الجيش في العريش: ممنوع المرور.. سيتم إطلاق النار

الجيش في العريش: ممنوع المرور.. سيتم إطلاق النار

18 نوفمبر 2014
التوجس الأمني يوتر حياة المواطنين (Getty)
+ الخط -

طلقات تحذيرية في الهواء على مدار اليوم، اتصالات مقطوعة معظم الوقت، حظر تجوال لمدة 14 ساعة يوميّاً، أزمة وقود تفرض انتظاراً طويلاً أمام محطات البنزين: هكذا يدفع سكان العريش ثمن "الحرب على الإرهاب" في شمال سيناء.

ومنذ إعلان السلطات المصرية الحرب على الإرهاب قبل أكثر من عام، والتوتر والقلق يخيمان وبوضوح على المدينة المطلة على البحر المتوسط، التي كانت في ما سبق مصيفاً يرتاده سكان القاهرة، ويقطنها قرابة 170 ألف نسمة، باتوا يعيشون منذ هذا الهجوم في ظل حالة الطوارئ ويلتزمون بحظر التجوال من الخامسة مساء وحتى السابعة صباح اليوم التالي.

ولا يخفي أهالي العريش تململهم من أوضاع معيشية باتت بالغة الصعوبة، يضاف إليها شعورٌ دفينٌ، تشكل على مدى عقود بالتهميش.

مشكلة
وكان الغضب واضحاً في المدينة، الأربعاء الفائت، غداة اكتشاف سيارة مفخخة وقيام أجهزة الأمن بتفجيرها وسط حي سكني، مما أدى إلى إصابة عشرة أشخاص على الأقل، إضافة إلى أضرار مادية في المنازل والمحال المجاورة.


ويتداول سكان المنطقة التي وقعت فيها هذه الحادثة رواية واحدة: قام الأهالي بإبلاغ قوات الأمن عن وجود سيارة مريبة مغطاة لا يعرف صاحبها، قرابة الساعة الخامسة عصراً، وبعدها بأربع ساعات تقريباً قامت الشرطة بتفجيرها.

ومثل كثيرين غيره يتساءل وائلُ الذي كان يتفقد موقع التفجير وما خلفه من دمار لواجهات المحلات والمنازل في الشارع الرئيسي المحاذي للبحر "لماذا انتظرت قوات الأمن كل هذا الوقت، ثم فجرت السيارة في مكانها وسط المنازل والمحلات، لماذا لم تفكك القنبلة أو تنقل السيارة إلى مكان آخر قبل تفجيرها".

وعبر وائل عما يشعر به قسم كبير من سكان العريش، بشأن جدوى الوجود الكثيف للجيش والشرطة "إذا كانوا غير قادرين على حمايتنا، فلماذا جاؤوا؟ ليرحلوا وليتركوا الأهالي يتدبرون أمورهم بأنفسهم مع الإرهابيين".


وبكلمات أكثر حذراً، يقول تاجر في العقد السابع من العمر طلب عدم الإفصاح عن هويته "لعلهم (الجيش) ينجحون في الوصول إلى الإرهابيين، لا أعرف كيف يعملون، ولكني لا أعتقد أن لديهم معلومات أو مصادر للمعلومات، والأهالي يخافون من التعاون معهم، خصوصاً بعد أن تم قتل أشخاص عدة كانوا يمدون أجهزة الأمن بالمعلومات".

وكان يشير إلى العثور على جثث ثمانية أشخاص "مقطوعي الرأس" في شمال سيناء في أغسطس/آب الماضي، وتبني أنصار بيت المقدس إعدام أربعة منهم.

ويتابع الرجل، الذي يحمل وراءه خبرة سنوات طويلة عايش خلالها الاحتلال الإسرائيلي لمدينته ما بين عامي 1967 و1979 "الإسرائيليون عندما يرغبون في تصفية شخص، يستهدفونه في عملية دقيقة تؤدي إلى مقتله وحده من دون أن يمسوا من يجلس بجواره، لماذا لا يستخدم الجيش المصري الأساليب نفسها؟".

