حكم الإعدام في الجزائر بيد الشعب

حكم الإعدام في الجزائر بيد الشعب

25 نوفمبر 2014
غالباً ما يعاني مرتبكو الجرائم أمراضا نفسية (فرانس برس)
+ الخط -
حتى الآن، ما زال النقاش مستمراً حول تجميد عقوبة الإعدام في الجزائر، بعد دعوات كثيرة لرفع التجميد، على خلفية زيادة جرائم اختطاف الأطفال وقتلهم خلال السنوات الأخيرة، علماً أن وزارة العدل كانت قد رفضت دعوات تطبيق هذه العقوبة بحق مختطفي الأطفال فقط.
أخيراً، أعلن وزير العدل، الطيب لوح، أن تطبيق حكم الإعدام في البلاد يتطلّب نقاشاً واسعاً وموضوعياً على مستوى مختلف فئات المجتمع، ويحتاج إلى استشارة شعبية واسعة بعيداً عن المؤثرات الظرفية والقناعات المسبقة. وفي ما يتعلق بتوقيف تطبيق الحكم بالإعدام قبل سنوات طويلة، وسط ارتفاع نسب الإجرام والخطف، أوضح أن للمسألة "أبعاداً قانونية وسياسية واجتماعية وأخلاقية"، معتبراً أن موقف الجزائر في هذا الإطار يجب أن يكون "منسجماً مع خصوصيات المجتمع التي اختبرت على مر التاريخ تجارب عدة في هذا المجال".
أضاف الوزير أن قرار توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجزائر بدأ عام 1993، وما زال سارياً لأسباب وظروف معروفة، مشيراً إلى أن "العديد من الدول اتخذت هذا القرار بالرغم من أن تشريعاتها تنص على عقوبة الإعدام". كذلك، لفت إلى أن "الجريمة والعقاب المناسب تعدّ مسألة جدلية في المجتمعات الحديثة، بسبب أبعادها القانونية والإنسانية والاجتماعية"، موضحاً أنها "ما زالت تخضع للنقاش بين مختلف التيارات الفكرية، حتى في الجزائر". أيضاً، أشار إلى أن "العقوبة الفعالة بالمفهوم الحديث ليست تلك التي تهدف إلى الانتقام أو إلحاق الأذى، بل التي تحمي المجتمع انطلاقاً من فهم الأسباب الشخصية والاجتماعية التي تؤدي لارتكاب فعل جرمي، لتكون أكثر ملاءمة مع شخصية الجاني".
وكان طرح مشروع قانون لإلغاء عقوبة الإعدام قد أثار جدلاً كبيراً بين أنصاره ومناهضيه، علماً أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام ليست جديدة في الجزائر. بدأ ذلك قبل نحو ربع قرن، مع دخول البلاد مرحلة التعددية الحزبية. ومنذ 24 فبراير/ شباط عام 2010، صارت في صف الدول المناهضة لعقوبة الإعدام. المهتمون بهذه الموضوع قلّة، لا يتعدون مجموعة صغيرة من رجال القانون والعاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى عدد من وسائل الإعلام. ولا يبدي المجتمع أيّ اهتمام بهذه المسألة.

يرى المؤيدون لإلغاء الإعدام أن هذه العقوبة تعدّ انتهاكاً للحق في الحياة، عدا عن اعتبارها قاسية وغير إنسانية وحتى مهينة. وغالباً ما تتم الاستعانة بهذه العقوبة في الجرائم السياسية، والمحاكمات غير عادلة، علماً أن شروط إصدار أحكام الإعدام غير متوفرة، وتنفيذ هذه العقوبة لا يترك مجالاً لإصلاح الخطأ القضائي عند وقوعه، على حد قولهم. أيضاً، يفترض بهذه العقوبة أن تكون رادعة، إلا أنهم يجزمون بعدم وجود أي دليل على ردعية هذه العقوبة. وطالما أن القانون الجزائري وضعي، وأحكام الشريعة غير مطبّقة في جميع الأحكام الجزائية والجنائية، فلماذا يقتصر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على عقوبة الإعدام وحدها؟
يستند هؤلاء أيضاً إلى دراسات أصدرتها مؤسسات علمية بالإضافة إلى منظمة العفو الدولية، التي تقول إن مرتكبي الجرائم غالباً ما يعانون من أمراض نفسية وعصبية. لذلك، فإن الجرائم التي ارتكبوها وأدينوا بها ترتبط مباشرة بتلك العلل والأوضاع الاجتماعية التي كانوا يعانون منها ويعيشون تحت وطأتها. كذلك، فإن بعض الذين جرى إصدار أحكام الإعدام بحقهم، تبيّن لاحقاً أنهم أبرياء، لم يرتكبوا أية جرائم، وقد ارتكبت أخطاء أثناء التحقيق، وزوّر الشهود أقوالهم خلال المحاكمة، ما أدى إلى صدور وتنفيذ أحكام إعدام لم يعد تصحيحها ممكناً.
وبحسب إحصائيات منظمة العفو الدولية، فإن ما يزيد على عشرين ألف محكوم في العالم ينتظرون حكم الإعدام، و95 في المئة من أحكام الإعدام خلال السنوات الخمس الأخيرة نفّذت في أربع دول، منها الولايات المتحدة والصين. ومنذ عام 1985، ألغت 40 دولة عقوبة الإعدام نهائياً، وقد ارتفع العدد في الوقت الحالي.
وقد ألغيت هذه العقوبة كلياً في 73 دولة، فيما ألغت 13 دولة أخرى حكم الإعدام في ما يتعلق بالجرائم العادية، في حين أبقتها 83 دولة تقريباً (بينها معظم الدول العربية). منذ عام 1999، لوحظ تقدّم في عدد البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام، بمعدل ثلاث دول سنوياً. تجدر الإشارة إلى أن العالم يحتفل سنوياً في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول، باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام.