النموذج العربي

النموذج العربي

27 اغسطس 2018
"لماذا تتحكم السعودية وحدها في مكة؟" (الأناضول)
+ الخط -
يظن كثيرون أن الحكومات العربية هي الأسوأ على كوكب الأرض، وربما كان لديهم بعض الحق، لكن حكوماتنا تتشابه في كثير من الأمور مع غالبية حكومات العالم، فجميع الحكومات تتسم بأشكال متباينة من الفساد والتضليل والكذب.

أول مبادئ علم الصحافة، حسب خلاصة خبرة الصحافي الاستقصائي، الأميركي أي إف ستون: "الحكومات تكذب. كل الحكومات تكذب".

الفارق أن العديد من الدول أقرت مبدأ تداول السلطة الذي يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تكذب على شعبها أو تنهب ثرواته، خوفاً من يوم حساب، وإن تأخر.

لا يزال مبدأ تداول السلطة مرفوضاً في غالبية بلادنا، حتى أن الدول العربية القليلة التي عرفت تداولاً شكلياً للسلطة لم تتمكن بعد من إقراره كمبدأ، لكني لا أشك أن هذا الوضع سيتغير رغماً عن الجميع.

كانت لملوك أوروبا سلطات شبه إلهية قبل أقل من مائتي سنة. كان الملك يكرر أنه يحكم باسم الرب، ولا يعارضه رجال الدين. مثلما هو الحال عندنا.

حالياً كل ملوك أوروبا يملكون ولا يحكمون، والوضع مماثل في عدد كبير من ممالك آسيا.
كان للكنيسة في أوروبا قبل بضعة قرون سطوة كبيرة على المجتمع، وقامت حروب بين الدول لمجرد اختلاف الكنائس. الكنائس الأوروبية حالياً ليس لها نفس القوة، ولا السطوة الروحية القديمة.

السيطرة على قرار الفاتيكان مثلاً، كان سبباً في صراعات دموية بين الدول الأوروبية، إلى أن تم إقرار الفاتيكان دولة مستقلة لا تخضع لأي دولة، وإن كانت هناك ضغوط دائمة.

يوماً ما ستتغير بلادنا أيضاً، والتغيير أصبح سريعاً بحكم العصر، فما كان يستغرق في الماضي مائة سنة قد لا يستغرق حالياً عشر سنوات، وقد لا يستغرق في المستقبل سنة واحدة.

يرى صديقي الهولندي أن غالبية مشاكلنا يمكن تجاوزها بسهولة لو أننا نرغب في تجاوزها. أجادله كثيراً، وأعترض على مقترحاته التي لا تناسب الواقع العربي، لكنه يواصل التأكيد على أن المشكلات العربية سببها العرب أنفسهم.

لا يفهم صديقي الباحث الهولندي لماذا تتحكم السعودية وحدها في مكة والمدينة، ولا كيف يوافق أكثر من مليار مسلم في عشرات من دول العالم أن تسمح دولة واحدة لمن تشاء أو تمنع من تشاء من زيارة الأماكن المقدسة، والحل في رأيه هو تطبيق النموذج الفاتيكاني.




أخبره أن هناك محاولات لطرح قضية "تدويل الحرمين"، لكنها لا تلقى دعماً من أغلب الدول الإسلامية، فيكرر: "قلت لك إنكم سبب مشاكلكم". قبل أن ينتقل إلى قضية شائكة أخرى قائلاً: "لو بدأت قضية التدويل فإنها لن تتوقف عند مكة والمدينة، وإنما ستمتد أيضاً إلى وضع القدس".

المساهمون