30 عاماً على "إعلان ومنهاج عمل بكين" بشأن تمكين المرأة

22 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 22:30 (توقيت القدس)
من اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى حول "خطة عمل بكين +30"، نيويورك، 22 سبتمبر 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، تم التركيز على "خطة عمل بكين +30" لمراجعة التقدم في المساواة بين الجنسين، حيث أكد الأمين العام أنطونيو غوتيريس على أهمية حقوق المرأة كالتزام عالمي.

- شددت رئيسة الجمعية العامة، أنالينا بيربوك، على أن حقوق المرأة جزء من حقوق الإنسان، مشيرة إلى التحديات في السودان والمساواة الاقتصادية التي قد تستغرق 123 عامًا لتحقيقها.

- تقرير مشترك حذر من عدم تحقيق أهداف المساواة الجنسانية، حيث تعيش 10% من النساء في فقر مدقع، ودعا غوتيريس لدعم الجهود لتحقيق المساواة.

في سياق الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عُقد اجتماع رفيع المستوى، اليوم الاثنين، حول "خطة عمل بكين +30" لمراجعة التقدّم المحقّق في مجال المساواة بين الجنسَين وتمكين المرأة وضمان حقوقها، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وذلك بعد 30 عاماً من اعتماد "إعلان ومنهاج عمل بكين" اللذَين يُعَدّان من بين الأطر المرجعية لتحليل وضع المرأة حول العالم وتقييم الجهود التي تبذلها الدول في سبيل تمكينها.

وأشارت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بيربوك، في مداخلتها اليوم، إلى أنّ "حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، ويجب أن يكون ذلك من ضمن الواقع فلا يُعَدّ إنجازاً"، مبيّنةً أنّ لا بلد في العالم تتساوى فيه حقوق المرأة مع حقوق الرجل. وتوقّفت عند الوضع في السودان، ومعاناة المرأة هناك، وسط تعرّض عدد كبير من النساء والفتيات لعنف جنسي، ولا سيّما الاغتصاب، في المناطق حيث يحتدم النزاع"، وأكدت بيربوك أنّ ما يُسجَّل في السودان يتكرّر في خلال نزاعات أخرى.

وفي ما يخصّ المساواة الاقتصادية وتحقيقها بين الجنسَين، قالت المسؤولة الأممية إنّ هذا الأمر سوف يتطلّب 123 عاماً. ولفتت بيربوك الانتباه إلى أنّها المرأة الخامسة التي تترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة في خلال 80 عاماً من تاريخ هذه المنظمة الأممية، في حين أنّ أيّ امرأة لم تشغل منصب أمين عام للأمم المتحدة.

وأُقرّ "إعلان ومنهاج عمل بكين" بتوافق الآراء في عام 1995، عقب اجتماع أكثر من 40 ألف مندوب حكومي وخبير وممثّل عن المجتمع المدني في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، ليمثّلا التزام المجتمع الدولي بتحقيق المساواة بين الجنسَين وتوفير فرص أفضل للنساء والفتيات. وقد أتى منهاج العمل ليكلّل نضال نساء وفتيات حول العالم، في سعيهنّ إلى تحقيق المساواة بين الجنسَين وحقوق المرأة، ويؤمّن استمرارية التزام المجتمع الدولي بمعالجة أوجه عدم المساواة المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وهو أمر ما زال، بحسب ما توضح الأمم المتحدة، وثيق الصلة بوضع المرأة في يومنا هذا، إذ يؤكّد أنّ حقوقها هي من حقوق الإنسان وأنّ المساواة بين المرأة والرجل تعود بالفائدة على الجميع.

ويحدّد منهاج عمل بكين كذلك خطّةً للحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص لحماية حقوق الإنسان للمرأة، وكفالة مراعاة قضايا الجنسَين في كلّ السياسات والبرامج الوطنية والإقليمية والدولية. وتستعرض لجنة وضع المرأة، كلّ خمسة أعوام، التقدّم المُحرز في تنفيذ منهاج عمل بكين.

