محمود العلي... الرياضي الذي قضى تعذيبًا بسجون الأسد

محمود العلي... لاعب كرة القدم الذي قضى تعذيباً بسجون الأسد

04 اغسطس 2018
ضحية التعذيب محمود العلي(فيسبوك)
+ الخط -
أسماء جديدة لضحايا قضوا تحت التعذيب تصل تباعا لدوائر النفوس في المدن السورية، وأحدثها تلقي مدينة الحسكة قائمة جديدة بأسماء أبنائها المعتقلين، ومن بينهم لاعب نادي فريق "الجزيرة" السوري لكرة القدم، محمود العلي. نعاه نشطاء ورياضيون سوريون، ودانوا قتله تحت التعذيب من قبل النظام السوري، مستنكرين محاولات النظام طمس جرائمه البشعة ضد المعتقلين، ورفضه تسليم جثث الضحايا لذويهم.

ويقول رئيس اتحاد كرة القدم التابع للهيئة الرياضية السورية نادر الأطرش، في شهادته عن العلي لـ"العربي الجديد ": "اللاعب محمود العلي أعرفه منذ كنت في الاتحاد السوري لكرة القدم قبل انشقاقي عنه، كان لاعبا في نادي الجزيرة وتدرج في فئاته من الناشئين إلى الشباب ووصل إلى مرحلة الرجال. اعتقل لأسباب مجهولة بعد تقرير أمني بشهر أغسطس/آب 2014، وبقيت أخباره مفقودة وغامضة عن سبب اعتقاله والجهة التي اعتقلته. وحسب المعلومات الأولية، فإنه احتجز في فرع التحقيق العسكري، وتفاجأنا للأسف بنبأ وفاته".

وتابع "لمحمود شقيقان شعيب العلي لاعب نادي الوحدة والآخر لاعب نادي الجزيرة، وسبق لشعيب أن أخذ ضمانات من رئيس اتحاد كرة القدم السوري فادي الدباس، بالبحث عن مصير أخيه ومساعدته في الإفراج عنه، لكن النظام أثبت أنه بلا ذمة أو ميثاق أو ضمير، ومن المفترض كما يقولون لا علاقة للسياسة بالرياضة، وأحد اشقاء اللاعب يمثل منتخب سورية وهم لم يأخذوا بموقف شقيق اللاعب وتمت تصفيته تحت التعذيب".

وأضاف الأطرش: "لم أحتك بمحمود شخصيا لكن كنت أراه خلال المباريات، ومحمود العلي ابن بيئة بسيطة طيب المنشأ، وكان طموحا ويسعى للاحتراف الداخلي، وكانت أندية الشمال السوري والمنطقة الشرقية أندية فقيرة، فكان الطموح دائما بتطوير مستواهم ضمن أنديتهم للانتقال لأندية أخرى. وكان محمود من بين هؤلاء وبذل مجهودا في هذا الاتجاه، كان من اللاعبين ذوي المستقبل الجيد، لكن الاعتقال أنهى هذا الطموح ليقضي تحت التعذيب في معتقلات النظام".

"كان محبوبا وذا خلق طيب ومعروفا لدى أهالي الحسكة بهذا"، هذا ما أوضحه أحد لاعبي فريق نادي "الجزيرة" لكرة القدم لـ"العربي الجديد"، رافضا ذكر اسمه لدواع أمنية وحرصا على أهله. وقال اللاعب: "خلال فترة سيطرة الجيش الحر على حي غويران بمدينة الحسكة كان اللاعب محمود في اللاذقية مع باقي فريق الجزيرة، وكان يأتي لحي المرديان في المدينة خلال زياراته للحسكة، واستمر على هذه الحال حتى خرج مقاتلو الجيش السوري من حيّ غويران، فكان من بين كثيرين من الناس الذين توجهوا فورا إلى الحي لتفقد منازلهم وممتلكاتهم فيه، وبالفعل عاد وتفقد منزله وبشكل طبيعي دون أي مضايقات".




وتابع "بعد فترة كان محمود متجها لمحل هواتف محمولة معروف في الحسكة، يتردد إليه كالعادة لشحن رصيد جواله الخاص، ليتفاجأ هذه المرة بمداهمة رجال الأمن للمحل واعتقاله، وذلك بتقرير كيدي من أحد عملاء رجال الأمن دون معرفة فحوى أو ماهية التقرير وأسباب الاعتقال".

وأضاف "هنا بدأت معاناة أهله وبدأوا بالبحث عن وسيلة للإفراج عنه، منها عبر رئيس الاتحاد الرياضي لكرة القدم فادي الدباس الذي كان يطمئن إخوته أن محمود بخير وسيتم الإفراج عنه، وأنه يسعى بذلك، ومنها عن طريق دفع رشاوى ومبالغ مالية كبيرة لرجال أمن وعناصر من المخابرات لمعرفة أخباره وأين هو ومحاولة الإفراج عنه وإخراجه من السجن، لكن بحسب معلومات عدة فإن موت محمود لم يكن بهذه الفترة إنما قضى تحت التعذيب في عام 2015، الأمر الذي عرفناه أخيرا، وكان أهله يجهلونه".

وقال "اللاعب": "في الفترة التي سبقت اعتقال محمود كان يتطور في اللعب تطوراً متسارعا وملحوظا، وسعى جدياً ليثبت وجوده كلاعب سوري متميز، وتلقى عرضا من نادي جبلة وآخر من نادي النواعير، ليبدأ بمسيرة الاحتراف الداخلي، لكن كان لديه شغف وحب لنادي الجزيرة وعلمه، فرفض هذه العروض حينها وبقي متمسكا بالحفاظ على مكانه في النادي وسعى عبره للمنافسة والتطور".

وفي سياق حديثه قال: "صراحة لا ندري ما الذي كان يقاسيه في السجن وكيف قضى تحت التعذيب، كانت أخباره منقطعة، ولا أعلم إن تمكن أخوه شعيب العلي لاعب نادي الوحدة السوري من معرفة شيء عن محمود، فسنوات اعتقاله كافية حقيقة لتحطيم جبل وليس إنسانا رقيقا وطيبا كمحمود، يتمتع بأخلاق رياضية لا مثيل لها في الملعب. نسأل الله الصبر والسلوان لأهله".

ويذكر أن الكثير من لاعبي كرة القدم في سورية قتلوا تحت التعذيب أو لوحقوا من قبل قوات النظام السوري، ومنهم لاعب المنتخب السوري وفريق نادي الكرامة جهاد قصاب الذي قضى تحت التعذيب بسجن صيدنايا في شهر سبتمبر/أيلول عام 2016.