40 مليون عراقي تحت رحمة المولّدات الخاصة بعد توقف التزويد بالكهرباء

40 مليون عراقي تحت رحمة المولّدات الخاصة بعد توقف منظومة الكهرباء بالبلاد

02 يوليو 2021
محطة توليد خاصة في العاصمة بغداد (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

توقّفت منظومة الكهرباء العراقية، فجر اليوم الجمعة، عن العمل في كلّ مدن ومحافظات العراق، باستثناء إقليم كردستان.

ووصلت نسبة التجهيز (التغذية بالتيار الكهربائي) إلى صفر، بعد توقّف عدد من المحطات الغازية في جنوب البلاد، وتنفيذ هجمات جديدة بدت منسّقة استهدفت أبراج النقل الرئيسة للكهرباء في وسط العراق وشماله وشرقه. 

وقد أدّى ذلك إلى خروج أبراج كثيرة منها عن الخدمة، بالتزامن مع وقف إيران خطوط توريد الكهرباء التي يشتريها العراق من دون سابق إنذار نتيجة تراكم الديون على بغداد.

ويرفض المسؤولون العراقيون جميعاً التحدّث إلى وسائل الإعلام لتوضيح الأزمة وسبب الانهيار الحاصل في الطاقة الكهربائية، على الرغم من أنّ الحكومة تعهّدت سابقاً بما وصفته "صيفاً مريحاً للعراقيين"، من خلال زيادة عدد ساعات تزويد المنازل بالكهرباء إلى أكثر من 16 ساعة يومياً.

ويُعَدّ هذا الانقطاع الأوّل من نوعه منذ أكثر من 30 عاماً، خلال حرب الخليج الأولى عام 1990، عندما توقّفت كلّ محطات توليد الكهرباء عن العمل بشكل كامل، وبلغ معدّل الإنتاج صفراً.

وبحسب رسم بياني للمحطات العراقية التي تعطّلت اليوم الجمعة، فإنّ نحو 14 محافظة عراقية بلا كهرباء حالياً.

وتسجّل محطات كهرباء الدورة والرشيد الغازية في بغداد إطفاءً تاماً، كما أنّ محطة الجنوب، شمال ذي قار خرجت عن الخدمة، والوضع نفسه مع محطات الزبيدية والديوانية الغازية، ومحطة الدجيل الثانوية، ومحطة المنصورية الغازية في محافظة ديالى. كذلك تعطّلت محطة المسيب في بابل، نتيجة حريق أدّى إلى سقوط أحد نواقل الطاقة الرئيسة.

وعند تواصل "العربي الجديد" مع المتحدّث الرسمي باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، اعتذر عن عدم الردّ، قائلاً إنّ "الوزارة في صدد دراسة جملة من القضايا، وقد يصدر بيان يشرح المشكلة التي تعرّضت لها المحطات الكهربائية في عموم البلاد".

في الإطار نفسه، قال مسؤول في وزارة الكهرباء العراقية، فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إنّ "انهياراً شبه كامل في منظومة الكهرباء أدّى إلى بلوغ معدّل التجهيز صفراً في كلّ محافظات العراق، عدا إقليم كردستان"، مضيفاً أنّ "الانهيار الحاصل له أسباب عدّة، أوّلها وقف إيران خطوط الاستيراد التي كانت تجهّز العراق بأكثر من 1200 ميغاواط، وتقليل نسبة ضخّ الغاز المستورد كذلك لتشغيل محطات الطاقة، بالإضافة إلى هجمات واعتداءات تعرّضت لها خطوط نقل الطاقة ليلة أمس الخميس، ما أدّى إلى تشغيل بعض المحطات نظام الحماية الذاتية فعطّلت نفسها".

من جهته، رجّح مسؤول آخر، فضّل كذلك عدم الكشف عن هويته، أن "يُصار الاعتماد على المولّدات الأهلية (الخاصة) في الوقت الحاضر لتجهيز العراقيين بالكهرباء"، مبيناً أنّ "وزارة النفط تدرس منح أصحاب المولّدات حصصاً إضافية من الوقود بأسعار مخفّضة جداً للمساهمة في أطول مدد تشغيل للمولّدات".

ولفت المسؤول ذاته، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "تلك المولّدات عملياً، ومنذ أيام، تمنح المنازل أكثر من 70 في المائة من الطاقة اليومية، في حين أنّ الكهرباء المجهّزة من الدولة توفّر أقلّ من 30 في المائة، حتى على مستوى بغداد".

وخلال الساعات الماضية، تصدّر قائمة الترند في العراق وسم #ماكو_كهرباء، وتداول العراقيون تغريدات ومنشورات بعضها كان غاضباً، وقد دعت أخرى إلى احتجاجات في البلاد، مع العلم أنّ مناطق في العراق شهدت في الأيام الماضية احتجاجات على الواقع الخدمي، لا سيّما الكهرباء في ذي قار والبصرة وواسط والنجف والديوانية.

وغرّد السياسي الكردي ماجد شنكالي، عبر "تويتر"، أنّ "منظومة سياسية لم تستطع إصلاح منظومة الكهرباء خلال 18 عاماً لا يحقّ لها أن تستمرّ في الحكم مهما كانت المبررات والأعذار"، أضاف: "وأثبتت أنّ الدكتاتورية أفضل بكثير من الديمقراطية الصورية في تقديم الخدمات لشعوبها".

أمّا الناشط العراقي رسلي المالكي فأشار، في تغريدة، إلى أنّه "في هذه اللحظات... العراق خارج الحضارة حرفياً. انهارت شبكة الكهرباء الوطنية بالكامل!!".

وكان العراق قد شهد، ليلة أمس الخميس، احتجاجات متفرّقة في مدن عدّة جنوبي العراق نتيجة انقطاع التيار الكهربائي. 

وبحسب ما سجّله "العربي الجديد" في البصرة، فمدن ومناطق عدّة في المحافظة الغنية بالنفط والمطلة على مياه الخليج العربي شهدت تجمعات لمواطنين محتجين على انقطاع الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات قياسية، وكذلك نسب الرطوبة.

كذلك، شهدت مناطق المعامل في بغداد وسوق الشيوخ في ذي قار والعمارة والديوانية والبتيرة، جنوبي العراق، تجمعات مماثلة استمرت حتى صباح الجمعة.

وقد طالب المحتجون الحكومة والمسؤولين بالاستقالة، علماً أنّ بعض تلك الاحتجاجات شملت قطعاً للطرقات وحرقاً للإطارات.

يشار إلى أنّ عدداً من مناطق البلاد شهدت، في الأسابيع الأخيرة، هجمات طاولت خطوط نقل الكهرباء. وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية، فإنّ هذه الهجمات ما زالت مستمرة.

وأمس الخميس، أكّدت خلية الإعلام الأمني العراقية مداهمة مخبأ للعبوات الناسفة في محافظة نينوى شمالي البلاد، والعثور بداخله على مواد متفجرة كانت مخصصة لاستهداف أبراج نقل الكهرباء.

المساهمون