من جهته، ذكّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس باجتماع بكين الذي عُقد قبل 30 عاماً، تحديداً في سبتمبر/ أيلول 1995 في العاصمة الصينية، مشدّداً على أنّ وجوب ألّا تكون حقوق المرأة أمراً ثانوياً أو منفصلاً عن حقوق الإنسان أو حتّى قابلة للتفاوض. ولفت الانتباه إلى أنّ "إعلان ومنهاج عمل بكين" أتى التزاماً سياسياً عالمياً كان الأكثر طموحاً في ما يخصّ حقوق المرأة على الإطلاق، مؤكداً أنّه أدّى دوراً مهماً في "تعزيز التقدّم في عدد من المجالات الحيوية، بما في ذلك المشاركة السياسية للمرأة والحماية القانونية لها، بالإضافة إلى التعليم وتحسين الصحة الإنجابية والتصدّي للعنف الجندري وغيرها"، وتناول غوتيريس كذلك انتشار الكراهية ضدّ المرأة والتحريض عليها، وشدّد على أنّ وجوب ألّا تكون المساواة مسألة حزبية بل ضرورة وحقاً أساسياً من أجل تحقيق الازدهار والتقدّم.

لكنّ غوتيريس رأى أنّ التقدّم الذي أُحرز كان بطيئاً، ولا سيّما أنّ "الهدف الخامس من التنمية المستدامة، أي المساواة بين الجنسَين، لم يحقّق المستوى المطلوب من المكاسب، وأنّ ما تحقّق حتى الآن جاء بشقّ الأنفس". وتوقّف عند تعرّض كثير من تلك الحقوق للهجوم، بل حتى التراجع في عدد من المناطق، إلى جانب معاناة المرأة أكثر من سواها من جرّاء الكوارث والنزاعات وتغيّر المناخ. وأكد أنّ "التقدّم الذي تحقّق أتى بطيئاً ومتبايناً، كذلك لم تحقّق أيّ دولة المساواة الكاملة، في حين تعرّضت مكتسبات حُقّقت إلى الهجوم. وقد أدّت زيادة النزاعات والكوارث الطبيعية إلى وقوع نساء وفتيات ضحيّة لها".

وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى تقرير مشترك صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية يحذّر من "أن كلّ أهداف المساواة الجنسانية ليست على مسار تحقيقها، إذ تعيش 10% من النساء في فقر مدقع"، أضاف غوتيريس أنّ التقرير توقّع "وقوع أكثر من 351 مليون امرأة وفتاة في براثن الفقر بحلول عام 2030"، إلى جانب حرمان "نحو 708 ملايين امرأة من المشاركة في سوق العمل، بسبب تحمّلهنّ مسؤوليات الرعاية غير المدفوعة الأجر (...) يُضاف إلى ذلك اضطرار النساء العاملات إلى شغل وظائف لقاء أجور منخفضة"، وتابع غوتيريس أنّ التقرير المشترك لفت الانتباه كذلك إلى حرمان نساء كثيرات من ملكية الأراضي والخدمات المالية والوظائف التي تتيح لهنّ فرص الازدهار.

في الإطار نفسه، حذّر غوتيريس من أنّ العنف ضدّ المرأة مستمرّ، إذ تتعرّض "امرأة واحدة من بين كلّ ثلاث نساء لعنف جسدي أو جنسي"، وأكمل أنّ "676 مليون امرأة يعشنَ على بعد نحو 50 كيلومتراً من منطقة نزاع"، مبيّناً أنّ هذا "الرقم الأعلى الذي سُجّل منذ تسعينيات القرن الماضي". كذلك لفت الانتباه إلى التمييز ضدّ المرأة في مجال الذكاء الاصطناعي، فشدّد بالتالي على ضرورة التصدّي للعنف والكراهية على شبكة الإنترنت، وضمان أن تخدم هذه التكنولوجيا المساواة بدلاً من إقصاء المرأة.

ورأى الأمين العام للأمم المتحدة في الاجتماع رفيع المستوى حول "خطة عمل بكين +30" مناسبة إضافية لدعوة قادة العالم لدعم الجهود من أجل تحقيق المساواة بين الجنسَين. وأشار إلى اعتماد لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة إعلاناً سياسياً "يتعهّد بتطبيق إعلان ومنهاج عمل بكين بصورة عاجلة وكاملة"، وشدّد غوتيريس على ضرورة أن تلتزم كلّ الدول بذلك وأن تتحمّل مسؤولية تحقيقها.

المساهمون