضغوط ماليّة كبيرة، بخاصة مع تسديدهم دفعات القروض السكنيّة وإيجارات المنازل المرتفعة.

والعبء الأكبر يقع على الوافدين لا على المواطنين، لسبب رئيسي وهو أنّ المدارس الحكوميّة تقتصر على أبناء المواطنين. وكنتيجة لازدياد عدد السكان الوافدين من العالم العربي وبخاصة العراق وسورية واليمن وليبيا، تضخّم عدد الوافدين وتجاوز 80 في المائة من سكان الإمارات. وهو ما يشكل ضغطاً كبيراً على المدراس الخاصة لاستيعاب الكمّ الهائل من التلاميذ.

ماجدة محمد أم لثلاثة أطفال، سجّلتهم في مدرسة أميركيّة في منطقة الورقاء في ضواحي دبي. تقول: "ليس معقولاً أن تزداد أقساط المدارس بنسبة 20 في المائة، ما يسبّب لنا ضغطاً كبيراً". تضيف أنّ هذه الزيادة تأتي "بعد الزيادة التي حصلت في الإيجارات، ما يرهق ميزانيّة العائلة إلى أقصى الحدود".

أما كامل محسن وهو أب لولدَين سجّلهما في مدرسة أميركية في الشارقة، فيقول: "بعض الشركات والمؤسسات الحكوميّة تدفع تكاليف المدارس، في الوقت الذي تخلى معظمها عن ذلك. وهو ما أثّر في مستوانا المعيشي، فاضطررنا إلى اقتطاع التكاليف الباهظة للمدراس مما نجنيه لتأمين لقمة عيشنا".

وعلى الرغم من ذلك، لا يقتصر الوضع على الوافدين. فالمواطن الإماراتي سعيد الكعبي نقل أولاده من المدرسة الحكوميّة إلى مدرسة خاصة. ويقول: "أفضّل المدارس الخاصة، لأنّ الانضباط فيها أكبر. ولأنني أريد أن استثمر في الأولاد، بخاصة في تعليمهم اللغة الإنكليزية. فعالم الوظائف لا يتقبل من لا يجيدها".

لكنّ الزيادة في الأقساط تطرح إشكاليّة أساسيّة لدى الأهل: "هل ثمّة تحسن في مستوى التعليم في المقابل؟". يقول مصطفى المرزوقي وهو أحد أولياء أمور التلاميذ: "في الحقيقة لا نلمس أي تغيير أو تحسين في المناهج الدراسيّة. حتى أن معظم المدارس تستخدم المعلمين من مستويات متدنيّة لكي تدفع لهم رواتب أقلّ. فلتوظيف أصحاب المهنة، تكاليف عالية. وهو ما تتجنبه المدارس بمعظمها". يضيف:" لا تجديد في الأنشطة الطالبيّة، ولا تحديث في الأجهزة التكنولوجيّة في المدرسة، لذلك فإننا لا نجد أي مبرّر لهذه الزيادات".

من جهتها، تذهب مديرة جهاز الرقابة المدرسيّة في هيئة المعرفة والتنمية البشريّة في دبي فاطمة بالرهيف، للقول إنّ "أكثر من 50 في المائة من المدارس تتمتع بمستوى جيّد وممتاز، فيما بقيّة المدارس مستواها مقبول. وذلك يعني أنّ نصف المدارس تعاني من تدني مستوى التعليم". وتضيف أنّ هيئة المعرفة تحرص على إصدار تقارير سنويّة عن مستوى المدراس الخاصة".

ويلاحظ في إطار الزيادات الماليّة هذا العام، أنّها كانت أقلّ في إمارة الشارقة عنها في إمارتَي أبوظبي ودبي. فقد حدّدت منطقة الشارقة التعليميّة زيادة الرسوم ولعدد محدّد من المدارس، بنسبة تتراوح ما بين 2 إلى 5 في المائة فقط، في الوقت الذي تصل فيه هذه الزيادات في مدارس أبو ظبي ودبي إلى نحو 20 في المائة.

ولا تقتصر التكاليف على الأقساط المدرسيّة. فللمستلزمات أيضاً حصتها من إرهاق الأهالي. وعلى سبيل المثال، يصل سعر الحقيبة المدرسيّة إلى 300 درهم (82 دولاراً أميركياً).
وفي هذا الإطار، يطالب عدد كبير من الوافدين بالسماح لأبنائهم بالتعلّم في المدارس الحكوميّة في دوام مسائي، واستحصال رسوم دراسيّة متوازنة منهم. إلا أن هذا المطلب لم يتحقق حتى اليوم، بخاصة وأنّ المدارس الخاصة باتت تجارة رائجة، تحقق أرباحاً طائلة لا يمكن لها أن تتوقف أبداً. كذلك، فإنّ المصارف والمؤسسات الماليّة باتت تساهم في العمليّة، عبر تقديم قروض دراسيّة للأهالي يسددونها شهرياً. وهو ما يوفّر عليهم أعباء دفع المبلغ كاملاً في بداية العام.

في المقابل، ثمّة من يلجأ إلى تسجيل أطفاله في مدارس ذات تكلفة منخفضة، هرباً من تلك الزيادات. لكنّ تلك المدارس ذات مستوى تعليمي متدنّ. كذلك، قد يلجأ بعض الوافدين إلى إرسال أولادهم إلى بلدانهم الأصليّة من أجل الالتحاق بالمدرسة. أما فئة من الأهالي، فتعلّق تعليم أبنائها مؤقتاً، بسبب عدم قدرتها على دفع التكاليف من جهة، وعدم قدرتها على إعادتهم إلى بلدانهم من جهة أخرى، بسبب الأحوال السياسيّة التي تعانيها بعض البلدان العربيّة. وهكذا يرزح الطلاب من أبناء الوافدين، تحت وطأة الرسوم المرتفعة في الإمارات والظروف الصعبة في بلدانهم الأصليّة.