2021: "تهديد الموت الأكبر" لليمنيين

2021: "تهديد الموت الأكبر" لليمنيين

21 ديسمبر 2021
وتيرة عنف قياسية في اليمن هذه السنة (محمد حمود/ Getty)
+ الخط -

لم يرأف العام 2021 بالمدنيين في اليمن مقارنة بالأمان النسبي الذي رافق العامين السابقين. وإلى جانب المجاعة الوشيكة التي تهدد ملايين وتفشي الأوبئة المختلفة، سقط مئات من الأبرياء في التصعيد العسكري الذي بلغ ذروته إثر الهجوم الذي شنته جماعة الحوثيين على مدينة مأرب.
وأجمعت تقارير المنظمات الدولية وتلك الحقوقية في اليمن على أن 2021 كان أحد الأعوام الأكثر دموية وقسوة في البلاد منذ اندلاع النزاع قبل 7 أعوام، وشهد مقتل أكثر من 600 مدني بنيران القصف والعمليات العسكرية في محافظتي مأرب والحديدة وتعز، أو بانفجار ألغام وعبوات ناسفة من مخلفات الحرب.
ولا يُعرف بدقة عدد المدنيين الذين قتلوا خلال أعوام الحرب السبعة في اليمن. وتشير تقارير إلى سقوط 30 ألف شخص، فيما تتحدث منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن مقتل 10 آلاف طفل يمني منذ مارس/ آذار 2015 وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، علماً أن قتلى كُثرا خارج دائرة الرصد.

ودفع سكان مدينة مأرب الثمن الأكبر للنزاع المتصاعد في عام 2021، علماً أن آلاف الأسر أجبرت على إخلاء بيوتها للهرب من القذائف، لكن هجمات مختلفة لاحقتها إلى مناطق مأهولة في المدينة ذاتها، كما حال الطفلة ليان التي تفحمت جثتها في انفجار صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون منتصف عام 2021.
يقول حقوقيون إن "مدينة مأرب استهدفت بهجمات مروعة حصدت أرواح مدنيين أبرياء. لكن المأساة التي تعرضت لها الطفلة ليان وأطفال "دار الحديث" في منطقة العمود، كانت إحدى الأكثر عنفاً والتي لا يمكن محوها من الذاكرة.

ويتواجد أكثر من مليوني شخص في مأرب حالياً غالبيتهم من النازحين المعرضين لخطر دائم من استمرار هجمات الحوثيين. ويقول عبد الرقيب الشرعبي الذي يعمل في القطاع الخاص بمأرب لـ"العربي الجديد": "نحن مهددون بالموت أكثر من أي وقت مضى".
يضيف الشرعبي الذي انتقل إلى مأرب نهاية عام 2017 بحثاً عن مصدر رزق، كما حال آلاف من أبناء مدينة تعز: "تتساقط الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون يومياً، وتهز الأحياء. ومع كل انفجار نترحم على أنفسنا. لقد أصيب أصدقاء لي في هجوم قرب المجمع الحكومي، ونجا آخرون بأعجوبة من هجمات عشوائية".
وزادت وتيرة العنف في شكل قياسي في مأرب خلال الربعين الأخيرين من العام الجاري، إثر انتقال خطوط المواجهات إلى مناطق حضرية وتجمعات للنازحين. وفي مناطق الساحل الغربي، جلبت العمليات العسكرية التي نفذتها القوات الموالية للحكومة عواقب وخيمة للمدنيين.

الصورة
يواجه المدنيون مخاطر كبيرة في تعز (عبد الناصر الصدّيق/ الأناضول)
يواجه المدنيون مخاطر كبيرة في تعز (عبد الناصر الصدّيق/ الأناضول)

ويفيد تقرير حديث للأمم المتحدة اطلعت عليه "العربي الجديد" بأن "العنف المسلح تسبب في سقوط 529 ضحية في صفوف المدنيين خلال الفترة الممتدة بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول الماضيين.
واعتبر سبتمبر/ أيلول تحديداً الأكثر دموية، حيث جرى الإبلاغ عن 233 ضحية بينهم 67 قتيلاً. وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن إلى سقوط حوالى 8 مدنيين يومياً خلال تلك الفترة، وهو ثاني أعلى رقم خلال سنتين.
وفي تعز، واجه المدنيون خصوصاً الأطفال مخاطر كبيرة شملت البلدات الغربية التي تقع بين منطقتي جبل حبشي ومقبنة، ومناطق في الجهة الشرقية.
وعالجت منظمة "أنقذوا الطفولة" 138 طفلاً في تعز والحديدة خلال عام 2021، في حصيلة وصفتها بأنها "مروعة"، وجعلتها تطلق تحذيرات من أن "مزيداً من الأطفال سيقعون ضحايا للحرب الوحشية إذا لم تتعامل كل أطراف النزاع جدياً مع اتفاقات حماية المدنيين".
ويصنّف اليمن بأنه "أحد البلدان الأكثر خطراً على الأطفال" الذين يواجهون هجمات دموية أدت إلى فقدان عشرات منهم أطرافاً في أجسامهم، وبينهم أحمد البالغ 16 عاماً الذي تلقى رعاية طبية من منظمة دولية جعلته يستعيد بعض قدراته على الحركة رغم الإعاقة.
وإلى نيران الأسلحة، تقتل مخلفات حرب غير منفجرة من ألغام أرضية وعبوات ناسفة المدنيين وتشوّههم، وتعرّض العاملين في مجال الإغاثة ووسائل النقل بين الأرياف والمدن إلى مخاطر كبيرة.
وتحتوي مدينة تعز على كميات كبيرة من الألغام التي زرعها الحوثيون في مناطق التماس، والتي تتسبب في حوادث مأساوية لمدنيين كُثر، علماً أن انفجار لغم في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي، خلّف 19 قتيلاً وجريحاً بينهم 15 طفلاً.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتعتبر مناطق الساحل الغربي البؤرة الثانية الأكبر للألغام التي زرعها الحوثيون. وخلال الأسابيع الأخيرة من العام الحالي، سقط عدد من الضحايا المدنيين في مناطق الدريهمي وحيس والتحيتا جنوب الحديدة، والتي عادت إليها الحياة إثر التطورات العسكرية الأخيرة المرتبطة بما يسمى إعادة الانتشار.

المساهمون