الأسباب متعددة

وللتململ أسباب جلية لا تحتاج إلى عين فاحصة: الاتصالات الهاتفية وشبكات الإنترنت تقطع كلها بشكل عام طوال ساعات النهار، من أول ضوء حتى آخر ضوء، وأحياناً تقطع كذلك في ساعات الليل، ما يؤدي ليس فقط إلى صعوبة التواصل الاجتماعي، وإنما أساساً إلى تعطل الأعمال في مدينة يعمل قطاع كبير من سكانها في التجارة.

وإذا كان الأهالي اعتادوا على قطع الاتصالات منذ إطاحة مرسي وبدء عمليات عسكرية للجيش في شمال سيناء، فإن حظر التجوال فرض مزيداً من القيود على أعمالهم وحياتهم اليومية.

وابتداء من الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف، يهرول الجميع للعودة إلى المنازل قبل سريان الحظر، فالجيش والشرطة لا يمزحان ويبدآن في إطلاق طلقات تحذيرية في الهواء بمجرد أن تقترب عقارب الساعة من الخامسة مساء.

وواقع الأمر أن سكان العريش يسمعون دوي الطلقات صباحاً ومساء. فمصفحات الجيش والشرطة تتجول مسرعة، ليل نهار، في المدينة التي أغلقت العديد من شوارعها بتحصينات رملية وأسلاك شائكة، وخصوصاً قرب مراكز الشرطة ونقاط تمركز الجيش.

كما توجد كمائن ثابتة في مناطق عدة، ولا يتردد الجنود الموجودون فيها في إطلاق النار في الهواء إذا حدث أي شيء، حتى لو كانت مشاجرة بين راكبي سيارات أدت إلى اختناق مروري لبضع دقائق.

وقرب أحد مراكز الشرطة في ضاحية المدينة، وُضعت لافتة كبيرة أمام التحصينات التي تغلق الطريق كتب عليها "ممنوع الاقتراب، سيتم إطلاق النيران".

ومنذ أيام عدة، أضيفت مشكلة جديدة إلى أهالي العريش، بسبب نقص وقود السيارات الذي يضطر أصحابها إلى الانتظار في طوابير تصل في بعض الأحيان إلى أربعة كيلومترات أمام محطات البنزين.

وخلال الأسبوعين الأخيرين قامت قوات الأمن باقتلاع أشجار الزيتون من مئات الأفدنة في المزارع الواقعة على جانبي الطريق الدائري للمدينة، الذي شهد العديد من الهجمات ضد الجيش.

وقال صاحب إحدى هذه المزارع، رافضاً ذكر اسمه، "اقتلعوا الأشجار لأنهم يعتقدون أن المسلحين يختبئون بها بعد تنفيذ هجماتهم". ويضيف "انخلع قلبي على هذه الأشجار، ولكن عندما أرى الناس تموت على شاشة التلفزيون أقول، إن أي شيء يهون طالما أنني وأسرتي بخير".

غير أن القلق والحذر في العريش ليسا حكراً على الأهالي. وبحسب مسؤول في المدينة فإن القيادات الأمنية لا تستطيع التحرك "وأَسِرَّتها داخل مكاتبها".

توسيع منطقة العزل

وكانت السلطات المصرية قررت، أمس الاثنين، مضاعفة عرض مساحة المنطقة العازلة على الشريط الحدودي في مدينة رفح، في سيناء، لتصل إلى كيلومتر واحد (1000 متر).

وأوضحت وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية الرسمية، أن قرار زيادة المساحة من 500 متر إلى ألف متر، يأتي "كمرحلة ثانية وصولاً إلى تحقيق الأمن القومي للبلاد، خصوصاً مع اكتشاف أنفاق تحت الأرض تبلغ أطوالها ما بين 800 إلى 1000 متر".