25 ألف طالب بلا امتحانات في الحسكة السورية

30 ابريل 2025
لم يسجل طلاب شمال شرقي سورية في قوائم الامتحانات، 26 مايو 2017 (يوسف طه/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثرت العملية التعليمية في شمال شرقي سوريا بعد سيطرة الإدارة الذاتية، حيث أغلقت المدارس الحكومية، مما حرم 60 ألف طالب من استكمال دراستهم، خاصة طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية.
- واجه الطلاب صعوبة في الانتقال للتسجيل للامتحانات بسبب التكاليف وصعوبة التنقل، مما دفع أولياء الأمور للاعتصام أمام "يونيسف" في القامشلي للمطالبة بحل.
- مددت الإدارة الذاتية فترة التسجيل وأبدت استعدادها للتعاون مع وزارة التربية السورية، لكن عدم الرد الرسمي يهدد بضياع العام الدراسي.

سيطرت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية على مناطق كانت خاضعة لسيطرة النظام بعد سقوط حكم بشار الأسد، من بينها ما كان يعرف بـ"المربعات الأمنية" في مدينتي الحسكة والقامشلي، لتدخل العملية التعليمية في المحافظة مرحلة شلل شبه كامل مع إغلاق المدارس الحكومية التي كانت تعتمد مناهج وزارة التربية، والإبقاء على عدد محدود من المدارس الخاصة، من بينها تلك التابعة لهيئات كنسية.
وانعكست هذه التطورات سلباً على نحو 60 ألف طالب وطالبة في مختلف المراحل الدراسية، والذين وجدوا أنفسهم فجأة خارج مقاعد الدراسة، ومحرومين من استكمال عامهم الدراسي في ظل افتقاد البدائل التعليمية. ولحق الضرر الأكبر بطلاب شهادتي الإعدادية والثانوية الذين يبلغ عددهم نحو 25 ألفاً، إذ لم تتفق الحكومة السورية مع الإدارة الذاتية على آلية فتح مراكز للتسجيل في الامتحانات ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، ما يترك آلافاً منهم في مصير مجهول.
وخلال المفاوضات تبادل الجانبان الاتهامات بالتقصير والتعطيل، وأمام غياب الحلول الرسمية، لم يستطع الطلاب تسجيل أسمائهم ضمن قوائم المتقدمين للامتحانات، ما يهدد بخسارتهم العام الدراسي. وزاد المشهد تعقيداً صعوبة انتقال الطلاب إلى محافظات أخرى، مثل دير الزور أو دمشق، لإكمال عملية التسجيل أو التقدم للامتحانات. ونتج ذلك من أسباب في مقدمها صعوبة التنقل، وارتفاع تكاليف السفر والإقامة، والوضع المادي المتدهور لمعظم العائلات التي تعاني أصلاً من أزمة معيشية خانقة.
واعتصم عشرات من أولياء أمور طلاب شهادتي الإعدادية والثانوية في27 إبريل/ نيسان الجاري أمام مقر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في مدينة القامشلي للاحتجاج على استمرار حرمان أبنائهم من حقهم في تقديم الامتحانات بمحافظة الحسكة.
وطالب المعتصمون وزارة التربية في الحكومة السورية وهيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية بالسماح للطلاب بتقديم الامتحانات في الحسكة، وأكدوا أن أبناءهم يواجهون خطر ضياع مستقبلهم التعليمي، كما دعوا إلى تمديد فترة التسجيل للامتحانات، معتبرين أن تأخير الحلول سيؤدي إلى مزيد من الضغوط النفسية والخسائر التعليمية.
يقول عبد الله عليان، وهو معلم متقاعد متحدر من ريف القامشلي لـ "العربي الجديد": "عدم تقديم الطلاب الامتحانات في محافظات الحسكة والرقة وريف دير الزور سيكون صفحة سوداء في تاريخ الجميع، وسيتذكره الطلاب وأولياؤهم والأجيال القادمة".

خسائر تعليمية كبيرة لطلاب شمال شرقي سورية بسبب الخلافات السياسية، 18 يونيو 2013 (لؤي بشارة/ فرانس برس)
طلاب شمال شرقي سورية ضحايا الخلافات السياسية، 18 يونيو 2013 (لؤي بشارة/فرانس برس)

وتقول شهناز موسى، وهي أم لطالبين، لـ"العربي الجديد": "نطالب بأن تحصل الامتحانات في مناطق القامشلي. الوضع الاقتصادي صعب جداً، ويصعب أن يبتعد أطفال صغار عن ذويهم الذي قد يؤثر عليهم على صعيدين المادي والنفسي والمادي".
وتقول فاطمة المحمد، وهي موظفة في مؤسسة البريد بالقامشلي: "تعب الطلاب حقاً. نطالب بتمديد وقت التسجيل لأنه ضيّق جداً، ولا نريد أن يذهب تعب الطلاب هباءً".
من جهته، يوكد عميد كلية الآداب السابق في جامعة الفرات، فريد سعدون، لـ"العربي الجديد" أن "ما يحدث ليس مجرد مشكلة، بل كارثة تهدد المجتمع. كل عائلة وضعت آمالها ومستقبلها في نجاح أبنائها، ونقل الطلاب إلى مناطق أخرى أمر مكلف جداً وسيؤثر على تركيزهم واستعدادهم للامتحان بسبب تغيير البيئة وتكاليف المعيشة المرتفعة".
وبالتزامن مع الاعتصام، مددت الإدارة الذاتية فترة التسجيل، ودعت إلى إجراء الامتحانات، ثم أعلنت هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الجزيرة التابعة للإدارة الذاتية تمديد فترة تسجيل طلاب الصف التاسع والثالث الثانوي حتى بداية مايو/ أيار المقبل.
وفي بيان رسمي، تنصلت الهيئة من مسؤوليتها، وألقتها على وزارة التربية السورية، مؤكدة أنها عقدت لقاءً مباشراً مع وفد وزارة التربية في دمشق في 13 إبريل/ نيسان الماضي، وجرى الاتفاق على نقاط مهمة. وطالبت الوزارة بالرد فوراً على بنود الاتفاق لإنقاذ سير الامتحانات. 

وأوضح البيان أن الهيئة أبدت جاهزيتها الفورية للتنفيذ بإشراف منظمة "يونيسف"، في حين أحالت وزارة التربية الاتفاق إلى الجهات السياسية للمصادقة. وأضاف البيان: "رغم ضيق الوقت وموعد الامتحانات، لم يصدر رد رسمي من قبل وزارة التربية. بذلنا كل جهدنا لإنجاح العملية الامتحانية، ونطالب الوزارة بسرعة التحرك لضمان حقوق الطلاب".
وتتفاقم معاناة طلاب محافظة الحسكة وأسرهم في ظل غياب حلول عملية وسريعة لاستعادة الدراسة وإجراء الامتحانات، وتزداد احتمالية أن يخسر جيل كامل فرصة التعليم التي تشكل ركيزة أساسية لمستقبل المنطقة بأسرها. وبينما يستمر النزاع السياسي على الأرض، يبقى الأطفال والشباب ضحية صراع لا يبدو أنه سينتهي قريباً.

المساهمون